إيلاف من لندن: مع تصاعد عمليات الاغتيال السياسية وتقاتل عشائر فيما بينها في محافظة ميسان العراقية الشيعية الجنوبية الخميس فقد بدأت زعامات عراقية التحرك باتجاه وقف النزيف الدموي هناك خوفا من امتداده الى مناطث اخرى.
تحذير من مخاطر التصعيد
وحذر زعيم تحالف الفتح الشيعي الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري اليوم من مخاطر الاقتتال الداخلي في البلاد بعد تصاعد المواجهات الدموية بين فصيلي مليشيا عصائب اهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وسرايا السلام التابعة الى التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر باغتيال شخص ومقتل شخصين في نزاع عشائري اليوم.
مدينة العمارة عاصمة محافظة ميسان العراقية الجنوبية تشهد حاليا عمليات اغتيال سياسية ونزاعات عشائرية (فيسبوك)
واشار العامري في بيان تابعته "ايلاف" الى ان "ما تشهده محافظة ميسان (365 كم جنوب بغداد) من حوادث دموية أمر يبعث على الاسى والقلق ويؤدي الى سلب الشعور بالأمن والاستقرار .. محذرا من التصعيد "الذي قد تتسع معه دائرة العنف المتبادل ليأخذ مديات خطيرة يصعب وضع حد لها".
وناشد العامري "التيار الصدري والعصائب وامتداداتهما العشائرية والسياسية الى ان يتحلوا باعلى درجات ضبط النفس ووعي المسؤولية الشرعي والبصيرة بعواقب الأمور كون الدم لا يجلب الا الدم". وأعتبر ان "الاقتتال المحلي الذي انفق لأجله الاعداء المليارات ولم ينجحوا، ربما يقدم إليهم بهذه الطريقة مجانا وعلى طبق من ذهب".
وحذر "من الانجرار وراء الفتن والانصياع لمشاعر الغضب، فالشجاع من احتمل المظلومية وصبر لحقن دم حرام او لردع عدو متربص"، مبديا استعداده "لأي مسعى ينزع فتيل الازمة ويعضد جهود الخيرين لتجاوز هذه الازمة".
ودعا العامري من أسماهم "الوجهاء وشيوخ العشائر وعقلاء القوم الى التمسك بالوقار وبعد النظر ورؤية الاصابع الخفية التي تدخل في مثل هذه الحوادث المؤسفة لتحولها الى تصفية حسابات قاسية".
وشدد على ضرورة اخذ الأجهزة الأمنية دورها المنشود بكل جدية واقتدار من اجل بسط الامن وفرض القانون واعادة هيبة الدولة . واكد العامري الاستعداد للمشاركة بأي مسعى ينزع فتيل الازمة ويتجاوزها.
الصدر يرسل وفدا للتهدئة
ومن جهته اعلن الصدراليوم عن أرسال وفد إلى محافظة ميسان للتهدئة قائلا "ان ذلك يهدف لتهدئة الفتنة التي أججتها السياسة بين الأخوة" في التيار الصدري وعصائب أهل الحق.. داعياً "المؤمنين الى الإصغاء من أجل درء الفتنة وحقن الدماء".
وأشار الى انه "في حال لم يستجب أحد الطرفين فاني سأعلن البراءة منهما بلا تردد وليأخذ القانون مجراه وليبتعد الجميع عن العنف والأذى رجاءً أكيداً". واضاف "لا تشمِّتوا الأعداء بنا، فالكثير يريد ضياع المغانم التي حصل عليها المذهب وهناك من يريد اشعال الحرب الشيعية الشيعية وتهديد السلم الأهلي مع شديد الاسف".
ودعا الصدر مسؤول العصائب الى التعاون مع تلك اللجنة ودرء الفتنة وإلا فأن ذلك سيكون باباً للتبرُّء منه ومن غيره أيضاً".
.. والخزعلي لوفد مماثل
واثر ذلك أعلن الامين العام لحركة عصائب اهل الحق قيس الخزعلي الخميس عن تشكيل لجنة للتعاون مع الوفد الذي شكله بهدف تهدئة الاوضاع ودرء الفتنة.
وقال الخزعلي في تغريدة تابعتها " ايلاف" ان اللجنة ستتعاون مع الوفد الذي سكله الصدر مع التأكيد على ضرورة الاحتكام إلى القانون والقضاء العراقي حصراً.. موضجا ان وظيفة هذه اللجنة هي لتقصّي الحقائق مع لجنة التيار الصدري، عن كلّ أحداث القتل المشبوهة، ابتداءً من تاريخ 25/1/2019، أي من تاريخ اغتيال القائد في العصائب وسام العلياوي وأخيه وإلى يومنا هذا.
واضاف ان وظيفة اللجنة كذلك رفع اسم أيّ فرد مُنتمٍ الى حركة عصائب أهل الحق أو يدّعي الانتماء إليها ويثبت تورّطه في هذه الجرائم لإعلان البراءة الإدارية منه وفصله .
تغريدة الخزعلي عن ارسال وفد الى ميسان الخميس 10 شباط فبراير للتباحث مع وف الصدر لوقف عمليا الاغتيال المتبادلة (تويتر)
وناشد الخزعلي الصدر القيام بنفس الفعل على كلّ مَن يثبت تورّطه في هذه الجرائم من المنتمين إلى التيار الصدري أو مُدّعي الانتماء إليه.. منوها الى ان "إعلان البراءة الإدارية من أفراد حركة عصائب أهل الحق وفصلهم هو واجبنا ومسؤوليتنا القانونية والأخلاقية حسب النظام الداخلي للحركة وليست وظيفة الآخرين".
