بيروت: أثار توقيف رجل دين مسيحي لساعات بعد عودته من تفقّد رعيته في اسرائيل، ثم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة العسكرية الأربعاء للتحقيق معه، استياء مسيحياً في لبنان.
وبحسب وسائل إعلام محلية، أوقف جهاز الأمن العام عند معبر الناقورة الحدودي مع إسرائيل الإثنين راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدسة المارونية المطران موسى الحاج فور وصوله الى لبنان وحقّق معه لساعات طويلة قبل أن يطلق سراحه. ثم استدعته المحكمة العسكرية للتحقيق معه الأربعاء، من دون أن يمثل أمامها، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.
ويترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي الأربعاء اجتماعاً طارئاً في مقر البطريركية في بكركي للنظر في القضية، بينما ندد مسؤولون مسيحيون بما تعرض له المطران.
وقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الثلاثاء "ليس مفهوماً أبداً أن يقوم الأمن العام بتوقيف" الحاج. وندد كذلك باستدعائه الى المحكمة العسكرية من دون توفر "شبهة أو دليل أو قرينة".
واعتبر النائب عن حزب الكتائب اللبنانية نديم الجميل أن توقيف المطران هو "تعدّ على الكنيسة المارونيّة".
ويشغل الحاج كذلك منصب النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية في الطائفة المارونية. ويُسمح لرجال الدين المسيحيين الذين يخدمون رعايا في إسرائيل بالتنقل اليها ومن ثم العودة أدراجهم.
ولم يمثل الحاج الأربعاء أمام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي استدعاه لاستجوابه بشبهة "مخالفة قانون مقاطعة إسرائيل، ومساعدة عملاء موجودين داخل إسرائيل على نقل أموال ومنتجات إسرائيلية إلى لبنان".
وقال مصدر قضائي لفرانس برس إن المطران "لم يرسل معذرة تبرر تغيّبه، موضحاً أن عقيقي "سيستخدم كل الوسائل القانونية لمثول المطران المذكور امام التحقيق واتخاذ الإجراءات التي يقتضيها القانون في حالات مماثلة".
وبحسب ما أفاد مصدر مطلع على مضمون التحقيقات الأولية فرانس برس، ضبط الأمن العام مع المطران خلال عملية التفتيش "أدوية ومواد غذائية ومعلبات تقدّر بحمولة سيارة، إضافة إلى مبلغ مالي بقيمة 460 ألف دولار"، مرسلة من اللبنانيين في إسرائيل الى عائلاتهم في لبنان.
وسلّم المطران، وفق المصدر ذاته، المحققين "لائحة من ست صفحات عليها مئات الأسماء العائدة للأشخاص الذين سيسلّمهم الأموال، وتتفاوت قيمة المبالغ ما بين مئة ومئتين و500 دولار لكلّ شخص أو عائلة في لبنان".
ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً غير مسبوق منذ أكثر من عامين، فقدت معه العملة المحلية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها مقابل الدولار. وباتت عائلات كثيرة تعتاش من مساعدات يرسلها أحد أفرادها من الخارج.
وبعد انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في أيار/مايو 2000، فرّ الآلاف من أعضاء "جيش لبنان الجنوبي" وأفراد عائلاتهم بمعظمهم إلى إسرائيل خوفاً من أعمال انتقامية خصوصاً من أنصار حزب الله. ولم يعد غالبية الفارين إلى البلاد خشية تعرضهم للملاحقة أو التوقيف. ومنذ ذلك الوقت، تثير قضيتهم حساسية بالغة في لبنان، إذ يصفهم البعض بـ"المبعدين قسراً"، فيما يعتبرهم آخرون "عملاء" لإسرائيل.