المملكة تصنع حضارة جديدة للغد، كما قال سمو ولي العهد، حيث وضع المستقبل هدفاً، فلم يجعل لأحلامه سقفاً، فزرع الأمل في قلوب المواطنين، بل تخطى فكرة الأمل إلى اللا حدود لطموحات المجتهدين المخلصين، وحتى يؤكد فلسفته، أراهم خطة عمله، ومشروعات المستقبل التي تقترب من مراحل الحلم، أو اللا معقول في عالم الواقع، فكانت جميع مشروعاته –لمن يراها– صعبة التحقيق، ليس من وجهة نظرنا نحن، بل كان العالم يراها مستحيلة التحقيق، في عالم يعج بالأزمات السياسية والاقتصادية، والتوترات والنزاعات الإقليمية والدولية، ولكن إصراره على بناء حضارة يتباهى بها العالم على أرض المملكة؛ كان أقوى من المستحيلات نفسها، فخاض معركة التحول الصعبة، وأضحت الصناعة الوطنية هدفاً يتحقق، والاستثمار الأجنبي يتوافد ناقلاً معه تقنيات العالم إلى قلب البلاد النابض، فبجانب الصناعة، كان بناء الإنسان القادر على استيعاب أحدث تقنيات العصر بالعلم والابتكار، وصياغة الأفكار لتصبح براءات اختراع قابلة للتحقيق في دولة العلم والمستقبل والحداثة.
وفي عالم تحقيق الأحلام، كانت نيوم، والمشروع الرائد "ذا لاين" الذي يعد ثورة في الحياة الحضرية، حيث يضع الإنسان على رأس أولوياته بمنحه تجربة معيشة حضرية غير مسبوقة مع الحفاظ على الطبيعة المحيطة به؛ لأنها باختصار ستعيد تعريف مفهوم التنمية الحضرية، وما يجب أن تكون عليه المدن في المستقبل؛ إذ تتفرد بخلوّها من والسيارات والانبعاثات الكربونية، وتعتمد اعتماداً كاملاً على الطاقةٌ المتجددة بنسبة 100%، كما ستكون 95% من مساحة نيوم طبيعة محمية لن تُمس، كما ستصمم وسائل النقل والبنية التحتية لخدمة الإنسان، بعيداً عما يحدث في المدن التقليدية.
إنها مدينة الأحلام التي ستحتضن 9 ملايين نسمة داخلها على مساحة 34 كم2 فقط، لتكون النتيجة مستويات فائقة من الكفاءة غير المسبوقة في توظيف موارد المدينة، كما سيضمن المناخ المثالي على مدار العام للسكان الاستمتاع بالطبيعة المحيطة والوصول إلى جميع المرافق في غضون 5 دقائق مشياً، بالإضافة إلى منظومة متكاملة للتنقل عبر قطار فائق السرعة، يصل بين أقصى نقطتين داخل "ذا لاين" في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة، إنها مدينة تحقق أهداف رؤية المملكة 2030 على صعيد التنويع الاقتصادي من خلال توفير 380 ألف فرصة عمل، والمساهمة بإضافة 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030م لتصبح حلماً يتحقق على أرض الواقع.
وبالأمس القريب دشن سموه مدينة القدية العالمية العصرية الرائدة في الفنون والترفيه والرياضة والثقافة ضمن مرافق متعددة الاستخدامات والمجتمعات السكنية والطبيعة، لتحتضن أكثر من 600 ألف نسمة، وتستضيف ما يقارب 8 ملايين من الزائرين والباحثين عن التجارب الجديدة في عالم المستقبل سنوياً.
لنأتي إلى درة التاج في المدينة العالمية، استاد عالمي متميز، تم تصنيفه أنه من عجائب المستقبل للعالم الجديد، إنه عالم وفكر متفرد؛ لأنه مكان متكامل في بسقف مشترك قابل للفتح وملعب وجدار بتقنية LED وهو ابتكار معماري يعرض تنوعًا لا مثيل له ويسمح للمساحة بالتحول لتتناسب مع مختلف الفعاليات في غضون دقائق.
ومن التحديات أن هذا الاستاد يتم بناؤه على حافة جبال طويق بمدينة القدية، بتصميم مميز للهيكل الرئيسي على حافة المنحدر، وسيطل على المناظر الطبيعية الخلابة المحيطة به، ومن التقنيات اللافتة فيه أيضاً، أنه مزود بتقنية تحكم مناخي متطورة، ستسمح بإقامة الفعاليات والمسابقات فيه على مدار العام دون استهلاك معدلات كبيرة من الطاقة، من خلال إنشاء بحيرة تبريد صديقة للبيئة تحت الاستاد مباشرةً، بحيث تضخ مياه الأمطار التي تُجمع من الاستاد والمنطقة المحيطة به إلى حائط ثلجي، ما يؤدي إلى تبريد الهواء الداخل إلى نظام التكييف المركزي فيه مع تلبية معايير LEED الذهبية للتصميم المستدام.
لقد بُنيَ استاد الأمير محمد بن سلمان، ليصبح متعدد الأغراض في مدينة القدية على حافة منحدر جبال طويق الهائلة، ويستحق أن يكون واحدا من عجائب المستقبل في العالم الجديد، إذ يمتد الاستاد على الهضبة العلوية والسفلية ويتمتع بإطلالات خلابة على الأراضي الموجودة بالأسفل، وسيتضمن مساحات كبيرة وحيوية مع "الواقع المتداخل" وملعب كرة قدم متوافق مع معايير "فيفا" إذ إن الهدف الرئيسي من تصميمه سيكون لاستضافة مسابقات رياضية وحفلات موسيقية وأحداث عالمية، بسعة تقترب من 60 ألف مشاهد.
إننا أمام مرحلة من تحقيق الأحلام –كما قلنا سابقاً– ليس من وجهة نظرنا، بل من وجهات النظر العالمية، التي تقف مشدوهة أمام ما يحدث في المملكة من إنجازات تطاول عنان السماء.