: آخر تحديث
تفشي عدم الانضباط في صفوفه

تحديد موقع تواجد الجنود نقطة ضعف إضافية يعانيها الجيش الروسي

19
14
20

باريس: دفع عشرات لا بل المئات من الجنود الروس حياتهم ثمنا لاستخدامهم هاتفهم النقال في أوكرانيا ما سمح بتحديد موقعهم الجغرافي وضربهم، في دليل جديد على ضعف الجيش الروسي على الصعيد التكنولوجي وعدم الانضباط المنتشر في صفوفه.

أسفرت الضربة الأوكرانية على ماكيفكا ليلة رأس السنة عن مقتل 89 شخصا بحسب موسكو. لكن مراسلي الحرب الروس الذين يزداد نفوذهم، يتحدثون عن مئات القتلى. وأكدت كييف من جهتها سقوط 400 قتيل.

وأقر الجنرال الروسي سيرغي سيفريوكوف بأسى "من الواضح أن السبب الرئيسي ... هو التشغيل والاستخدام الكثيفين للهواتف النقالة في مرمى أسلحة العدو رغم الحظر المفروض".

وسبق لجيوش أخرى أن غُدرت بسبب تحديد الموقع الجغرافي لجنودها جراء استخدام الهاتف النقال. وقتل الرئيس الشيشاني الانفصالي جوهر دوداييف بصواريخ أرض جو روسية في العام1996بعد تحديد موقع هاتفه العامل بالأقمار الاصطناعية.

في كانون الثاني/يناير 2018، تبين للجيش الأميركي أن البرمجية الرياضية "سترافا لابز" تسمح بتحديد موقع الجنود في القواعد الأميركية في أفغانستان والعراق وسوريا. لكن ذلك لم يلحق على ما يبدو خسائر بشرية.

إلا أن الخطأ هذه المرة فاضح.

وأوضح جوزف شيلزي الباحث في صوفان سنتر في نيويورك لوكالة فرانس برس "استخدام الهواتف النقالة خطر للغاية على أرض المعركة والمخاطرة لا تستحق العناء" خصوصا في أوكرانيا حيث تدرك الحكومة تماما "ما يحدث عبر شبكة الاتصالات الداخلية".

في روسيا، الجدل مستعر. أفاد المعهد الأميركي لدراسات الحرب (ISW) أن هيئات مقربة من الكرملين ومدونين عسكريين شددوا على "قدرة أوكرانيا على استغلال الممارسات الخاطئة على صعيد أمن العمليات على خطوط الجبهة".

ويشكل ذلك نقطة ضعف إضافية لدى هذا الجيش الذي كان يوصف قبل النزاع على أنه من الأقوى في العالم لكنه أظهر منذ ذلك الحين ضعفا لوجيستيا ونظاما استخباريا غير فاعل وسلسلة قيادة متفككة وعتادا متقادما وتنسيقا غير كاف بين أسلحته المختلفة.

ونسب مقتل جنرال روسي في بداية النزاع إلى أجهزة الاتصالات الثقيلة في دبابته، التي سمحت على ما يبدو للأوكرانيين برصد وجوده.

وأكد ستيفان دوبرويي الخبير الفرنسي في الاتصالات "التكنولوجيا العسكرية الروسية مجرد وهم، يفتقرون للجودة انتهى الأمر".

وأضاف "في بداية النزاع كان الروس يستخدمون الهواتف المشفرة إلا أنم واجهوا مشاكل لأن التكنولوجيا المستخدمة هي من الجيل القديم العائد للثمانينات أو التسعينات. لذا راحوا يستخدمون الهواتف المدنية".

ويرجح ألا يكون الجنود استخدموا الهواتف ليلة رأس في إطار عمليات عسكرية. إلا أن ضربة ماكيفكا تفضح هوة تكنولوجية كبيرة.

تملك كييف أسلحة غربية متطورة جدا مثل قاذفات الصواريخ هيمارس التي وفرتها الولايات المتحدة وأدوات استخبارية تقنية لا تملكها موسكو.

وأوضح ستيفان دوبرويي "لا يملك أي طرف ضمانة 100% من أن موقعه الجغرافي لن يحدد بواسطة هاتفه النقال" مشيرا إلى إمكان رصد الهاتف المحمول حتى لو لم يكن مشغلا. وأضاف "لكن ينبغي توافر القدرة على إجراء الحسابات ومعالجة (البيانات) في الوقت الحقيقي. ولا تملك الكثير من الدول القدرة على ذلك".

وتشهد الضربة التي حصدت أكبر عدد من الجنود خلال هذه الحرب، على تراجع عديد الجيش بسبب المعارك وتعزيز صفوفه بمجندين تمت تعبئتهم على عجل وارسلوا إلى الجبهة بعد تدريب غير كاف.

وقال نيك براون الخبير في شركة "جينز" البريطانية الخاصة للمعلومات الاستخبارية لوكالة فرانس برس "القوات المسلحة تذهب بعيدا في حماية شبكاتها للاتصالات. لكن هذا الأمر قد يسقط سريعا جدا في حال تراجع الانضباط ولم تحصل مراقبة صارمة على استخدام الجنود لأجهزة الهاتف الخاصة".

وأكد هو أيضا أخطاء أرتكبها الجانب الروسي على صعيد الأمن العملاني موضحا "يبدو أن المجندين الجدد فاقموا من المشكلة مع استخدام الأجهزة الشخصية على نطاق كبير".

وأشار نيك براون إلى أن الفاعلية القاتلة للضربة الأوكرانية عائدة أيضا إلى أخطاء أخرى خصوصا إيواء الكثير من الجنود في موقع واحد قرب مخزن للذخيرة.

ويبنغي على موسكو التحرك لتجنب كارثة أخرى كهذه. لكن جوزف شيلزي يرى أن السيناريوهات ليست كثيرة.

موضحا "الحل الأبسط للحد من المخاطر التي تطرحها الهواتف النقالة على أرض المعركة، هو الحظر التام لاستخدامها".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار