: آخر تحديث

مخرجو السينما المصرية

14
14
16
مواضيع ذات صلة

يعتبر المخرج حسين حلمي المهندس واحدًا من أشهر المخرجين من أبناء جيله، ويختلف عنهم من زاوية أنه لم يبدأ دراسته في معاهد السينما، وإنما بدأها في كلية الهندسة - قسم الميكانيكا بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) التي تخرج منها عام 1943. وأثناء دراسته هناك أحب الفن ومارسه من خلال مسرح الجامعة، ثم تحول الحب إلى عشق بعدما التقى بالفنان الكبير حسين رياض الذي جمعته بمخرجنا صداقة وطيدة، قبل أن تجمعه صداقة مماثلة مع يحيى شاهين وماجدة الصباحي.

يلقب مخرجنا، الذي أضاف إلى اسمه «المهندس» تميزًا عن آخرين يحملون الاسم نفسه، بمكتشف النجوم لأنه كان وراء اكتشاف عدد من النجمات مثل شادية وزبيدة ثروت وهند رستم والفنانة ميرنا عبدالفتاح محمد رجب (ت: 2015)، التي من شدة اعجابه بها منحها لقبه لتصبح «ميرنا المهندس». هذا ناهيك عن اكتشافه سنة 1961 الفنانة «سميحة زكي النيال» الشهيرة بـ«ناهد شريف» والتي تعرف عليها من خلال النجمة زبيدة ثروت، ثم تزوجها وهي في الثامنة عشرة ليخلصها من الوحدة والضياع وحب المراهقة، ومنحها أولاً دورًا صغيرًا على سبيل التجربة في فيلم «تحت سماء المدينة» مع كمال الشناوي وإيمان، قبل أن يقدمها كبطلة في فيلم «أنا وبناتي»، وكنجمة إغراء في فيلم «عاصفة من الحب»، ثم كقاسم مشترك في العديد من أفلامه. علمًا بأنهما انفصلا بعد سنوات، دون أبناء بسبب كثرة الخلافات الناجمة عن فارق السن بينهما (نحو عشرين سنة).

كتب المهندس سيناريوهات أفلام كثيرة، من أهمها: «بابا أمين» /‏1950 و«شيطان الصحراء» /‏1954 ليوسف شاهين، «سلوا قلبي» /‏1952 لعزالدين ذوالفقار، «الفارس الأسود» /‏1954 لنيازي مصطفى، «قرية العشاق» /‏1954 و«دعوني أعيش» /‏1955 لأحمد ضياء الدين، «الغريب» /‏1956 لكمال الشيخ وفطين عبدالوهاب، «حياة غانية» /‏1957 و«الطريق» /‏1964 لحسام الدين مصطفى، «سيدة القصر»/‏1958 و«الملاك الصغير» /‏1958 لكمال الشيخ ، «بنت 17» /‏1958  و«عشاق الليل» /‏1957 لكمال عطية، «نساء في حياتي» /‏1957 لفطين عبدالوهاب، «خالد بن الوليد» /‏1958 لحسين صدقي، «الحب الصامت» /‏1958 لسيف الدين شوكت، «احترس من الحب» /‏1959 لحسن الصيفي، «زوجة ليوم واحد» /‏1963 للسيد زيادة، «تنابلة السلطان» /‏1965 لكمال الشناوي.