انطلاق عمليات عسكرية لفرض الامن في ميسان
وبالتوازي مع الجهود السياسية لوقف انحدار الاوضاع في ميسان الى مديات لايمكن السيطرة عليها فقد انطلقت اليوم عمليات عسكرية لفرض الأمن والقانون في ميسان حيث تم لحد الان اعتقال اكثر من 90 مطلوباً بالمحافظة.
وقال آمر لواء القوات الخاصة غالب محمد للوكالة الرسمية إنه "بإشراف رئاسة قيادة أركان الجيش وقيادة العمليات المشتركة ووزير الدفاع باشرت قيادة قوات الفرقة الخاصة بالتوجه الى محافظة ميسان وتحديداً مدينة العمارة مركز المحافظة لدعم واسناد القطعات الأمنية الموجودة، وإلقاء القبض على المجرمين والخارجين عن القانون وفرض الأمن والاستقرار".
وأضاف أنه "تم القاء القبض على أكثر من 90 مطلوباً منذ بداية انطلاق عمليات فرض الأمن والقانون مؤكداً أن "القوات الأمنية مازالت مستمرة للقبض على المجرمين من خلال ثلاث أطواق مسلحة وهي السيطرات الخارجية والسيطرات الداخلية وعمليات الدهم والتفتيش".
القضاء: لاعفاء قائد شرطة المحافظة بتهم فساد
واليوم أعلنت محكمة استئناف ميسان عن تقديمها طلب لاعفاء قائد شرطة المحافظة من منصبه بتهم فساد فيما اشار الى ان مجلس القضاء اوعز بتسليم سيارات مصفحة لقضاة المحافظة.
وقال رئيس المحكمة حيدر حنون في مؤتمر صحافي عقده بمقر محكمة ميسان ونقلت تفاصيله الوكالة إنه "خلال لقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في المحافظئة أمس تم الاتفاق على مكافحة الفساد في قيادة شرطة ميسان، بعدما ثبت وجوده فيها.. وقال "كنا ننتظر اليوم اعفاء قائد الشرطة لكن تأخير اعفاء القائد يعطي مؤشرات سلبية".
وأضاف أن "القضاء لا ينتظر مساعدة من احد".. موضحا ان "رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان قد اوعز بسحب السيارات المصفحة من القضاة في مناطق اخرى ممن لا يوجد مؤشر خطر على حياتهم وتسليمها الى القضاة في ميسان لتمكينهم من العمل وتوفير جزء من الحماية لهم".
عمليات قتل متبادلة
وتشهد محافظة ميسان منذ اسابيع عمليات اغتيال واقتتال عشائري اذ اغتيل مساء امس الاربعاء احد مقاتلي السرايا وهوكرار ابو رغيف وهو ابن شقيق القيادي في السرايا عديل أبو رغيف.
وجاءت عملية الاغتيال بعد ايام من اغتيال الرائد في الشرطة العراقية المقرب من مليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي حسام العلياوي وهوشقيق ابو جعفر العلياوي القيادي في العصـائـب الذي قتل داخل سيارة للاسعاف في المحافظة نفسها حيث وجهت العصائب اصابع الاتهام الى فصيل سرايا السلام التابع للصدر بالمسؤولية عن مقتله.
كما ان الرائد العلياوي هو شقيق وسام العلياوي الذي قتل خلال تظاهرات الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت اواخر عام 2019 في العاصمة العراقية وتسع محافظات اخرى في الوسط والجنوب بعد قيامه بأطلاق النار على المتظاهرين من امام مقر العصائب في المحافظة.
وفي الخامس من الشهر الحالي تم اغتيال قاضي التحقيقات في جرائم المخدرات في المحافظة احمد الساعدي.
يشار ان هناك عداء بين التيار الصدري وعصائب اهل الحق الموالية لايران التي كانت قد انشقت عن جيش المهدي الذي كان تابعا للتيار قبل حله لاحقا وهي جماعة سياسية لها مليشيا مسلحة وقد أدرجتها الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من قيام رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بتفقد الاوضاع الامنية في محافظة ميسان أمس اثر اغتيال القاضي أحمد الساعدي حيث اشاد خلال زيارته لعائلته هناك بشجاعته القاضي وتصديه للجريمة المنظمة، ودوره الكبير في ملاحقة عصابات المخدرات داخل المحافظة.
وأكد أن دم المغدور لن يذهب سدى وتجري الآن متابعة خيوط الجريمة البشعة من قبل الأجهزة الأمنية وتعهّد بالوصول إلى المنفذين وإنزال أشد القصاص بهم.
ووجه الكاظمي بفتح تحقيق فوري في عمليات الاغتيال الأخيرة ومحاسبة المقصرين من القادة الامنيين ممن يثبت تماهلهم في متابعة حركة المجرمين والمشتبه بهم وعدم أداء واجباتهم أو تقاعسهم عن تنفيذ أوامر القبض ضدهم.
يشار الى ان محافظة ميسان تقع في شرق العراق على الحدود الايرانية وعاصمتها العمارة الواقعة على نهر دجلة ويبلغ عدد سكانها مليون ونصف المليون نسمة وتسكنها عشائرعدة من اهمها بني كعب وكنانة وخفاجة وبني لام والشويلات.