: آخر تحديث
تأهيل جديد لمهنة تسند العدالة وتضمن المحاكمة العادلة

الحكومة المغربية تصادق على قانون التراجمة المحلفين

3
4
5

إيلاف من الرباط: صادقت الحكومة المغربية، في اجتماع لها الخميس بالرباط، على مشروع قانون يتعلق بالتراجمة المحلفين، الذي قدمه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في خطوة تشريعية وُصفت بالمفصلية ضمن مسار إصلاح منظومة العدالة وتأهيل المهن المساعدة للقضاء.

من الترجمان المقبول إلى الترجمان المحلف
المشروع الجديد أعاد رسم معالم مهنة الترجمان القضائي، من خلال تغيير تسميتها من "مهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم" إلى "مهنة التراجمة المحلفين"، في انسجام مع مقتضيات القانون المتعلق بالتنظيم القضائي، واستجابة لمطلب مهني ظل مرفوعا لسنوات من طرف الجمعية المهنية للتراجمة.

هذا التغيير في التسمية، يقول وزير العدل في تقديمه للمشروع، "ليس مجرد تعديل لغوي، بل يحمل دلالات رمزية ومؤسساتية، تعكس الرغبة في ترسيخ المهنية والاحترافية في مهنة أصبحت تلعب دورا مركزيا في ضمان شروط المحاكمة العادلة، خاصة بالنسبة للمتقاضين الذين لا يتقنون لغة التقاضي".

مراجعة شاملة لقانون عمره ربع قرن
في تقديمه للمشروع، أكد وهبي أن القانون رقم 50.00، الذي تأطر به المهنة منذ ما يقارب ربع قرن، أصبح متجاوزا بفعل التحولات العميقة التي عرفتها العدالة المغربية، وأن الوقت حان لتقييمه ومعالجة نواقصه.

ولم يكن هذا التقييم أحاديا، بل ارتكز على مقاربة تشاركية موسعة، انخرطت فيها الجمعية المهنية للتراجمة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، مما أضفى على النص الجديد طابعا توافقيًا وتكامليًا.

هيئة وطنية وإحداث مؤسسة للتكوين
من أبرز مستجدات النص، إحداث هيئة وطنية للتراجمة المحلفين تتمتع بالشخصية الاعتبارية، لأول مرة في تاريخ المهنة، وهو ما سيمكن من تنظيم المهنة في إطار مؤسسي حديث، يمنحها أدوات التمثيل والدفاع والتأطير والتكوين.

في السياق ذاته، نص المشروع على إحداث مؤسسة وطنية للتكوين، تُعنى بتأهيل المنتسبين الجدد للمهنة، وضمان تكوين مستمر للتراجمة الممارسين، مواكبة للتحولات القانونية والتقنية واللغوية، في أفق الرقي بالمهنة إلى مصاف المهن القضائية المتقدمة.

حماية قانونية موازية للوظيفة العمومية
ولتعزيز الوضع الاعتباري للترجمان المحلف، نص المشروع على منحه نفس الحماية القانونية التي يتمتع بها الموظف العمومي، وفقًا للفصلين 263 و267 من مجموعة القانون الجنائي، مما يضمن له الحصانة من التهديدات والاعتداءات التي قد يتعرض لها أثناء أداء مهامه.

هذه المقتضيات تضع حدا لحالة التسيب التي كان يعاني منها العديد من التراجمة، وتمنحهم الغطاء القانوني اللازم للقيام بمهامهم بكفاءة واستقلالية.

ورش العدالة في مسار متجدد
واعتبر الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الحكومي، أن مشروع قانون التراجمة المحلفين لا يمثل فقط إصلاحًا قطاعيًا، بل يأتي في سياق أوسع لمواصلة ورش تحديث العدالة، الذي انطلق منذ عقدين، وتعزز بدينامية جديدة في السنوات الأخيرة تحت إشراف وزارة العدل.

هذا الورش، الذي يشمل تحديث الترسانة القانونية، وتأهيل الموارد البشرية، وتجويد الخدمات القضائية، يجد في إعادة تنظيم مهنة الترجمان إحدى ركائزه الأساسية، بالنظر إلى دور هذه المهنة في ضمان حق الدفاع، وتمكين القضاء من فهم وتمحيص دفوعات المتقاضين بشكل سليم، خصوصا في قضايا الأجانب واللغات غير الرسمية.

وقال الناطق الرسمي "بالمصادقة على مشروع القانون الجديد، تكون الحكومة قد وجهت رسالة قوية بخصوص عزمها على النهوض بالمهن القانونية والمساعدة للعدالة، وعلى رأسها الترجمانة، عبر إدماجها في صلب الهندسة الجديدة للعدالة المغربية. إنها خطوة تشريعية ذات بعد استراتيجي، تفتح المجال لمهن الترجمة القانونية لتواكب تحولات الدولة والمؤسسات، وتُسهم في تعزيز ثقة المواطن في القضاء، وتعزيز شروط المحاكمة العادلة".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار