كان حلم نجيب محفوظ أن يستكمل دراسات الدكتوراه في الفلسفة. فقدم على بعثة دراسية في الجامعة لكنهم رفضوا! فشكل له ذلك صدمة مريرة. ثم التقى أحد المعنيين وسأله لماذا لم تقبلوني؟ فقال له أنت محفوظ؟ فقال نعم، فرد عليه بما معناه: ظنناك مسيحياً من اسمك الأخير ولأننا ابتعثنا أكثر من مسيحي فتركنا الفرصة لآخرين أي من باب العدالة الاجتماعية. فضاع حلمه، لكنه اضطر أن يضع خطة جديدة لاقتحام فن الرواية، ثم كتب خمسين رواية في خمسين عاماً ليفوز كأول أديب عربي يحصل على جائزة نوبل. ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه. كان يريد باباً آخر!
طه حسين كذلك فقد بصره صغيراً لكنه أصبح عميد الأدب العربي بجلده وإبداعه ودراسته في ربوع باريس بجامعة السوربون.
عملاق الفن الكويتي، عبد الحسين عبد الرضا، قال عنه الفنان المصري سعيد صالح: عبد الحسين جنني.. هو كوميديان عظيم، وعاتبته عن سبب عدم التمثيل في مصر ليكشف للمصريين عبقريته. غير أن الفنان سعيد صالح، لم يكن يعلم أن عبد الحسين كان ممثلاً بديلاً لممثل غاب عن خشبة المسرح فغضب مؤسس المسرح العربي زكي طليمات الذي كان يؤسس بواكير مسرحنا في الكويت. فقال: مين الممثل البديل؟ فرفع عبد الحسين يده ومثل فأبهر زكي طليمات. ولما انتهى قال له حرفياً: «من الحمار اللي خلى دا ممثل بديل»، كناية عن عبقرية عبد الحسين، كما قال بوعدنان حرفياً في لقاء تلفزيوني. فكان موظفاً مغموراً في مطبعة الحكومة ليصبح أشهر ممثل في تاريخ الخليج العربي.
الأمريكية السمراء أوبرا وينفري قبل أن تصبح واحدة من أشهر الإعلاميات في العالم، صدمت من فصلها من أول وظيفة لها كمذيعة أخبار إذ اعتبرت بأنها «غير ملائمة للتلفزيون». لكن هذا الرفض لم يمنعها من مواصلة مسيرتها لتصبح لاحقاً مقدمة أحد أشهر البرامج الأمريكية والعالمية «The Oprah Winfrey Show» الذي حقق نجاحاً منقطع النظير.
ستيف جوبز نفسه بعد أن أسس شركة «أبل»، طرد منها في الثمانينات. غير أنه استخدم هذا الموقف الأليم في إعادة تقييم نفسه وعمله، وقاد شركة «Pixar» للنجاح قبل أن يعود إلى «أبل» ويحولها إلى واحدة من أكثر الشركات نجاحاً في العالم، التي فتحت آفاق التنافس.
أغنى روائية في التاريخ جي كي رولينغ، رفضت روايتها «هاري بوتر» من قبل 12 دار نشر، قبل أن تأخذ طريقها للنشر لتصبح سلسلتها واحدة من أكثر الكتب مبيعاً في التاريخ البشري. وناهزت ثروة المؤلفة البريطانية ثروة ملكة بريطانيا نفسها في مفارقة تصور لنا كيف يمكن أن يشرع القدر أبوابه.
وسمعت اللبناني الأصل كارلوس غصن رئيس شركة نيسان يقول إنه لم يخطط قط، وأنه لا ينصح الناس بالتخطيط. لأن الحياة سوف تفتح لهم فرصاً (أو أبواباً) لم يتوقعوها. فكم من فرصة تعترضنا لكننا نتجاهلها بحجة أن لدينا خطة. وأرى أن في كلامه شيئاً من الوجاهة على مستوى الأفراد. فقد تفتح لنا الحياة آفاقاً رحبة من الفرصة غير المتوقعة. فيصبح تجاهلها عين الحماقة. ليس كل ما نكتبه صحيحاً. فقد يهبنا الوهاب سبحانه فرصاً لم نحلم بها. فيصبح تجاهلها جحوداً لتلك النعمة.
والقدر هو مشيئة الله تعالى. فتدبيره يتخطى حدود تصور البشر.