يبدو أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رغم ميوله الدينية والقومية المتعصّبة، يجهل التاريخ والتراث الحقيقي للعبرانيين والعبرانية.
قبل أيام هاجم هذا السياسي الإسرائيلي المتطرّف الدولة السعودية بل الثقافة السعودية، وطالبهم بالعودة لركوب الجِمال، ولا ندري عن سبب غضب الأخ سموتريتش على الإبل والأباعر، وراكبيها ومقتنيها؟!
أليست هذه الكائنات العظيمة، من مخلوقات الله، مثلها مثل الخيل والأسود والنحل والحيتان، كلها من عجائب صنع الخالق، الذي يُفترض أن هذا المتديّن اليهودي يؤمن به؟!
من جهة ثانية، حول جهل الوزير الإسرائيلي بتراث دينه وأسلاف هذا الدين القدماء، أعني أتباع النبي يعقوب والد النبي والوزير الكبير يوسف، الذي باسمه سورة كاملة في القرآن.
حول هذا وفي سورة يوسف، وبعد التئام شمل أبناء يعقوب، مع أخيهم يوسف بمصر، جاء في الآية القرآنية: «وجاء بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ».
جاء في تفسير الآية، نقلاً عن المُفسِّر القديم، ابن جريج عن بني إسرائيل: «كانوا أهل بادية وماشية يسكنون بالعربات من أرض فلسطين، من غور الشام، وفي قولٍ كانوا بالأولاج من ناحية شعب أسفل من حسمى، وكانوا أصحاب بادية وشاء وإبل».
العبرانيون شعبٌ سامّي، والعرب كذلك، ربما أن الوزير سموتريتش، لأنّه من أصولٍ أوكرانية، لا يشعر بهذه الرابطة العاطفية مع الثقافة السامية والعربية القديمة، والواقع أننا إنْ رغبنا المواصلة في تبكيت هذا الوزير الجاهل، تذكّرنا هجائيات بعض إخواننا العرب للإبل وأهلها، فكففنا... هل تذكرون شتائم الوزير العراقي الأصولي باقر صولاغ للسعوديين والأمير سعود الفيصل رحمه الله، بسبب أنهم أهل إبلٍ وجِمال؟! وكأن الأخ العراقي من راكبي حيوان الرنّة في الأراضي الباردة أقصى شمال العالم؟!
العربُ قديماً وحديثاً، يفخرون بالإبل، ويعتدّون بها، وهي موضع الثروة ومعقد العزّ، من ذلك قول الشاعر المخضرم قبل وبعد الإسلام حسّان بن ثابت يمدح الغساسنة:
يمشون في الحُلل المُضاعف نسجها
مشي الجِمال إلى الجِمال البُزّلِ
يعني مشي الجِمال الأكثر حيوية وشباباً إلى الجِمال الأسنّ والأكبر.
وفي الزمن الحديث قال شاعر السعودية الأشهر، أو شاعر الوطن خلف بن هذّال على سُنّة أسلافه القدماء من شعراء العرب:
البِل لها في مهجة القلب مِنزال منايح القِصّار سِفن الصحاري
الإبل لها مكانة عزيزة في القلب، لأنها مصدر الحليب والغذاء للجيران وهي سفينة الصحراء.
حاصل الكلام، أن الوزير الإسرائيلي صاحب الجذر الأوكراني، حتى إن اعتذر لاحقاً عن كلامه، معذورٌ في جهله بمكانة الإبل وقيمة الأباعر عند الشعب السامي العربي في أرجاء الجزيرة العربية، لكنه غير معذورٍ في جهل ارتباط قدماء العبرانيين بالإبل والبادية.

