: آخر تحديث
ضحايا تمييز عرقي يخضعون للاحتجاز التعسفي والاستجواب

أميركيون متحدرون من تيغراي يواجهون صعوبات هائلة في الرحيل

14
13
14

نيروبي: يواجه رعايا أميركيون عالقون في منطقة تيغراي التي تشهد حربا منذ عامين، صعوبات هائلة في العودة إلى الولايات المتحدة، ويؤكدون أنهم ضحايا تمييز عرقي ويخضعون للاحتجاز التعسفي والاستجواب من قبل السلطات الإثيوبية.

ودفع طلب الحكومة الإثيوبية التمكن من استجواب وتوقيف كل الأميركيين الذين يتم إجلاؤهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي، واشنطن إلى التخلي عن خطتها إجلاء رعاياها جواً من تيغراي العام الماضي، كما ورد في رسائل إلكترونية لمسؤولين أميركيين اطلعت عليها وكالة فرانس برس.

واندلعت الحرب في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في هذه المنطقة الواقعة في شمال إثيوبيا، عندما أرسل رئيس الوزراء أبيي أحمد الجيش لإقصاء السلطات الإقليمية التي تحدت سلطته واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية.

كانت زينيبو نيغيسي غيسي التي تعمل في قطاع الرعاية الصحية في ولاية كولورادو الأميركية، تزور والدتها في تيغراي حينذاك. وبعد بضعة أشهر تمكنت من مغادرة المنطقة برا ولجأت إلى اقارب لها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

لكن عندما أرادت بعد ذلك أن تستقل طائرة للعودة إلى الولايات المتحدة، تم احتجازها بسبب أصلها، على ما قالت.

وقد حرصت على إخفاء أي إشارة تدل على أصلها التيغراني ولا سيما ندوب على وجهها خوفا من توقيفها كما حدث لصديقات لها. لكن اسمها أثار شكوكاً.

وبعد استجواب منهك نفت خلاله أصولها سُمح لها أخيرًا بمغادرة إثيوبيا. وقالت "حالفني الحظ وهذا لم يحدث لآخرين"، موضحة أن عدداً من المسافرين في رحلتها أوقفوا.

وقال الشماس الأميركي غيربريميدن غيبريهيوت إنه خضع لاستجواب استمر ساعة ونصف الساعة في مطار أديس أبابا في وقت سابق من العام الحالي عندما أراد السفر إلى الولايات المتحدة. وأضاف "كانت كل وثائقي قانونية". وأشار إلى أن اسمه "التيغراني بامتياز" هو سبب توقيفه.

إلغاء الإجلاء

لا تعترف السلطات في أديس أبابا بازدواج الجنسية ويعامل الأشخاص من أصل إثيوبي كإثيوبيين أيا تكن جوازات السفر التي يحملونها.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وبينما كانت رقعة النزاع تتسع ويمتد باتجاه العاصمة، وضعت الحكومة الأميركية خطة لإجلاء مواطنيها العالقين في تيغراي.

لكنها تخلّت عن هذه الفكرة في مواجهة طلب تقدمت به في اللحظة الأخيرة الحكومة الإثيوبية، كما يتبين من رسائل الكترونية لمسؤولين أميركيين اطلعت عليها وكالة فرانس برس.

وجاء في رسالة كتبها شخص يعمل في مجلس الشيوخ الأميركي إن "الحكومة الاثيوبية (...) سحبت الموافقة في اليوم نفسه (عملية الإجلاء) عندما اعترضت الولايات المتحدة على طلب الحكومة الإثيوبية التدقيق في أوراق الركاب والتمكن من احتجازهم إلى أجل غير مسمى قبل السماح لهم بمواصلة رحلتهم".

مع ذلك ذكر ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة فرانس برس أتاحت السلطات الأميركية والإثيوبية في شباط/فبراير "سفر 217 مواطناً أميركياً من مقيمين دائمين بشكل قانوني وطالبي تأشيرات وأوصياء على قاصرين، من ميكيلي (عاصمة تيغراي) إلى أديس أبابا".

لكنه لم يوضح ما إذا بعضهم أوقفوا في أديس أبابا بعد ذلك ولا عدد الذين تمكنوا من مواصلة رحلتهم إلى الولايات المتحدة.

وأكد الناطق نفسه أنه ليس هناك أي أرقام تتعلق بعدد الرعايا الأميركيين الموجودين في تيغراي.

ولم ترد الحكومة الإثيوبية على أسئلة وكالة فرانس برس.

رشوة كبيرة

ظن يوهانيس (54 عاماً) الذي يعمل سائق سيارة أجرة لحساب شركة أوبر ورفض كشف اسم عائلته، أنه لن يتمكن من مغادرة إثيوبيا يوماً.

وقال إنه وضع في حبس انفرادي في مطار أديس أبابا عندما أراد مغادرة البلاد مع أسرته في كانون الأول/ديسمبر 2020. وأضاف "قلت لهم إنني مواطن أميركي لكنهم قالوا لي إنهم لن يسمحوا لي بالرحيل".

وتمكن أخيراً من أن يستقل الطائرة بعدما دفع رشوة كبيرة لعناصر الأمن، وهو الثمن الذي كان عليه أن يدفعه لإنقاذ ابنه المراهق المصاب بالسكري.

ووقع اتفاق سلام في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر بين الحكومة ومتمردي تيغراي. لكن حتى لو فتحت الطرق المؤدية إلى تيغراي، يخشى عدد من الأميركيين أن يجد أقرباؤهم أنفسهم محتجزين بعد مغادرة المنطقة.

وتؤكد مايبل جيبريميدين الناشطة المقيمة في نيويورك أن "كل أفراد أسرتها تقريباً" البالغ عددهم "نحو خمسين" موجودون في تيغراي، وجميعهم أميركيون أو يملكون تصاريح إقامة دائمة. وقالت "هناك خوف كبير في جاليتنا مما يمكن أن تفعله الحكومة الإثيوبية لعائلاتنا".

وهي لم تسمع أي أخبار عن والدها منذ أكثر من عام.

عائلات ممزقة

في تيغراي، الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية مقطوعة جزئيًا أو كليًا، منذ أكثر من عام.

وأويت (تم تغيير الاسم الأول) رجل أعمال من كولورادو لم يعانق يوما ابنته البالغة من العمر عامين والتي ولدت في تيغراي بعد بدء النزاع مباشرة.

وهي عالقة مع زوجته في هذه المنطقة التي تشهد أزمة إنسانية خطرة. ولم يتحدث إليهما منذ أكثر من عام.

وقد سافر إلى إثيوبيا العام الماضي لمحاولة إعادتهما إلى الولايات المتحدة لكن لم يُسمح له بالتوجه إلى تيغراي.

وطلب المساعدة من مسؤولين أميركيين، من دون جدوى. وقال "أتلقى دائما الرد نفسه (ليس لدينا برنامج إجلاء)". وليس لدى أويت سوى بعض الصور وتسجيلات الفيديو لابنته، التي تؤلمه مشاهدتها في بعض الأحيان.

في مقطع فيديو صور العام الماضي شاهدته وكالة فرانس برس، تظهر الفتاة وهي تحاول النهوض. وقال "كانت ساقاها ضعيفتين جداً بسبب نقص الطعام". وأضاف "من الصعب أن تشعر بأنك أب في حين أنك لم تر ابنتك أبدًا".

"كانوا يتقاذفون المسؤولية"

من جهتها، حاولت سابا ديستا إعادة والديها اللذين تقاعدا في بلدة شيره في تيغراي بعدما عاشا في سياتل عشرين عامًا.

وطلبت المساعدة من وزارة الخارجية والسفارة الأميركية في أديس أبابا. وقالت ديستا البالغة من العمر 36 عامًا وهي تكتم دموعها "كانوا يتقاذفون المسؤولية".

وهي قلقة خصوصاً على والدها البالغ من العمر 70 عامًا ويعاني من اضطراب عصبي يصيبه بإعاقة في منطقة ينقص فيها الدواء بشدة.

ازداد قلقها في تشرين الأول/أكتوبر عندما سمعت أنباء عن قصف عنيف على شيره قبل استعادة الجيش الإثيوبي وحلفائه السيطرة عليها.

وهي تعرف عدداً كبيراً من الأشخاص المحتجزين في العاصمة الإثيوبية بينهم صديق لها أوقف ستة أشهر. ولقيت خالتها المعاملة نفسها لمدة أسبوع تقريباً.

وقالت إنها تخشى من أن تتمكن من إخراج والديها من تيغراي ليتم احتجازهما في العاصمة الإثيوبية. وقالت "أخشى ما يمكن أن يحدث لهما في أديس ابابا أكثر مما قد يحدث في منطقة حرب مثل تيغراي".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار