تحذير: هذا التقرير يحتوي على تفاصيل قد تكون مزعجة للبعض
في مساء يوم الجمعة الماضي ظهرت تقارير إعلامية تفيد بتوجيه ضربة إلى موكب من السيارات كان في طريقه إلى جنوب قطاع غزة.
وكانت هذه السيارات تنقل مدنيين، نازحين من شمال القطاع في أعقاب إصدار الجيش الإسرائيلي أمراً بالإخلاء.
ولم يمض إلا وقت قصير قبل أن تُنشر مقاطع الفيديو التي صوّرت المجزرة في أثناء وقوعها.
وتحققت بي بي سي من أن الهجوم وقع بالفعل في طريق صلاح الدين، وهو أحد طريقين اثنين معيّنَين للنازحين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 70 شخصا قُتلوا في مكان الهجوم. وحمّلت حركة حماس مسؤولية هذا الهجوم لإسرائيل. في حين نفى الجيش الإسرائيلي لبي بي سي مسؤوليته عن الحادث.
ما الذي يظهر في مقطع الفيديو؟
إن أطول فيديو تحققت منه بي بي سي يتعلق بهذا الهجوم يتضمّن مشاهد قاسية على نحو لا يمكننا عرضه؛ إن الفيديو يعرض مجزرة مكتملة. رجال يفرّون من الموت، وصيحات تحمل أدعية وعويلا يملأ المكان الذي غطّاه الدخان. بينما تدوّي صفارات الإنذار، وكذلك أجهزة إنذار السيارات.
وبينما تتحرك الكاميرا على طول المشهد، يبدو واضحا للعيان مدى الدمار الذي لحق بالمكان جرّاء الهجوم. جثث، ملتوية ومشوهة، وأشلاء في كل مكان.
بعد لحظات من الفيديو، تظهر في الكادر جثة طفل متحطمة، مُمدّدة على الشاحنة، وقد كان الطفل يرتدي بنطالا قصيرا وقميصا. وقد انحنت رأس الطفل القتيل باتجاه الكاميرا.
وأحصى فريق بي بي سي 12 جثة على الأقل في المشهد، وبعض هذه الجثث يعود لنساء وأطفال صغار.
وفي فيديو آخر، تظهر جثث الضحايا ممدّدة في الشارع، بينما السيارات مشتعلة بالنيران.
التحقق من لحظات ما بعد الهجوم مباشرة
حتى الآن، انتشرت عدة مقاطع فيديو خاصة بهذا الهجوم، وجرى تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي. وترصد هذه الفيديوهات لحظات ما بعد الهجوم مباشرة.
وتفيد تقارير نشرتها وسائل إعلام محلية بأن الهجوم وقع على طريق صلاح الدين، وهو طريق سريع رئيسي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، كما أنه أحد طريقين اثنين يستخدمها النازحون المدنيون من شمال غزة.
وقد شهد الطريق كثافة مرورية طوال يوم الجمعة، بعد أن أصدرت إسرائيل تحذيرات بمغادرة المنطقة.
وبناء على عملٍ بدأه محللون يعتمدون على أسلوب المصادر المفتوحة، مثل كريس أوسيك، شرع فريق بي بي سي في التحقق من الفيديو الأول الذي يصوّر اللحظات المباشرة بعد وقوع الهجوم.
وصبّ فريق بي بي سي تركيزه على هذا الطريق الممتد لـ 45 كيلو مترا، بداية من شمال القطاع، من حيث انطلق موكب النازحين.
واشتمل الفيديو على عدد من التفاصيل الرئيسية – مبان، وعلامات على طول الطريق، ولافتات – وهي كلها تفاصيل دالّة على الموقع.
وبالاستعانة بصور الأقمار الاصطناعية لهذا الطريق، وبالبحث عن مناطق تتطابق مع التفاصيل الواردة في الفيديو، توصّل فريق بي بي سي إلى مكان وقوع الهجوم – على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود الجنوبية لمدينة غزة.
واستخدم فريق بي بي سي أداة البحث العكسي عن الصور فيما يتعلق بمشاهد رئيسية في الفيديو وذلك من أجل التحقق من أنها جديدة وليست مسجّلة من حادث قديم.
وأخيرا، استعان فريق بي بي سي بأدوات عبر الإنترنت من أجل تحديد زاوية شعاع الشمس وطول الظلال، للوقوف على الوقت الذي جرى فيه تصوير الفيديو – في حوالي الساعة 17:30 بالتوقيت المحلي (14:30 غرينيتش) في يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبعد التحقق من التفاصيل الرئيسية، استطاع فريق بي بي سي رصْد أوجه التشابه الواردة في مقاطع فيديو أخرى مزعومة للهجوم.
ومن بين هذه الفيديوهات، مقطع تم تصويره من على مسافة 100 متر تقريبا، حيث تظهر فيه سيارات مشتعلة.
وتحدثت بي بي سي إلى العديد من خبراء الأسلحة، والذين قالوا إنه من الصعب الوقوف على سبب الانفجار، بناء على مقاطع الفيديو التي رصدت اللحظات التي أعقبت الهجوم مباشرة.
قبل الهجوم
على منصة إكس (تويتر سابقا)، تداول الناشطون مقطع فيديو آخر، في وقت مبكر من صباح يوم السبت، يُظهر موكبا في غزة وعلى متنه نحو 30 شخصا.
وتكشف الاستعانة ببرمجيات عبر الإنترنت، والتي تحلل زاوية الظلال، عن أن هذا الفيديو من المحتمل أن يكون جرى تصويره ما بين الساعة 15:30 إلى 17:20 حسب التوقيت المحلي في يوم الجمعة، يعني قبل وقوع الهجوم على موكب النازحين.
وقد جرى تصوير هذا الفيديو على مقربة من موقع الهجوم، وتشير تقديرات إلى أن الشاحنة في هذا الفيديو هي ذات الشاحنة التي ظهرت عليها الجثث مُمدّدة في الفيديو الأول.
ولكن، عند وضع الشاحنتين جنبا إلى جنب، يتضح أنهما مختلفتان؛ لا سيما عند مقارنة الجانب السفلي فيهما؛ حيث تحتوي إحداهما على صندوق مستطيل واحد، بينما الأخرى تحتوي على اثنين. هذا فضلاً عن اختلافات أخرى يمكن رصدها بمجرد النظر.
ومن جانبه، يقول الجيش الإسرائيلي إن أعداءه يحاولون منع المدنيين الفلسطينيين من مغادرة شمال القطاع.
وستعكف بي بي سي على مواصلة مراقبة الأوضاع ونقل أي مستجدات.