أثرت مجدداً ندوة «عبدالعزيز حسين.. رجل دولة وفكر» المعرفة في عصر النهضة التعليمية والسياسية والإصلاح الفكري، التي أقيمت مؤخراً في مركز جابر الأحمد الثقافي.
زخرت الندوة في أبحاث وشهادات عن الأستاذ الراحل عبدالعزيز حسين من أكاديميين وسياسيين، في حين كانت معظمها متشابهة في المضمون مما جعل فعاليات الندوة طويلة على مدى يومين، من دون الحاجة إلى ذلك الاستطراد والإطالة بسبب التكرار والشطط في بعض الجوانب.
سلط الأخ الدكتور خليفة الوقيان الضوء في بحثه على معلومات في غاية الأهمية عن حقبة العقود الأولى من القرن العشرين، حيث تناول في تفاصيل دقيقة والبراهين العلمية عن «المعركة الفكرية الطاحنة بين تيار القوى الأصولية الدينية المتشددة، والتيار الإصلاحي».
ركز بحث الدكتور خليفة الوقيان على واقع المجتمع الكويتي والثقافي والفكري في الحقبة التي نشأ فيها الأستاذ عبدالعزيز حسين والمرحلة التي سبقت ذلك في العقود الأولى من القرن السابع عشر أو في مطلع القرن الثامن عشر.
سعى الدكتور الوقيان إلى بيان وسائل مقاومة مقولات القوى الأصولية، من خلال تطوير التعليم، وإقامة مؤسسات المجتمع المدني الثقافية وتوظيف الأدب والصحافة والمنتديات الاجتماعية لتحقيق ذلك الهدف، و«تنمية الوعي المجتمعي وتطوير نظام الحكم، وترسيخ مبادئ الحرية والديموقراطية والدولة المدنية».
عكس د.الوقيان بوضوح علمي وبحثي عميق صورة المجتمع الكويتي في ذلك العصر النضال التاريخي الكويتي للرواد الأوائل من رجال الإصلاح والتنوير في مواجهة تيار القوى الأصولية من قبل التيار الإصلاحي، حيث برز الجيل الذي ينتمي إليه الأستاذ عبدالعزيز حسين.
على الرغم من ضيق مساحة الوقت، فإن الدكتور خليفة الوقيان تمكن من جذب الانتباه إلى مراحل تاريخية في غاية الأهمية، حيث برز الاهتمام من مجاميع مختلفة وخصوصاً فئة الشباب في تلك المراحل التاريخية من عصر التسامح الفكري والديني.
من جهته، تناول الدكتور عبدالله الجسمي، الحاصل على الدكتوراة في تخصص فلسفة الجمال والفن، الدور الريادي للأستاذ عبدالعزيز حسين للتفكير العقلاني في المجتمع الكويتي.
ركز الدكتور عبدالله الجسمي في بحثه على تميز تفكير الأستاذ عبدالعزيز حسين الذي اتسم بالعقلانية والابتعاد عن الأدلجة وتسيس الفكر والثقافة ودوره في حركة الثقافة التنويرية الحديثة.
ناقش بحث الدكتور الجسمي بيئة التفكير العقلاني الذي تبناه الأستاذ عبدالعزيز حسين ورفضه للتعصب والتطرف، حيث برز الارتباط الشديد بين بحث الدكتور خليفة الوقيان والدكتور الجسمي في أبراز الصورة الحقيقة لعصر التسامح الفكري والديني والتنوير ضد الأصولية.
ثمة كم هائل من المعلومات التي ينبغي على الدولة الاستفادة منه علمياً، بحيث يتم تحديث المناهج التعليمية على أسس معرفية ومجتمعية من أجل ترسيخ مفاهيم التعايش الفكري والتسامح الديني ضد الغلو والإرهاب الفكري، التي نحن ما احوجنا اليها في هذه المرحلة الزمنية.
اتمنى أن تتبنى الحكومة ضمن خطط التنمية مثل هذه الدراسات والبحوث، فمن دونها لن يتحقق الإصلاح الحقيقي في نشر التسامح في بيئة المجتمع الكويتي الحالي والمستقبل.