ولد مخرجنا بالقاهرة  في 17 سبتمبر 1920 لأب درويش من أئمة الطريقة الشاذلية، فنشأ نشأة دينية دون تزمت بدليل أنه ارتاد دور السينما وتعلم العزف على الكمان ودرس الموسيقى كهاو وكتب القصة أيضا في صغره. أما عمله في الفن فكان صدفة، وذلك حينما طرق أصحاب إحدى الشركات السينمائية بابه يستأذنونه في تركيب لافتة إعلان عن نشاطهم، فاستضافهم وحادثهم وتعرف من خلالهم على عالم السينائي السحري. يقول مخرجنا عن هذه الواقعه: «الطريف في الأمر أنني أنتجت الفيلم الذي كانوا يرغبون في تنفيذه، وهو فيلم «أزهار وأشواك» (من إخراج محمد عبدالجواد عام 1947 وبطولة مديحة يسري ويحيى شاهين وعماد حمدي وهند رستم وشادية) فخسرت بسببه 24 ألف جنيه». وهكذا خسر الرجل مبلغًا ضخمًا يعادل الملايين بأسعار اليوم، لكنه كسب صداقة الفنان يحيى شاهين وامتنان الوجوه الجديدة التي قدمها في ذلك العمل (شادية وهند رستم). لم يتوقف الرجل بعد خسارته لأن الفن ـ بحسب تعبيره ـ أشبه بالقمار. فراح لسنوات يكتب سيناريوهات أفلام من إخراج غيره، إلى أن دخل مجال الإخراج بنفسه بدءا من عام 1959 حينما قدم أول أعماله وهو فيلم «شمس لا تغيب» من بطولة زبيدة ثروت وكمال الشناوي، وهو فيلم جسد فيه كل مواهبه إلى درجة أن الذين شاهدوه في الأستوديو لم يصدقوا أنه عمله الأول. بعد ذلك توالت أفلامه فأخرج 13 فيلمًا سينمائيًا طويلاً تراوحت ما بين الاجتماعي والعاطفي والغنائي والبوليسي والنفسي، ومسلسلاً تلفزيونيا يتيما بعنوان «بيت العيلة» سنة 1992.

 من أبرز الأفلام التي أخرجها: «أنا وبناتي» و«عاصفة من الحب» و«مخلب القط» و«تحت سماء المدينة» عام 1961، «هذا الرجل أحبه» عام 1962، «صبيان وبنات» و«الوديعة» عام 1965، «حواء على الطريق» عام 1968،  الأضواء» و«ساعة الصفر» عام 1972، «لمن تشرق الشمس» عام 1976، «همسات الليل» عام 1977. إلى ذلك قام بإخراج 22 فيلمًا تسجيليًا وقصيرًا منذ عام 1962، ومنها فيلمين قصيرين مدة كل منهما 30 دقيقة بعنوان «معًا على الطريق» و«المقعد الخالي»، علمًا بأن لجنة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة شاهدت الفيلمين، وبسببهما حصل مخرجنا على منحة لمصر بمبلغ 52 مليون دولار أمريكي.

في عام 1976 تولى المهندس رئاسة نقابة السينمائيين، كما درس لسنوات مادتي السيناريو والإخراج لطلبة المعهد العالي للسينما، وقام بتأليف كتاب من جزئين بعنوان «دراما الشاشة» قدم فيه نظرية متكاملة لفن السينما، فيما ظل ينادي بضرورة أن تقوم جهة متخصصة بإعادة كتابة تاريخ السينما المصرية. وبصفته مخرجًا لامعًا مثل مصر في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية.

في لقاء أجراه معه التلفزيون المصري، تحدث المهندس عن صداقته الحميمة مع حسين رياض الذي ظهر في معظم أفلامه، فقال أنه كتب عددا من الأفلام خصيصًا له، منها فيلم «بابا أمين» (أول أفلام المخرج يوسف شاهين)، حيث أدى فيه حسين رياض دور الأب والجد معًا. وأضاف أن السينما المصرية كانت حتى ذلك التاريخ (1950) تتجاهل حسين رياض بسبب صوته، لكنها بعد دوره المقنع وأدائه الرائع في «بابا أمين»، راحت تقبل عليه، خصوصًا بعد أن أصر يوسف شاهين على كتابة اسمه في الأفيشات قبل بطلي الفيلم (فاتن حمامة وكمال الشناوي).

وأخيرًا فإن المهندس، قبل وفاته في 5 يوليو 2004، بسنوات توقف عن الإخراج احتجاجًا على ما يبدو على تردي الأحوال في الوسط السينمائي وهو ما عبر عنه حينما قال (بتصرف): «الآخر لا يريدني.. لم أعرض عملاً على أحد طوال حياتي؛ لأنهم  كانوا هم من يطلب، والذي يطلب مني هو المنتج وهو يريد أن يكون «البيه» نافش الريش والمتدخل في كل شيء، دعك من أن البضاعة التي يريدها من أجل السوق لا تناسبني على الإطلاق، وعليه فالمطلوب شيء غير الذي أعمله وأحبه، والمناخ غير صحي بالنسبة لي على الأقل».

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد