بارك سيتي (الولايات المتحدة): استحوذت أفلام أخرجتها أو مثّلت فيها إيرانيات على اهتمام واسع في مهرجان سندانس السينمائي خلال نهاية الأسبوع الفائت، في وقت يتابع السينمائيون الإيرانيون المقيمون في الخارج ما يشهده بلدهم من احتجاجات ذات عواقب دموية.
وشهد المهرجان السبت عرضين أوّلين على المستوى العالمي لفيلمي "جونام"، وهو عمل وثائقي يتناول قصة عائلة مؤلفة من ثلاثة أجيال من النساء الإيرانيات يعشن حالياً في ولاية فرمونت الأميركية، و"ذي بيرشن فيرجن" الكوميدي الذي يتمحور على أحداث حصلت مع شخصيات العمل في إيران ونيويورك مدى عقود عدة.
وأقيم عرض أول خلال المهرجان لفيلم "شايدا" للمخرجة نورا نياساري والذي يتناول قصة امرأة إيرانية تهرب من زوجها العنيف في أستراليا.
ويأتي إدراج هذه الأعمال في برنامج المهرجان المرموق الذي ينظم في ولاية يوتا الأميركية بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات في إيران عقب وفاة مهسا اميني (22 عاما) في 16 أيلول/سبتمبر الماضي بعد توقيفها في طهران من جانب شرطة الأخلاق للاشتباه بعدم احترامها لقواعد اللباس الصارمة في إيران.
وقُتل ما لا يقل عن 481 شخصاً خلال قمع التظاهرات فيما يواجه نحو 109 آخرون عقوبة الإعدام بقضايا مرتبطة بالاحتجاجات. وجرى تنفيذ حكم الإعدام في حق أربعة أشخاص، بحسب منظمة "إيران هيومن رايتس" غير الحكومية.
وتقول مخرجة "جونام" سييرا يوريك إنّ "المحتجين يخاطرون بحياتهم... وأنا أؤيدهم بصورة تامة".
وتضيف لوكالة لفرانس برس "لا يمكن للأشخاص أن يعبّروا بحرية في إيران، فالسلطات لا تتردد في سجن مخرجي الأفلام والفنانين".
وتتابع "يمكنني أن أعبّر بحرية إلى حد ما خارج إيران".
واعتقلت السلطات الإيرانية عدداً كبيراً من الأسماء البارزة في المجال السينمائي الإيراني، بينهم المخرج الشهير جعفر بناهي المُدان منذ سنوات بتهمة "الدعاية ضد النظام" والموقوف منذ ستة أشهر.
وتعجز سييرا يوريك المولودة في الولايات المتحدة عن السفر إلى إيران لأسباب أمنية. ويتطرق فيلمها إلى محاولاتها للتعرف أكثر إلى إيران وفهمها بصورة أفضل، من خلال تعلم اللغة الفارسية وإجراء مقابلات مع والدتها وجدتها.
وأصبحت يوريك تدرك تفاصيل مقتل أحد أجدادها بالإضافة إلى قصة جدتها التي تزوجت في سن الرابعة عشرة من رجل تعرفت إليه قبل سن البلوغ حتى.
وبينما لا تظهر جدتها أي مشكلة في التطرق إلى ذكرياتها، تشعر والدتها بالقلق من ذلك لاعتبارها أنّ تناول ماضي العائلة في فيلم، ينطوي على "خطورة كبيرة"، وتنبّه ابنتها من أنّ "المخرجين في إيران يواجهون الشنق".
وتقول يوريك "أصبح الفيلم من خلال مشاركتنا في سندانس حاضراً في مشهد السينما العالمي"، مضيفةً "أعتقد أن الإيرانيين يتساءلون دائماً متى يستطيعون قول الحقيقة"، لأنّ ما يقولونه يمكن أن يحمل "عواقب على إيرانيين مقيمين في إيران".
وتتابع "لم أكن أفهم الوضع قبل أن تروي لي جدتي قصة استشهاد جدها، ففهمت جيداً جدار الخوف الذي بناه النظام الاستبدادي لإيرانيين كثر داخل إيران وخارجها"، مضيفةً "كانت والدتي تحاول أن تحميني من هذا الواقع".
يتناول فيلم "ذي بيرشن فيرجن" قصة شابة أميركية متحدرة من إيران تُدعى ليلى وتجمعها علاقة متوترة بوالدتها بسبب وجهتي نظرهما المختلفتين في شأن دور النساء. وتتولى الممثلة ليلى محمدي تأدية هذا الدور.
وعندما تُدرك ليلى تفاصيل حياة والديها في إيران ومغادرتهما البلاد، تتغيّر نظرتها ووالدتها إلى إرثهما المعقّد.
وتقول المخرجة مريم كيشافارز على هامش عرض أول للعمل "أنا فخورة لعرض فيلم إيراني يتناول النساء في المهرجان". وارتدى الممثلون المشاركون في المهرجان عن هذا الفيلم، شارات بألوان العلم الإيراني مكتوب عليها شعار "امرأة، حياة، حرية" الشهير.
وتضيف "حتى قبل هذا النظام، كانت النساء يكافحن ضد المجتمع من أجل ما يرغبن به. واستطعنَ قلب الأعراف وتعلّمن أن يكنّ أحراراً على طريقتهنّ".
وتعجز مريم كيشافارز عن العودة إلى إيران منذ عرض فيلمها الأول "سركمستنس" (Circumstance) الذي يتناول قصة حب تجمع مراهقتين إيرانيتين.
وتبدي سييرا يوريك رغبة دائمة في زيارة إيران يوماً ما. وفيما تتابع التظاهرات من بعيد، تأمل أن يشكل فيلمها "جزءاً صغيراً من هذا النضال من أجل الحرية".