إيلاف من الرباط: تقترب المحاكم المغربية من إدماج اللغة الأمازيغية بشكل عملي في إجراءات التقاضي، في إطار تنفيذ التدابير الحكومية الرامية إلى تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في المرافق العمومية، وعلى رأسها قطاع العدالة.
ويأتي هذا التوجه في سياق تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي ذي الصلة، واستجابةً لمطالب مجتمعية متزايدة بضمان الحق في التقاضي باللغة الأم.
وقال وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، إن تفعيل الأمازيغية داخل المحاكم "يستوجب التدرج والواقعية"، مشيراً إلى أن ثلثي القضاة بالمملكة يتحدثون الأمازيغية، وهو ما يتيح، بحسب تعبيره، ضمان الحد الأدنى من التواصل اللغوي بين المواطنين والمؤسسات القضائية.
وأوضح وهبي، خلال جلسة عمومية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) مساء الإثنين خصصت للأسئلة الشفهية، أن المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 26.16، تنص على إدماج الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، بما في ذلك قطاع العدالة. وأشار إلى أن التعيين في السلك القضائي لا يمكن أن يُبنى على أساس الانتماء الجغرافي أو اللغوي، بل يخضع لمعايير مهنية وعلمية دقيقة.
وأعلن الوزير وهبي، في تصريح له، أن الشعب المغربي يتحدث ثلاث لهجات أمازيغية رئيسية، هي اللهجة السوسية المنتشرة في الجنوب، والريفية المتداولة في شمال البلاد خصوصاً بإقليمي الناظور والحسيمة، بالإضافة إلى لهجة الأطلس التي يتحدث بها سكان عدد من مناطق الأطلسين المتوسط والكبير، ما يتطلب مراعاة هذا التنوع في التكوين والتوظيف داخل المؤسسات القضائية.
ولتدبير هذا الاجراء الجديد، كشف وهبي عن توظيف 100 مساعدة اجتماعية ناطقة بالأمازيغية موزعة على عدد من المحاكم، إلى جانب 300 موظف استقبال و12 موظفاً بمركز النداء يتولون استقبال الشكاوى باللغة الأمازيغية. كما أشار إلى تنظيم مباريات خاصة لانتقاء مساعدين اجتماعيين يتقنون لهجات الأمازيغية المحلية، تحت إشراف خبراء من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
وتدرس وزارة العدل، بحسب ما أعلن عنه وهبي، إمكانية تعيين موظفين مختصين في شرح اللغة الأمازيغية داخل المحاكم، دون أن يكونوا مترجمين بالمعنى التقليدي، مبرزاً في الوقت ذاته أن تحرير المحاضر القضائية ما زال يتم باللغة العربية، وفقاً لمقتضيات القانون.
وفي سياق ذي صلة، أعلن وهبي عن تعديل طرأ على قانون الجنسية المغربية، بحيث لم يعد يشترط التحدث باللغة العربية فقط، بل أصبح من حق طالب الجنسية إثبات إتقانه للغة الأمازيغية كذلك، وهو ما اعتبره خطوة إضافية نحو الاعتراف العملي بالتعدد اللغوي في المملكة.
ويُنتظر أن تُساهم هذه الإجراءات في تعزيز ولوج المواطنين الناطقين بالأمازيغية إلى العدالة، في ظل سياسة رسمية تتبنى مقاربة تدريجية قائمة على التكوين والإدماج المؤسساتي المنظم.