إيلاف من بيروت: إنها علامة مؤكدة على أن فلاديمير بوتين لم يحسن التخطيط لغزو أوكرانيا، عندما يعترف المسؤولون الروس بأنهم أصيبوا بهزيمة نكراء جراء الهجوم الأوكراني الأخير.
يقول كون كوفلين، المحلل العسكري في صحفية "دايلي تلغراف" البريطانية: "في هذا الصراع، كانت ردة الفعل البديهية من الكرملين إزاء أي انتكاسة خطيرة في الميدان الأوكراني هي الانغماس في التستر الصارخ. كان هذا هو الحال في أبريل عندما نجح الأوكرانيون في تدمير الطراد موسكفا، نجم أسطول البحر الأسود الروسي. فبدلًا من الاعتراف بأنه غرق نتيجة ضربة صاروخية، حاولت موسكو إقناع الجمهور الروسي بأن انفجارًا غامضًا هو السبب".
نصر مبين
بحسب كوفلين، إن اعتراف المعلقين الروس السهل بأن الأوكرانيين حققوا "نصرًا مبينًا" في هجومهم الدراماتيكي على الجبهة الشمالية يشير إلى أن مغامرة بوتين العسكرية في أوكرانيا واقعة في ورطة حقيقية، على الرغم من كل اللف والدوران اللذين يستخدمهما الكرملين. ووفقًا لأحدث التقييمات العسكرية، فإن مساعي أوكرانيا للاستيلاء على العديد من المعاقل الاستراتيجية حول خاركيف في شمال شرق البلاد قد نجحت في تحرير أراض تعادل في حجمها تقريبًا حجم لانكشاير البريطانية. وفي ما سيشكل أسوأ هزيمة لروسيا منذ مارس الماضي، عندما اضطرت موسكو للتخلي عن محاولاتها للسيطرة على العاصمة كييف، نجحت القوات الأوكرانية في استعادة عشرات البلدات والقرى القريبة من خاركيف.
يضيف كوفلين: "يمكن أن يكون للهجوم المفاجئ الذي بدأ قبل ستة أيام تداعيات كارثية على القوات الروسية في الميدان الأوكراني، فهذا الاختراق يعني أن الأوكرانيين الآن في وضع يسمح لهم بتهديد خطوط الإمداد الحيوية لروسيا. تحديدًا، إن استيلاء اللواء 92 آليات الأوكراني على بلدة كوبيانسك ذات الأهمية الاستراتيجية الجمعة يمثل انتكاسة كبيرة للقوات الروسية. فإن كوبيانسك هي مستودع الإمداد الرئيسي لعشرات الآلاف من الجنود الروس في منطقة خاركيف، والاستيلاء عليها يعني وقوع نحو 15000 جندي روسي في حصار محكم، لا تصلهم الإمدادات العسكرية".
إن حجم هذه الكارثة يجبر المسؤولين الأوكرانيين الموالين لروسيا على الاعتراف بأن جيش زيلينسكي يكتسب أرضًا في المناطق الرئيسية للصراع. واعترف فيتالي غانشيف، وهو مسؤول عينته روسيا، بأن أوكرانيا حققت ما وصفه بأنه "انتصار كبير"، في حين دعا مسؤولون إقليميون نصبتهم روسيا المدنيين إلى إخلاء مدينة إزيوم القريبة. ووفقًا لكوفلين، حتى موسكو تعترف بأن خطوطها الأمامية في منطقة خاركيف قد انهارت، "على الرغم من أن مسؤولي الدفاع الروس يصرون على أن ما حصل هو انسحاب تكتيكي لا أكثر، وسيمكن قواتهم من إعادة تجميع صفوفها لشن هجوم مضاد".
قصة مغايرة
مع ذلك، فإن طوابير الدبابات والأسلحة الثقيلة الروسية المهجورة والتي تم الاستيلاء عليها تروي قصة مغايرة، ما يشير إلى أن ميزان الصراع يميل الآن بشكل حاسم لصالح كييف. ومن المؤكد أن هذا الاختراق يشير إلى أن الجيش الأوكراني، بعيدا عن كونه الحلقة الأضعف في الصراع، يملك موارد وخبرات لازمة لإحداث تأثير حاسم في ساحة المعركة ضد ما يفترض تقنيًا أن يكون قوة روسية متفوقة إلى حد كبير، سواء من حيث العداد أم العديد. فالتقدم في خاركيف، على سبيل المثال، "تحقق من خلال تكتيك تقليدي للتضليل. وتشير الإجراءات التي اتخذتها أوكرانيا إلى أن هدفها الرئيسي هو استعادة خيرسون الجنوبية الاستراتيجية الرئيسية، التي تؤمن الوصول إلى الموانئ التي تحتلها روسيا في شبه جزيرة القرم. أجبر التحرك الأوكراني في اتجاه خيرسون روسيا على إعادة نشر قواتها جنوبا، وبالتالي إضعاف دفاعاتها في خاركيف"، بحسب كوفلين، مضيفًا: "علاوة على ذلك، استفاد المجهود الحربي الأوكراني بشكل كبير من الدعم العسكري الذي تلقاه من دول حلف شمال الأطلسي مثل بريطانيا والولايات المتحدة، خصوصًا أنظمة الصواريخ متعددة الفوهات بعيدة المدى التي مكنت الأوكرانيين من استهداف المنشآت العسكرية الروسية بدقة وتدميرها بشكل تام.
يختم كوفلين بالقول: "على النقيض من ذلك، يبدو الجيش الروسي محبطًا وعاجزًا عن تنظيم دفاع قوي بوجه الهجوم الأوكراني، وهذا وضع لا يبشر بالخير بالنسبة إلى حلم بوتين بإعادة توحيد أوكرانيا مع روسيا الأم. فإذا تمكن الأوكرانيون من الحفاظ على مكاسبهم العسكرية المثيرة للإعجاب التي حققوها خلال الأيام القليلة الماضية، فإن بوتين سيجد نفسه قريبًا قد سقط في هاوية الهزيمة الكارثية".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "دايلي تلغراف"