تعهد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، لحكومته بأنه لن يستغل الوقت المتبقي له كرئيس للوزراء لإجراء "تغييرات كبيرة في التوجهات".
وكان جونسون قد رضخ لضغوط وزراء وقدم استقالته من منصب زعيم حزب المحافظين، بيد أنه يرغب في البقاء في مهامه حتى يختار الحزب من يخلفه.
كما حثه بعد النواب المحافظين على مغادرة منصبه فورا.
بيد أن وزيرا في الحكومة قال إن جونسون وافق على البقاء كرئيس وزراء "مؤقت".
وسوف يُعلن عن جدول زمني لسباق اختيار زعيم حزب المحافظين الأسبوع المقبل، وعلى الرغم من أنه لا توجد مدة محددة لمثل هذه المنافسة، بيد أنه من المتوقع اختيار زعيم الحزب الجديد، والذي سيتولى أيضا منصب رئاسة الوزراء، بحلول سبتمبر/أيلول.
وتعد المدعية العامة، سويلا برافرمان، الوحيدة عن حزب المحافظين التي أعلنت ترشحها لتحل محل جونسون، كما أعلن ستيف بيكر أنه يفكر "بجدية" في الترشح.
ومن المتوقع أن ينضم إليهما المزيد من المرشحين خلال الأيام المقبلة، على الرغم من أن نائب رئيس الوزراء، دومينيك راب، استبعد نفسه.
كما أعلن مايكل غوف، الذي أقيل من منصبه كوزير للدولة لشؤون الإسكان والمجتمعات، والذي كان قد ناشد جونسون في وقت سابق الاستقالة، بأنه لن يترشح هو الآخر.
وعلمت بي بي سي أن ساجد جاويد، الذي أدت استقالته من منصبه كوزير للصحة يوم الثلاثاء إلى كم هائل من استقالات أخرى أجبرت جونسون على الاستقالة، يفكر بجدية في خوض سباق الترشح.
كما يفكر وزير النقل، غرانت شابس، الذي كان جزءا من مجموعة وزراء الحكومة المعارضين، والذين طالبوا جونسون بالاستقالة، بجدية في الترشح.
ويقول زعيم حزب العمال، سير كير ستارمر، إنه إذا لم يتنحى جونسون فورا، فإن حزبه سيقدم تصويتا بحجب الثقة عن الحكومة في البرلمان.
كما كان رئيس الوزراء السابق، سير جون ميجور، من بين المحافظين الذين طالبوا جونسون بالاستقالة من منصب رئيس الوزراء فورا، بحجة أنه سيكون "من غير الحكمة" أن يبقى حتى اختيار من يخلفه.
واقترح ميجور على رؤساء الحزب الإسراع في اختيار خلف جونسون، مضيفا أنه في حال تعذر ذلك، يتعين أن يتولى نائب جونسون، دومينيك راب، منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال.
وكان جونسون قد صرح، خلال اجتماع لمجلس الوزراء في وقت سابق، بأنهم (الوزراء) "مُلزَمون بتنفيذ ما اتفقنا عليه بالفعل"، وأضاف قائلا: "لن أقوم بتغيير كبير في التوجهات" خلال الفترة المتبقية له في داونينغ ستريت.
وقال جونسون مازحا إن الفريق الجالس على الطاولة، والذي تضمن عدة وجوه جديدة تشغل مناصب أخلتها الاستقالات الأخيرة ، كانت "أفضل حكومة له على الإطلاق".
وأضاف أيضا أنه ينبغي ترك "القرارات المالية الكبرى" لرئيس الوزراء المقبل، بحسب بيان صادر من داونينغ ستريت.
كما أُلغي خطاب اقتصادي كبير كان من المقرر الأسبوع المقبل، يشارك فيه جونسون ووزير الخزانة، حيث كانا على وشك البدء في خطة تتجه نحو التعامل مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي حديثه لبي بي سي نيوزنايت، قال روبرت باكلاند، وزير شؤون ويلز، إن جونسون وافق على تولي منصب رئيس وزراء "مؤقت".
وأضاف "هذا واضح جدا. وهذا ما حددته الحكومة بوضوح".
