شكراً لهذا العالم المتجانس تخصيصه يوماً للنساء.. وجعل قضاياهن وحقوقهن وما تفضلت به منظماتهن من دعم مادة دسمة للقصاصات والمنشورات الورقية والرقمية، التي لم تخلُ من اللون الوردي النمطي الذي يشبه نمطية التعاطي مع شؤون المرأة وترك التوصيات متراكمة بين ملفات يأبى الزمن أن يحررها من قبضة السلطة الذكورية والخنوع والانتقاص القائم على التمييز النوعي.
لن أكون متشائمة وسلبية! فعالمياً اليوم نشهد تحسناً كبيراً في ملفات عدة تخص المرأة كتمكينها السياسي والاقتصادي وتعليمها وعملها حتى تفوقت في قطاعات كثيرة على الرجل، وفي المقابل هناك تراجع مؤسف في جوانب أخرى ذات أبعاد اجتماعية ونفسية وحقوقية وتنميط المرأة وقضاياها.
لن أذهب بعيداً في ملف قديم بقدم الزمان.. بدأ بالوأد ومر بحركات الماسوجينية وظهور النضال النسوي وما تخلله من تشويه للمعنى والأهداف الحقيقية حتى عاد اليوم إلى نقطة الصفر من جديد.
ملف اللاجئات الأوكرانيات كان آخر ما يعكس كيفية نظرة الرجل، ولن نقول الرجل الشرقي وحده، باعتبارها وسيلة لتفريغ «حيوانيته».. لا للتعميم طبعاً، فهناك من الرجال الحقيقيين الذين ينصفون الإناث أكثر من النساء أنفسهن.. ولكن يبقى الواقع أكثر مرارةً حينما تتحول قضية إنسانية لسيدات يجرجرن أطفالهن تاركات خلفهن بيوتهن، وفتيات يسحبن أحلامهن خلفهن هاجرات مقاعد الدراسة.. تائهات وحائرات من مستقبلهن المجهول نتيجة مفرزات مناطق النزاع.. تتحول قضيتهن إلى سوق للنخاسة في عقول لينة في ظاهرها متحجرة في بواطنها.
التعاطف طال جنسية بعينها وتناسى من يعانين من سنوات طوال، انطلاقاً من فكرة استغلال أوضاعهن
المسألة أبعد من مجرد نكات تطلق على مواقع التواصل أو دعوات تفرز من أراضي هؤلاء النساء لأولئك المتشددين الموعودين بأرض وسبايا وغنائم حرب!
هذا السيناريو يقاس على مختلف نطاقات النزاع والكوارث التي تذهب ضحيته النساء، فيتعرضن للعنف والتشريد والاغتصاب والتجنيد. نعم، هذا هو حال الشقراوات وعكسهن من صاحبات العيون السوداء.. ممشوقات القوام أو الممتلئات.. هل تصورتهن أيها الفحل بحالهن الإنساني المأساوي الحقيقي؟!
هذه النظرة النمطية للمرأة تختزل مشاكل عدة تتجاوز الإساءة لكينونتها كالتعامل وفق مبدأ النوع والتمييز، فالتعاطف طال جنسية بعينها وتناسى من يعانين من سنوات طوال، ناهيك عن مشكلات أخرى تدفع الشباب للبحث عن بنات هذه الجنسية نتيجة منشور رقمي قائم على فكرة استغلال أوضاعهن وما سيترتب على ذلك من علاقات وسرقات وزيجات وأعمال غير مشروعة، وعدّد على ذلك من قضايا إجرامية وأخلاقية وغيرها !