: آخر تحديث

«المركزي الأميركي».. سياسات متوقعة

113
118
112
مواضيع ذات صلة

محمد العريان

  في اجتماع لجنة «السوق المفتوحة» التابعة لـ«مجلس الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي)، من المرجح أن يتخذ قراراً برفع أسعار الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، وأن يجدد المجلس، في الاجتماع الأول الذي يحضره رئيسه الجديد «جيروم باول»، الالتزام برفع الأسعار مرتين إضافيتين بمقدار مماثل خلال العام الجاري، وأن يعيد تأكيد خطة تقليص موازنته تدريجياً. وتشكل تلك الإجراءات خطوة أخرى على طريق «التطبيع التدريجي» للسياسة النقدية.

ولا ينبغي أن يشكل أي من ذلك مفاجأة كبيرة للمتعاملين في أسواق المال، ورغم ذلك، ينبغي الاهتمام ببيان اجتماع الحادي والعشرين من مارس والمؤتمر الصحفي الذي يعقبه، إلى جانب محضر الاجتماع المرتقب صدوره في غضون أسابيع قليلة. وهناك خمس قضايا تقتضي اهتماماً خاصاً:

- موازنة المخاطر: ففي حين تظل القاعدة الاقتصادية الأساسية (النمو والتضخم) دون تغيير إلى حد كبير، فمن المرجح أن يحدث نقاش أكبر بين أعضاء لجنة الاحتياطي الفيدرالي بشأن المواصفات الملائمة لموازنة المخاطر، خصوصاً أنه منذ الاجتماع الماضي أضحت البيانات وملامح السياسات أكثر تبانياً. وفي حين أن بعض المؤشرات على الطلب في الداخل والخارج تراجعت بصورة طفيفة، فإن بعض رؤساء البنوك المركزية أعربوا عن مخاوفهم بشأن السياسات التجارية، بينما كان تقرير الوظائف في شهر فبراير قوياً جداً، مع آفاق مواتية على صعيد العرض والطلب في الاقتصاد.

- التباين في توقعات رؤساء البنوك المركزية للولايات الأميركية بشأن أسعار الفائدة: فحتى إذا ما أبقى صنّاع السياسات على التوازن الاقتصادي للمخاطر دون تغيير، والتزموا بالتقديرات العادية ورفعوا أسعار الفائدة مرتين إضافيتين في 2018، فعلينا أن نتوقع تبايناً أكبر في سعر الفائدة الاسترشادي الذي يقدمه الأفراد المشاركون في لجنة الاحتياطي الفيدرالي.

- سعر الفائدة المحايد: حتماً ستؤدي التطورات الاقتصادية إلى نقاش قوي بشأن سعر الفائدة الملائم من أجل نمو اقتصادي مستدام، وفي ضوء التطورات الأخيرة، وبعد تراجع سعر الفائدة المحايد منذ الأزمة المالية العالمية، ثمة ميل البعض في «لجنة السوق المفتوحة» للاعتقاد بأن معدل سعر الفائدة المحايد سيتجه صعوداً، وإن كان المعدل سيبقى أدنى من المستويات السائدة قبل 2008.

- تذبذب الأسواق: على النقيض من الاجتماعات السابقة التي قرر فيها مسؤولو «لجنة الاحتياطي الفيدرالي» رفع أسعار الفائدة، فإن الاجتماع الأخير للجنة يحدث في سياق تزايد حالة التذبذب في أسواق المال. لكن بدلاً من التحذير من رفع أسعار الفائدة مجدداً، فقد يشير محضر الاجتماع إلى أن «مجلس الاحتياطي في الفيدرالي» سيرحب بضبط منظم لأوضاع السوق كأساس لمعطيات أفضل على المدى المتوسط.

- الظروف الدولية: في غضون الفصول القليلة المقبلة، سيكون نجاح إجراءات إعادة السياسات النقدية إلى طبيعتها ذات حساسية كبيرة لما يحدث في الخارج. وحتى الآن، جاءت المناورات الناجحة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سياق زخم الارتفاع المتزامن في النمو العالمي، وانخفاض قيمة الدولار، وتصميم بنوك مركزية أخرى ذات أهمية تنظيمية (خصوصاً المركزي الأوروبي والمركزي الياباني) على الحفاظ على سياسات مواتية، وسيكون من غير الملائم أن يفترض «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» أن الأمور الثلاثة ستتواصل على المدى المتوسط. ورغم أنه من المستبعد أن تؤثر هذه المعطيات بشكل كبير على التفكير بشأن السياسات في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الحالي، فمن المتوقع أن تحظى تلك القضايا الدولية باهتمام أكبر خلال الشهور المقبلة، وليس فقط في واشنطن وفرانكفورت، ولكن أيضاً في الاجتماعات الدورية لرؤساء البنوك المركزية لدى بنك التسويات الدولية.

والشعور الذي يكتنف اجتماع لجنة السوق المفتوحة بأن نتائجه متوقعة، لا يمكن تفهمه فحسب، لكنه أيضاً يتسق مع تحول السياسات الذي أداره المركزي الأميركي بصورة جيدة. غير أنه في ضوء الأسئلة المتبقية بشأن مسار المتغيرات الاقتصادية الأساسية؛ مثل الإنتاجية والتضخم والأجور، لا ينبغي أن يخفي ذلك حالة انعدام اليقين التي تخيم على معطيات مهمة في السياسات النقدية. وفي الحقيقة، لا يزال هناك بعض الوقت قبل أن تعود اجتماعات لجنة السوق المفتوحة إلى وضعها الروتيني مجدداً، بحيث تكون إجراءاتها متوقعة تماماً.

محمد العريان

كبير المستشارين الاقتصاديين لدى مجموعة «أليانز»

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.