جاءت استقالة جونسون في أعقاب اعتراض وزراء على قيادته، أشعلته اعتراف جونسون بالخطأ حول قراره تعيين النائب السابق عن الحزب، كريس بينتشر نائبا لرئيس الانضباط في الحزب في شهر فبراير/شباط من العام الجاري، بالرغم من معرفته بوجود اتهامات ضده بسوء السلوك.
وعلى الرغم من ذلك تعرضت قيادة جونسون لانتقادات خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك فضيحة"بارتي غيت"، التي انتهك فيها قواعد التباعد الاجتماعي التي فرضتها بريطانيا لمكافحة تفشي كورونا، وفُرضت غرامة عليه.
في خطاب استقالته في داونينغ ستريت، قال جونسون إنه "كافح من أجل البقاء في منصبه بسبب التزامه بالوفاء بتفويض كبير" حصل عليه في الانتخابات العامة عام 2019.
وأضاف أنه سيكون من "المؤلم" عدم تقديم "كثير من الأفكار والمشروعات"، ملقيا باللوم في رحيله على "غريزة القطيع" في ويستمنستر في إشارة إلى البرلمان البريطاني.
وقال: "في السياسة، ليس هناك من لا غنى عنه".
وأضاف جونسون: "أريدكم أن تعلموا مدى حزني للتخلي عن أفضل وظيفة في العالم، ولكن هكذا سارت الأمور".
وأكد جونسون أنه فخور بالإنجازات التي حققها خلال وجوده في المنصب، مشيرا إلى إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستجابة الحكومة لكوفيد 19 وطرح برنامج اللقاح.
ووجه حديثه إلى الشعب الأوكراني قائلا: "نحن في المملكة المتحدة سوف نستمر في دعم معركتكم من أجل الحرية طالما كان هناك حاجة لذلك".
وأشاد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بجونسون "لإدراكه تهديد وحش [الاتحاد الروسي] وكونه كان دائما في طليعة الداعمين [لأوكرانيا]."
كما تحدث جونسون إلى زيلينسكي، وطمأنه أن خليفته سيظل ملتزماً تجاه أوكرانيا كما قال. ووصف الزعيمان بعضهما البعض بـ "الأبطال".
تحليل نيك إردلي
مراسل الشؤون السياسية
هل يستطيع بوريس جونسون بالفعل البقاء في منصبه حتى الخريف؟ أعتقد أن الجواب الصادر بعد ظهر اليوم يقول "ربما".
فبعض النواب في الحقيقة لا يريدون أن يحدث ذلك، لأنهم غاضبون مما حدث في الأيام الماضية، ويشعرون أن هناك الكثير من الدماء الفاسدة، لذا يبحثون ما الذي يتعين عليهم فعله لتسريع مغادرته مهام منصبه.
بيد أن الجميع لا يتشاركون في نفس الشعور، حتى بين أشد منتقدي رئيس الوزراء، إذ يسود شعور بأنه سيكون من الصعب للغاية إزاحته.
وتتمثل الخطة في الوقت الحالي في تقليص قائمة طويلة من الأسماء المرشحة إلى مرشحين اثنين خلال الأسبوعين المقبلين، مع إجراء سباق التنافس على الزعامة خلال فترة العطلة الصيفية.
ويمكن بعدها تعيين رئيس وزراء جديد في سبتمبر/أيلول، كما أن بعض النواب الذين تحدثت إليهم والذين بالكاد يدعمون رئيس الوزراء مستعدون لقبول ذلك.
كما أنه ليس من الواضح كيف سيتم إزاحة رئيس الوزراء مبكرا عن منصبه. فهل سيظل حزب المحافظين متعطشا للضربة المفاجئة، للتخلص من جونسون فقط قبل أسابيع قليلة؟
أعتقد أن إعلان جونسون لمجلس الوزراء بأنه لن يقوم بتغييرات سياسية كبيرة سيهدئ بعض الأعصاب.
لذا توجد فرصة عادلة لبقاء بوريس جونسون في منصب رئاسة الوزراء حتى سبتمبر/أيلول المقبل.