سيدني: منعت أستراليا الخميس روسيا من بناء سفارة جديدة قرب البرلمان في كانبيرا بعدما حذر مسؤولون استخباراتيون من أنها تشكل خطر تجسس وتهديدا للأمن القومي للبلاد.
وتستأجر روسيا منذ العام 2008 من وكالة تابعة للحكومة الفدرالية الأسترالية قطعة أرض تبعد نحو 400 متر عن مبنى البرلمان في كانبيرا. وفي 2011 حصلت على ترخيص لبناء سفارتها الجديدة على قطعة الأرض هذه.
لقطة من فيسبوك لسفارة روسيا في أستراليا
لكن في آب/أغسطس 2020 حاولت الحكومة الأسترالية فسخ عقد الإيجار بدعوى عدم امتثال المستأجر لبنود معيّنة في رخصة البناء، بيد أنّ القضاء الفدرالي أبطل محاولتها هذه في أيار/مايو الفائت.
وتقع السفارة الروسية الحالية في منطقة غريفيث في جنوب المدينة، وكانت روسيا تخطط للانتقال منها، إذ إنها مبنى ضخم من الطوب في جزء غير عصري من المدينة يطل على قاعة لإعداد الموتى وحانة ومحطة وقود.
وكانت عملية البناء تجري بوتيرة بطيئة فيما لا يزال الموقع مليئا بمخلفات ومواد بناء.
ورغم أن الحكومة كانت مرتاحة للخطط في البداية، أصبحت تسعى جاهدة لنسفها مع توتر العلاقات عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الخميس إنّه بعدما جربت حكومته كلّ الطرق القانونية الممكنة لمنع روسيا من بناء سفارة جديدة على هذه الأرض، فإنّ الطريقة الوحيدة المتبقية أمامها هي إقرار تشريعات جديدة في البرلمان تمنع موسكو من المضيّ قدما في مشروعها.
وقال ألبانيزي لصحافيين إنّ الحكومة تشاورت مع أجهزة الاستخبارات و"تلقّت نصائح أمنية واضحة للغاية بشأن الأخطار التي يشكّلها وجود روسي جديد في مكان قريب لهذه الدرجة من مبنى البرلمان".
وأضاف "نتحرّك بسرعة لضمان عدم تحوّل الموقع المستأجر إلى وجود دبلوماسي رسمي".
مشورة قانونية
من جهته، صرح دبلوماسي روسي أن موسكو تسعى للحصول على "مشورة قانونية" الخميس بعد قرار أستراليا.
وهذه التشريعات الجديدة التي أُقرّت بدعم من الحزبين، لا تمنع روسيا من أن يكون لها وجود دبلوماسي في أستراليا، وهي تطال فقط مسألة تشييد مبان قريبة جدا من البرلمان.
وتسلّم التشريعات أيضا بحقيقة أن روسيا قد تكون مؤهلة للحصول على تعويض مالي.
قال دينيس ديسموند الخبير في شؤون التجسس والعميل السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، إنه من المنطقي الشك في أن روسيا ستستخدم موقع السفارة المقترح قاعدة للتجسس على سياسيين أستراليين.
وأوضح لفرانس برس أن "هناك نية محددة جدا من قرار تشييد مبنى سفارة في مكان معين". وأضاف أن "هناك مجموعة متنوعة من التقنيات والتكتيكات التي سيستخدمونها"، قد تشمل جمع معلومات استخباراتية وتتبع مسؤولين أستراليين على حد قوله.
من جهته، قال أليكس بريستو الدبلوماسي البريطاني السابق في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، إنه يرجَّح أن تكون الحكومة تلقت تحذيرا "مؤكدا" من وكالات الاستخبارات.
وأضاف "نظرا للمسافة (بين المبنى المقترح والبرلمان)، قد يكون ذلك شكلا من أشكال المراقبة الإلكترونية التي تعمل خارج السفارة".
وتابع أن "روسيا تملك واحدا من أكبر أجهزة الاستخبارات وأكثرها قدرة وعدوانية والأقل تقييدا في العالم".
وأوضح رئيس الوزراء الأسترالي أنّه يتوقّع أن تلجأ روسيا إلى إجراء انتقامي أو تقدّم طعنا جديدا أمام القضاء. وقال "سنرى ماذا سيكون عليه ردّها، لكنّنا تحسّبنا لذلك أيضا".
وتابع "لا نعتقد أنّ روسيا في وضع يخوّلها التحدث عن القانون الدولي لأنّها رفضته باستمرار وبوقاحة من خلال غزوها أوكرانيا".