: آخر تحديث

دردشة طلائع لغة المستقبل

16
16
17
مواضيع ذات صلة

ما رأيك في شيء من الشطحات اللغوية العلميّة؟ كيف ستكون لغة الخطاب كتابةً وتكلّماً، في آخر القرن؟ لا نستهنْ بمقولة الفيلسوف البريطاني برتراند راسل: «إن لغة المستقبل ستكون معادلات». من الصعب أن نتصور سنة 2090 ذلك المشهد الطريف الذي تحدث فيه ميخائيل نعيمة عن شخصين اختلفا في عين نوح، هل الواو حرف علّة أم واو أصلية؟ فتشاجرا، فتلاكما، ففقأ كلاهما عين الآخر وظلت عين نوح سالمة.

في تلك السنين البعيدة لن يكون أبناء أحفاد العرب ومن تلاهم، يعكفون طويلاً على الطباق والاستعارة كقدمائنا. هذا غير جائز حتى في زماننا بينما دول كثيرة ترزح تحت نير طباق من الديون وفوائدها المركّبة جرّاء التنميات المتعثرة المجازية، فالنمو استعارة والديمقراطية تورية وحريّات الفكر والرأي والتعبير اقتباس وتضمين. هذا ليس موضوعنا الذي هو كيف ستغير العلوم لغة الحياة العامة والخاصة؟

هل استعدت المناهج للتحولات الآتية قطعاً؟ متى ستدرك أن الغد أقرب من أرنبة الأنف؟ لم يقولوا سلحفاة الأنف، قالوا أرنبة. على ذكر الأرانب يسألك القلم سؤالاً ليس فيه ذرة دعابة: هل حاولت يوماً تعريف الحيوان؟ ما هو الحيوان؟ ستقول مثلاً: الحيوانات هي العاشبات واللاحمات والإنسان أيضاً والأسماك والطيور... لن يفيدك كتاب الحيوان للجاحظ ولا المعاجم. مفاتيح التعريفات ستكون في العلوم. في مختبر المادة والأنظمة المعقدة بجامعة باريس ديدرو، عالم فيزيائي فرنسي، هو فنسان فلوري، متخصص في علم التشكّل الحيوي، وله في العربية مرادفات: التكوّن التشكّلي، التخلّق الحيوي. فلوري مدير بحوث في «المعهد الوطني للبحث العلمي»، من محاضراته واحدة تحت عنوان: «فيزياء أصل الإنسان». تسمع منه تعريفاً ظريفاً للحيوان، ولا علم أكثر جديّة من الفيزياء، يقول: «الحيوان ظاهرةٌ تُحوّل حلقاتٍ في حلقاتٍ في حلقات، إلى أنابيب في أنابيب في أنابيب». هذه الفيزياء تشمل كل الكائنات الحيّة. الخلية الأولى عبارة عن حلقات، حلقة حول حلقة وهكذا، المخ والأعصاب، الظهر والبطن، جهاز الهضم. لدى الإنسان، في اليوم الحادي والعشرين، يحدث شيء عجيب، يظهر تجويف العينين وأنبوب سيصير القلب الذي يبدأ فوراً بالنبض. لقد بلغ الجنين ملّيمترين طولاً. حين يغدو1.5 سنتيمتر يكون لديه كل ما يلزم تقريباً. الأطرف هو أن الجنين هو من يشكّل كيس المشيمة والحبل السُّرّي لا جسم الأمّ، وهو ما يحيّر العلماء: كيف يشكّل الجنين الكيس الذي سيكون داخله؟!

لزوم ما يلزم: النتيجة الثقافية: تخيّل أستاذاً من أيام زمان: يا صالح، عرّف الحيوان. صالح: أستاذ، هو ظاهرة تُحوّل حلقاتٍ في حلقاتٍ في حلقات، إلى أنابيب في أنابيب في أنابيب. الأستاذ: هاتوا العصا والفلقة!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد