: آخر تحديث
توقعوا عدم انجرار بلادهم إلى المعاملة بالمثل

مغاربة "السوشل  ميديا" يردون بسخرية على "التأشيرة الجزائرية"

12
13
10

إيلاف من الرباط: فيما لم يصدر، إلى حدود الساعة، أي رد فعل مغربي رسمي، في الموضوع، تلقى مغاربة مواقع التواصل الاجتماعي خبر اتخاذ السلطات الجزائرية، الخميس الماضي، قراراً بإعادة العمل الفوري بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، بهدوء، ممزوج بكثير من السخرية، والتفكه، والتهكم والأسف.

وكان لافتا للانتباه أن المغاربة تفاعلوا مع خبر "إعادة العمل الفوري بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية"، من دون الخوض في المبررات التي ساقها المسؤولون الجزائريون، بشكل يؤكد اقتناعهم بأن هذه المبررات "واهية ولا تستند على أي أساس".

وكانت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية قد نقلت، قبل ثلاثة أيام، عن بيان لوزارة خارجية بلادها، أن الحكومة قررت "إعادة العمل الفوري بالإجراء الخاص بضرورة الحصول على تأشيرة الدخول إلى التراب الوطني على جميع المواطنين الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية"، معتبرة أن "النظام المغربي الذي أساء استغلال غياب التأشيرة بين البلدين، انخرط، وللأسف الشديد، في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني"، منها "نشر عناصر استخباراتية صهيونية من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني".

وأضاف البيان أن "هذه التصرفات تشكل تهديداً مباشراً لأمن البلاد، وتفرض مراقبة صارمة للدخول والإقامة على التراب الوطني على مستوى جميع النقاط الحدودية، حيث يتحمل النظام المغربي وحده مسؤولية المسار الحالي لتدهور العلاقات الثنائية، بفعل تصرفاته العدائية والعدوانية ضد الجزائر".

كما أشار البيان إلى أن الجزائر، التي "كانت دائماً ملتزمة بقيم التضامن والحفاظ على الروابط الإنسانية والعائلية بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي"، قد "تجنبت منذ إعلانها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في عام 2021 المساس بحرية تنقل الأفراد".

خلفية
تعيش العلاقات المغربية - الجزائرية على وقع التشنج والتصعيد منذ 2021، في ظل تواصل إغلاق الحدود البرية بين البلدين منذ عام 1994.
وقطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس 2021. وقال رمضان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري وقتها، إن "قطع العلاقات لا يعني تضرر مواطني البلدين"، مطمئنا المواطنين الجزائريين في المغرب والمغاربة في الجزائر بأنّ الوضع لن يؤثّر عليهم.

وأعرب المغرب، وقتها، عن أسفه للقرار الجزائري "غير المبرر تماما" و"الأحادي الجانب"، مشددا على أنه "يرفض بشكل قاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها"، مع الإشارة إلى أن المملكة ستظل "شريكا موثوقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل، بكل حكمة ومسؤولية، من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبناءة".

خاوة خاوة
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي، شيئا فشيئا، خلال السنوات القليلة الماضية، إلى ساحة سخرية وتفكه وتنقيص من الآخر، بين مغاربة وجزائريين، وصل مستويات سلبية غير مسبوقة، ظل يرتفع منسوبها كلما نشب خلاف أو حدث مستجد يتعلق بأحد البلدين أو بالعلاقات بينهما، الشيء الذي قلص من الدور الإيجابي الذي كانت تلعبه بعض الأصوات المتمسكة بشعار "خاوة خاوة".

كازاخستان والجزائر
لعب توقيت الإعلان عن القرار الجزائري، القاضي بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، دورا في رفع منسوب السخرية في طريقة تفاعل المغاربة مع هذا القرار، حيث أنه جاء دقائق بعد ضمان المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة تأهله إلى دور ربع نهائي بطولة كأس العالم، التي تحتضنها أوزبكستان إلى السادس من أكتوبر المقبل، وذلك بعد فوزه، بقاعة المجمع الرياضي ببخارى، على منتخب إيران بأربعة أهداف لثلاثة.

وكان محللون رياضيون في برامج تلفزيونية جزائرية، بينهم لاعب دولي سابق، قد تمنوا، ساعات قبل فرض "التأشيرة الجزائرية" على المغاربة، فوز المنتخب الإيراني على نظيره المغربي، الشيء أثار استهجان المغاربة وحول اللقاء، الذي جمع المنتخب المغربي بالمنتخب الإيراني و"داعميه في الجزائر"، إلى أكثر من مباراة عادية في كرة القدم.

كما تزامن خبر فرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، في مفارقة معبرة، مع توقيع المغرب وكازاخستان، الخميس، في نيويورك، اتفاقية للإعفاء من التأشيرة. ووقع الاتفاقية كل من ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ونظيره الكازاخستاني، مراد نورتلو، عقب مباحثات أجرياها بمقر الأمم المتحدة، على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة.

فاقد العدس لا يعطيه
تراوحت ردود فعل مغاربة "السوشيال ميديا" بخصوص القرار الجزائري، القاضي بفرض التأشيرة على المغاربة، بين السخرية والتفكه، والأسف لمآل العلاقات بين شعبين جارين، يجمعهما أكثر مما يفرقهما، على مستوى التاريخ والدين والعرق واللسان.

وكتب أحد المغاربة، في سياق تفاعله مع تزامن فرض الجزائر للتأشيرة على المغاربة وإعفائهم منها من طرف كازاخستان: "بعد القرار الصادم من الحكومة الجزائرية بمنع منح التأشيرة للمغاربة، دولة كازاخستان تعوض المغاربة عن الضرر الذي ألحقه قرار الحموضة الجزائرية، وتعفي المغاربة من التأشيرة"؛ قبل أن يضع مقارنات بين كازاخستان والجزائر، من حيث الناتج الوطني الخام والناتج الإجمالي للفرد وعدد السياح، والتي تبدو في صالح كازاخستان. ثم أضاف، في آخر تدوينته: "الحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات".

وجاءت باقي تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة على نفس المستوى من السخرية والتفكه. ومن ذلك أن يكتب أحدهم، متهكما: "صدمة في المغرب .. الجزائر تفرض التأشيرة على المغاربة وتمنعهم من مشاهدة الحياة في القرون الوسطي". فيما كتب آخر، ساخرا: "إذا كتبته (خبر فرض الجزائر تأشيرة على المغاربة) في ورقة، وقمت برميها في البحر، فسيخرج سمك السردين ليضحك عليه". بينما كتب آخر، منتقدا بشكل ضمني الوضع في الجزائر: "فاقد العدس لا يعطيه".

وبينما تساءل أحد رواد "فيسبوك" عن "ماذا يمكن للمرء أن يرى ويستمتع به في هذه البلاد (الجزائر)"، قال آخر إن "حلم السفر عبر الزمن والرجوع 100 سنة (إلى الوراء) ضاع"؛ فيما كتب آخر: "كان لدي حلم أن أعود الى الماضي والعيش في الستينات في الجزائر، الحلم الآن تبخر. الطغمة العسكرية الحاكمة لا تزال تعيش في ستينات القرن الماضي، أما المغاربة والعالم فيدركون جيدا أن هذا البلد لا يدخل في حسابات أي مواطن في العالم،ونسبة السياحة التي تكاد تنعدم تشهد على ذلك".

وكان لافتا للانتباه أن معظم المغاربة المتفاعلين مع خبر فرض الجزائر تأشيرة على المغاربة، بدوا غير متحمسين لمعاملة الجزائريين الراغبين في زيارة المغرب بالمثل، معبرين عن أملهم في "عدم الانجرار إلى خيار القطيعة بين الشعبين التي يسعى النظام الجزائري إلى تعميقها".

وجاءت ردود الفعل المغربية من أطياف وحساسيات مختلفة، كما ضمت مؤثرين وفنانين معروفين، سعى كثير منهم إلى طرح أسئلة بخصوص المعاني المرتبطة بالتأشيرة، وصولا إلى وضع مقارنات بين "تأشيرة تقود طالبها إلى بلد متقدم، كالولايات المتحدة أو كندا أو ألمانيا، وبلد محسوب على العالم الثالث، كالجزائر".

لا حدث
لم ينحصر رفض القرار الجزائري، أو التفاعل معه بسخرية أو أسف، على المغاربة، إذ دخل نشطاء جزائريون على الخط، ممن لا يقاسمون النظام الجزائري توجهاته ومواقفه، مشددين، في تصريحاتهم، على أن القرار يدل على "ضعف النظام الجزائري"، وأنه "محاولة لكبح الزيارات بين الشعبين"، بهدف "تغطية الوضع الجزائري البئيس"، مشدين على أن القرار "يمسّ العائلات المغربية بدرجة كبيرة، التي لها أقارب في الجزائر"، مع إبداء تعجبهم من فرض التأشيرة لزيارة الجزائر التي "ليست وجهة سياحية لدى المغاربة".

وفي هذا السياق، لم يخف عبدو السمار، الصحافي الجزائري المقيم بفرنسا، امتعاضه من قرار النظام الجزائري، متوقفا، في كلمة مصورة، عند دلالات تأخر المغرب في التعبير عن موقف من قرار السلطات الجزائرية، وكأن هذا القرار "لا حدث"، متوقعا ألا تنجر السلطات المغربية إلى منطق المعاملة بالمثل، وأنها ستواصل استقبال الجزائريين من دون فرض التأشيرة عليهم، الشيء الذي سيضر، من وجهة نظره، بصورة الجزائر، ويقدمها كدولة تصعيد وصراع، والمسؤولة، من خلال نظامها، عن تردي علاقتها مع جارها.

جدار الكذب
كتب الصحافي المغربي لحسن لعسيبي، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ما الغاية من فرض السلطات الجزائرية التأشيرة على المواطنين المغاربة؟ عقلي الصغير يقول لي إنهم يتمنون ردا مماثلا من السلطات المغربية، حتى تقلص من إمكانية توافد مواطنين جزائريين إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية المقررة بالمغرب سنة 2025. ما تخشاه تلك السلطات الجزائرية ليس فقط حجم من سينتقل إلى المغرب من الداخل الجزائري، بل إسقاطات ذلك من حجم ما سيتم نقله عبر وسائط التواصل الاجتماعية حول حقيقة الواقع المغربي على مستوى الخدمات العمومية مقارنة بمثيلتها في الجزائر. ما تخشاه هو تلك المقارنات بالضبط، لأن ذلك سيهز جدار الكذب الذي تبنيه منذ شهور عبر مختلف وسائل إعلامها. مأمول أن السلطات المغربية لن تنجر إلى منطق ردود الفعل التي تتمناها السلطات الجزائرية التي تعاقب الشعبين الجزائري والمغربي بإجراءات بليدة مماثلة".

فيما كتب الصحافي محمد سراج الضو: "من المحتمل أن لا يقدم المغرب على المعاملة بالمثل مع الجزائر بخصوص فرض التأشيرة على الجزائريين، لأن لا مصلحة له في ذلك، وهي تأشيرة تحاصر الجزائريين بالدرجة الأولى وليس المغاربة".

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار