: آخر تحديث

أسئلة غياب البحث العلمي

25
22
48
مواضيع ذات صلة


لماذا وجّهت الإدارة الأمريكية أصابع الاتهام إلى نظام التعليم في الولايات المتحدة، حين سبقهم الاتحاد السوفييتي إلى الفضاء؟ قالوا: «لو لم يكونوا أفضل منّا في الرياضيات، ما كانوا ليسبقونا».

ن هم المقتدون بذلك إزاء علل أيّ تخلّف؟ في هذه الحادثة دروس وعبر، وألف مبتدأ وخبر. على من تقع المسؤولية، إذا ثبت ببراهين شتى أن العقل العربي لا يميل إلى البحث العلمي؟ عبارة العقل العربي منطقية وفي محلّها، بدليل أن الظاهرة عامّة في العالم العربي، وليست استثناء. ثم إنها حالة متمادية بلا انقطاع منذ بداية التاريخ الحديث، أو منذ عصر النهضة الأوروبية، أكثر من ثلاثة قرون، ما يعني أن متتاليات كثيرة من الأجراس الإيقاظيّة لم تجد آذاناً صاغية، «ورُبّ مستمعٍ والقلب في صممِ».

من أساليب المراوغة الفكرية، للهروب من البحث عن حقيقة الأسباب، تستّر البعض وراء مقولة: «الدين أفيون الشعوب». ردُّ الراحل عبّاس محمود العقاد، طريف، قال ما مفاده إن «في القرآن الكريم 250 آية تتعلق بالعبادات، مقابل 750 آية تحثّ على إعمال العقل والتفكر». ما مسؤولية القرآن إذا حضّت فئات باسم الدين على خنق صوت العقل، وتكبيل الفكر؟ هذه الأنماط بانوراما تشويهية، ولها أشباه ونظائر في كل المعتقدات والحضارات والأيديولوجيات. هل ثمّة تجنيد للبحث العلمي فوق هذا الأمر: «قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلقَ» (العنكبوت 20). معرفة بدء الخلق ليست قضية إيمان أو دين، الحلّ في البحث العلمي.

المهمّ هو أن أنظمة التعليم العربية لم يخطر ببالها، ولو منذ مطلع القرن العشرين، أن البحث العلمي منهجية يجب زرعها في سنّ مبكرة جدّاً، حتى تنصهر في آليات أداء الدماغ. البدء في الابتدائية يكون متأخراً، لأن البداية السليمة هي في الأسرة قبل المدرسة. هذا يتطلب قطعاً أن تكون الحرب على محو الأمّية قد حطّت رحالها، وانعتقت أمّة «اقرأ» من مشهد أن يمشي في القرية مرحاً من يستطيع «فك الخط». الأسرة الأمّية مدرسة مضادّة، وكما لم يقل الشاعر: «الأمّ مدرسة إذا جهّلتها.. أعددت شعباً فاشل الأعراقِ».
المناهج العربية لا ترى نفسها مسؤولة عن البحث العلمي، الذي هو مراكز لا يدخلها الفرد قبل التخرج في الجامعة. كأن المناهج انتهت مسؤوليتها. يقول المثل التونسي: «خرجت منك يا كرش أمّي، إن شاء الله تولدي ثعبان». عند الانضمام إلى المؤسسة يبدأ التدرّب على البحث العلمي، بعد مراحل تعليم هي خلوٌ من منهجية التحقيق: «وهل يستقيم الظل والعود أعوجُ»؟

لزوم ما يلزم: النتيجة التدويخية: اليوم تحديداً، أليس محرجاً مزعجاً أن العالم العربي لا فلاسفة له؟ من هم المفكرون الذين يرفعون لواء الفكر العربي الآن ولفكرهم أصداء في الأرجاء؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد