أصعب قرار تتخذه قيادة في أي مكان في العالم هو قرار العزلة، ليس بمعناها الحرفي فقط، إنما بمعانيها المجازية، والموازية.
- السودان بقادته الحالية يبدو أنه اختار الخيار الصعب، وهو خيار العزلة، قد يسأل البعض عن أي عزلة يعيشها السودان، وهذا حق للسائل بطبيعة الحال، ويلزمني بتوضح أنه منذ انطلاق الصراع في السودان قبل أشهر أصبح هناك شكوك عالية في كل من يتدخل لمساعدة السودانيين لمساعدة أنفسهم، لكن الجيش على نحو خاص كان ينأى بنفسه، وبمشكلة السودان عن أي مسار لا يروق له، او لا يجاريه فيما يذهب إليه في ضرورة القضاء على الطرف المقابل الذي هو قوات الدعم السريع، وعلى هذا الأساس نجد أن السودان الرسمي أو السودان بقيادة الجيش قطع علاقاته مع عدد من الدول الأفريقية الفاعلة، والتي بعضها دول جوار بحجة أنها تتدخل في الشأن السوداني، والمقصود أنها تدعم الطرف المناؤء أي الدعم السريع.
- الجيش رفض حضور لقاءات كان من الممكن أن تقرب وجهات النظر وترتق الشق الذي يكبر مع الأيام ويزيد من معاناة الناس، لكن الجيش يرفض إلا حلاً واحداً وشروطاً صعبةً يصعب في كثير من الأحيان على الأطراف التي تتصدى للوساطة أن تقبلها أو تفرضها على الدعم السريع، السودان الممثل بالجيش رفض وساطة المنظمات الاقليمية الافريقية مثل منظمة الاتحاد الأفريقي حيث علق عضويته فيه، ورفض مساعي قامت بها المجموعة الاقتصادية السياسية لدول شرق أفريقيا، وإمعاناً في خيار العزلة أفشل قادة الجيش ممن يقودون البلاد بفلسفة الأمر الواقع دور الجوار الاقليمي حتى أن دول جوار السودان عقدت لقائين خلال الفترة الماضية من عمر الاحتراب الأهلي في السودان ولم تستفد من لقاء دول الجوار في القاهرة، ولا من اللقاء الآخر الذي تم في تشاد.
- العزلة يبدو أنه خيار صفري لدى قادة الجيش بمعنى أن يتحقق مايريدون أو ذهب السودان إلى المجهول، دليل ذلك العلاقة المتوترة مع المنظمات الدولية والتي يشكل معظم عملها في السودان جوانب إغاثية، وإنسانية، والكل يتذكر رفض الجيش لبقاء ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان في منصبه، الأمر الذي أحرج الأمم المتحدة حيث بينت أن ليس من حق الدول، ولا الأنظمة طلب تبديل ممثلي الأمين العام، ومع تكاثر مشاكل العالم يبدو أن السودان وأهله أمام تحدي العزلة.