: آخر تحديث

البترو-روبل

24
21
24
مواضيع ذات صلة

كتبت يوم الأربعاء الماضي مقالي الذي نشر يوم السبت عن البترو-يوان، ولم يدر بخلدي حينها أن الرئيس الروسي سوف يعلن بعد أسبوع، أن روسيا سوف تطلب من الدول غير الصديقة أن تدفع مقابل مشترياتها من النفط والغاز الروسي بالروبل، الأمر الذي يفتح المجال، ربما، لظهور عملة أخرى غير الدولار لبيع مصادر الطاقة. 

 وإعلان الرئيس الروسي، لم يأتِ من فراغ. فهو مبني على أساس أن الدولارات التي تحصل عليها روسيا مقابل بيع نفطها وغازها، قد أصبحت غير معترف بها من قبل البلدان التي تدفعها. وهذا أمر غريب، فكيف لا تعترف تلك البلدان بالنقود التي دفعتها مقابل مشترياتها؟

  بالفعل، فقد جمدت الولايات المتحدة وأوروبا المبالغ التي لدى روسيا بالعملة الصعبة. مما يعني عدم تمكن روسيا من استخدام المبالغ التي حصلت عليها من هذه الدول، مقابل النفط والغاز الذي باعته لها. ولذلك، فإن روسيا من جانبها لم تعد في حاجة -ولو مؤقتاً-  لهذه المبالغ التي لا تستطيع مقابلها من شراء ما تحتاجه من سلع وخدمات. فمثلما نعلم، فإن إحدى ميزات النقود الورقية الرئيسة هو كونها مغطية بالبضاعة ووسيلة للدفع مقابل المشتريات. فإذا انعدمت هذه الميزة فقدت النقود قيمتها وأصبحت قريبة من الأوراق العادية.

  إنه تطور جديد للمرحلة الانتقالية التي يعيشها النظام العالمي، والتي تمر على البشرية مرة واحدة كل 100 عام. فروسيا التي اعتبرها بايدن العام الماضي أحد أقطاب النظام العالمي الثلاثة مع الصين، لا تزال حتى الآن ضلعاً وهمياً في السياسة العالمية. وهذا التناقض الكبير لا يمكن أن يستمر فترة طويلة.

ولذلك، فإن المرحلة المقبلة سوف تشهد مزيداً من الحروب الاقتصادية (التجارية – المالية)، فدعونا ندعو الخالق أن يحول دون وقوع حرب عالمية ثالثة، فروسيا والصين، لن تقبلا بأن تكونا ضلعين وهميين في النظام العالمي ثلاثي القطبية.

 وهذا كله سوف يعتمد على النتائج التي سوف تتمخض عنها الأزمة الأوكرانية. وهذا ما أشار إليه ضمناً الرئيس الأميركي خلال الكلمة التي ألقاها في مؤتمر في واشنطن أمام لوبي قادة الشركات الأميركية الكبرى عندما قال: إن العالم الآن يعيش نقطة انعطاف... وهذا يحدث كل ثلاثة أو أربعة أجيال.

  وعلى هذا الأساس فإما أن تتمكن الولايات المتحدة من البرهنة أنها لا تزال القوة الوحيدة في العالم القادرة على توجيهه بمفردها، أو يصبح النظام العالمي متعدد الأقطاب، وفي الحالة الأولى، فإن البترو–دولار سوف يبقى مهيمناً. أما في الحالة الثانية، فإن العالم سوف يكون أمام تطور جديد ونظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وخيارات من ضمنها البترو-يوان والبترو- روبل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد