: آخر تحديث

مأزق إسرائيل كما تراه مؤسسة أمريكية

9
13
13
مواضيع ذات صلة

المعلومات الواردة في هذه المقالة، والتي طرحت في أول ديسمبر/كانون الأول 2023، تختلف عن أي وجهات نظر أخرى سبق أن جاءت ضمن دراسات وتحليلات عن حاضر ومستقبل الحرب الإسرائيلية في غزة. وذلك لأنها صادرة عن مؤسسة أمريكية داعمة بكل قوتها لإسرائيل، ولفت نظري ما تضمنته من قدر من المعقولية في نظرتها لما يجري. تبدأ تلك المؤسسة طرح رؤيتها من خلال لقاءات لها في إسرائيل مع من وصفتهم بكبار العالمين ببواطن الأمور، والذين يعتقدون أن حملتهم العسكرية لتدمير حماس تمضي بصورة جيدة، بينما للجنرالات في الجيش الأمريكي رأي مختلف، فهم لا يتفقون مع ما يراه القادة الإسرائيليون، وفي تقديرهم أنه كلما زاد الجيش الإسرائيلي من هجماته، فإن الخسائر تزداد بين صفوفه، تماماً مثل ازدياد الخسائر بين المدنيين العزل من أهل غزة.

هذه الدراسة تستشهد بما قاله الجنرال الإسرائيلي والمستشار السابق للأمن القومي ياكوف أميدور، من أن إسرائيل لن تقدر على البقاء في الشرق الأوسط، إذا لم تتأكد جيداً من أن ما فعلته حماس يوم 7 أكتوبر لن يتكرر من أي فصيل آخر.

أهمية هذا التقييم أنه صادر عما يعرف في أمريكا ب «المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي» (Jinsa)، وهو مركز يوصف بأنه مُوالٍ لإسرائيل، ومقره واشنطن، وكانت مجموعة من قيادات حركة المحافظين الجدد، وهي من أشد القوى تأييداً لإسرائيل، قد أسسته في عام 1976، كرد فعل لما جرى لإسرائيل في حرب 1973، والهدف منه، وهو ما يعبّر عنه عنوان، إيجاد تكامل، وليس مجرد تعاون، بين الأمن القومي لكل من أمريكا وإسرائيل. وأيضاً التشدد في رفض قيام دولة فلسطينية، وغيرها من المعوقات أمام الحل الفلسطيني.

اليوم، نعرض للتقرير الذي كتبه مايكل ماكوفسكي رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، وهو أيضاً مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأمريكية. ويبدأ دراسته بسؤال: ما الذي تريده إسرائيل؟ ثم يقول إن إسرائيل لها ثلاثة مطالب: مزيد من الوقت، ومزيد من الذخيرة، واستمرار تأييد أمريكا لها لتكسب حربها في غزة.

ثم يقول إنني سعيت لمعرفة إمكان تحقيق ذلك أثناء رحلة إلى إسرائيل، قابلت فيها كبار المسؤولين من الجيش، ومن المدنيين، ومن خبراء خارج الحكومة. ووجدت أن الوقت هو الاحتياج الأهم لديهم، وإذا كان قادة إسرائيل يعتقدون أن حربهم تمضي بشكل جيد، فإن القادة العسكريين في أمريكا لهم رأي آخر يخالف ما يقوله الإسرائيليون، فكلما زاد الجيش الإسرائيلي من سرعة حملته العسكرية، فإن النتيجة هي زيادة الخسائر في صفوفه. وهم يعتقدون أن وقف إطلاق النار سيلحق الضرر بهم، وأن عليهم ألا يسمحوا لحماس بإعادة تنظيم صفوفها، ولنفس السبب تحتاج إسرائيل إلى قدر كبير من الذخيرة، دعماً لزيادة كثافة هجماتها اليومية في غزة، ولهذا يلقي المسؤولون الإسرائيليون أهمية كبرى على إمدادات أمريكا لهم بالسلاح واستمراريته.

ثم يقول مايكل ماكوفسكي، إن هجوم 7 أكتوبر قد هبط بسمعة إسرائيل، ولهذا فهي تريد إعادة تأكيد سمعتها وقوتها، ولهذا جاءت حربها في غزة، لتضيف المزيد من الضرر لسمعتها على مستوى العالم، وزيادة الهجوم في الغرب على سياستها للتمييز العنصري.

وفي إطار نفس التقييم من رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، فهو يرى أن الحرب الراهنة ستستمر لعدة شهور، وبعدها تأتي المرحلة التالية التي قد تستغرق ما بين 9 إلى 12 شهراً. وهي مرحلة التنسيق مع دول عربية بالمنطقة، للاتفاق على تنفيذ خطة مرحلية لحكم غزة، تضمن الأمن لإسرائيل.

إن خصوصية الرؤية التي قدمها رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي تختلف عن كثير من التحليلات والرؤى من جهات وشخصيات، تنتقد إسرائيل كدولة محتلة لأرض غيرها، وتمارس كل أشكال الاستعمار والعنصرية، لكنها تصدر هذه المرة من معهد أمريكي عرف منذ أول يوم لتأسيسه بتحيزه بلا حدود لإسرائيل وممارساتها، من ثم ما يطرحه اليوم رئيس هذا المعهد لم يكن نتيجة رؤية عن بعد، لكنه خلاصة زيارته لإسرائيل ودراسة الوضع هناك على الطبيعة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.