: آخر تحديث

سنة على الحرب... لماذا لم يحن وقت الدبلوماسية؟

15
10
15
مواضيع ذات صلة

مع اقتراب الذكرى السنوية للحرب الروسية - الأوكرانية، لا حديث سوى عن توقعات بقرب شن هجمات روسية وأوكرانية على نطاق واسع، في ظل غياب شبه كامل لأي حديث عن ضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل البحث عن حل دبلوماسي.
 
المتابعون للحرب يتوقعون أن تستخدم روسيا الجنود الذين عبأتهم في الخريف، من أجل شن هجوم واسع النطاق في الأسابيع المقبلة، بينما يتوقع أن تفعل كييف الأمر نفسه مع بدء وصول الدفعة الأولى من الدبابات الغربية التي ستكون رأس الحربة في الهجوم، فضلاً عن أنظمة صاروخية بعيدة المدى، وسط إلحاح من القيادة الأوكرانية على الغرب لتزويدها بمقاتلات، لا سيما "إف-16" الأميركية الصنع.
 
باستثناء وزير الخارجية الصيني وانغ يي، فإن جميع المشاركين في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي انعقد على مدى ثلاثة أيام، تحدثوا عن ضرورة تكثيف الدعم العسكري لكييف، وعن المضي في مساعدتها عسكرياً ومالياً حتى تمنع روسيا من تحقيق الانتصار. أما الوزير الصيني، فوحده شذ عن القاعدة ودعا موسكو وكييف إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل النزاع بينهما بالوسائل السلمية.
 
وباتت الدول الغربية تنطق بعدد من المسلمات التي تنحو منحىً تصعيدياً، على غرار التشديد على أن الطريقة الأسرع لإنهاء الحرب تكمن في تسليح أوكرانيا بما يكفي لإلحاق الهزيمة بروسيا، وبأن الوقت ليس مناسباً لبدء الحوار، إلى المضي في إعداد المزيد من العقوبات على موسكو في محاولة للحد من قدراتها على تمويل الحرب، ومن المتوقع مثلاً أن يقر الاتحاد الأوروبي في الذكرى الأولى للحرب، سلة جديدة من العقوبات التي من شأنها حرمان الكرملين من نحو 11 مليار دولار.
 
هذا الخط البياني المتصاعد في التصعيد الأوروبي يقابله أيضاً تصعيد أميركي يعبّر عنه الرئيس جو بايدن الذي يتعهد دعم أوكرانيا "طالما استلزم الأمر" عسكرياً ومالياً.
 
كل ذلك يعتبر من المؤشرات على أن الحرب من المرجح أن تستمر لسنوات، مع كل ما ينطوي على ذلك من أخطار الانجراف إلى نزاع أوسع يضع روسيا وحلف شمال الأطلسي في مواجهة مباشرة. والأمين العام لحلف "ناتو" ينس ستولتنبرغ لا يني يكرر في كل مناسبة أن على الحلف الاستعداد لحرب قد تستغرق سنوات.
 
ومن يجري جردة لتطور المساعدات العسكرية الغربية، يتبين له، أنه من غير المستبعد الوصول إلى مرحلة تحصل فيها أوكرانيا على مقاتلات أو صواريخ بعيدة المدى تمكنها من استهداف العمق الروسي. وسيكون ذلك أمراً مرتبطاً بتطور الأوضاع الميدانية.
 
وقبل أشهر فقط، من كان يتصور أن الغرب سيرسل عربات قتالية ودبابات ثقيلة إلى أوكرانيا، بعدما كان الأمر مقتصراً في أول الحرب على صواريخ مضادة للدبابات من طراز "جافلين" الأميركية و"إن لاو" البريطانية. اليوم يجري البحث بالدبابات والمقاتلات والصواريخ البعيدة المدى. وكل المصانع العسكرية في دول حلف شمال الأطلسي تكرس عملها في الوقت الحاضر لإنتاج الذخائر التي تستهلكها القوات الأوكرانية على الجبهات.
 
كل ذلك يحدث في ظل غياب شبه تام للحديث عن حلول دبلوماسية، ما يزيد من احتمالات الذهاب نحو سيناريوات أسوأ. والمنتصر في هذه الحرب إذا كان فيها من منتصر سيخرج مهزوماً ومثقلاً بخسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد.
 
بيد أن الحرب التي تعتبر المواجهة الجيوسياسية الأقوى بين روسيا والغرب منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، تفرض على ما يبدو المضي في القتال إلى حدود أبعد. روسيا لا يمكنها التراجع والغرب كذلك. وقد عبر رئيس الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل عن ذلك بوضوح عندما قال خلال مؤتمر ميونيخ للأمن: "تعهدنا مساعدة أوكرانيا. ليس لدواعٍ أخلاقية مبهمة... بل بالأحرى لأن مصالح أميركا الجوهرية على المحك".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد