يتكهن الخبراء بشأن الخطوة التالية لروسيا. قد يرغبون في التحقق من توقعات الطقس في أوكرانيا.
إيلاف من بيروت: حتى في القرن الحادي والعشرين، تتأثر الحرب بالمناخ، الذي قد يصبح عاملًا في منع أي هجوم روسي على أوكرانيا. السؤال الذي يطرحه الأوكرانيون وربما الجنرالات الروس: "هل جاء "راسبوتيتسا" مبكرًا؟"
راسبوتيتسا (Rasputitsa) مصطلح يشير إلى طين الربيع، عندما يصبح السفر برًا في روسيا وأوكرانيا أكثر صعوبة. في العادة، يكون تأثيره أكبر في مارس، حين تبدأ الثلوج في الذوبان. حتى الآن، كان الشتاء معتدلًا بشكل غير معتاد في معظم أنحاء أوكرانيا.
يناقش المحللون العسكريون ما إذا كان استمرار الشتاء المعتدل قد يؤثر في أي خطط هجومية روسية. نفى الكرملين مرارًا وتكرارًا أن يكون لديه أي نية لمهاجمة أوكرانيا، لكنه حشد أكثر من 100 ألف جندي قرب حدود أوكرانيا، مدججين بالأسلحة الثقيلة والدبابات والصواريخ الباليستية. وتظهر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي أرضًا ناعمة غمرتها المياه، وكثيرًا من الوحل.
الجنرال الأبيض
تُظهر البيانات من كوبرنيكوس، برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي، أن معظم أوروبا الشرقية شهدت درجات حرارة أعلى كثيرًا من المتوسط في يناير. وشهدت أوكرانيا درجات حرارة تتراوح بين 1 و3 درجات مئوية أعلى من متوسط الثلاثين عامًا الماضية، وهو أحد التغيرات العديدة التي أحدثتها أزمة المناخ في هذه المنطقة. ويشير كوبرنيكوس أيضًا إلى أنه في يناير، "كانت أوروبا الشرقية أكثر رطوبة من المتوسط"، وكانت التربة في أوكرانيا أكثر رطوبة. هذا المزيج يعني صقيع أقل ووحل أكثر.
لم يكن ذلك مفاجئًا لسفيتلانا كراكوفسكا، رئيسة مختبر علم المناخ التطبيقي في المعهد الأوكراني للأرصاد الجوية المائية في كييف. قالت لشبكة "سي أن أن" الأميركية: "ما نراه على المدى الطويل هو غطاء ثلجي أقل إضافة إلى ليالي الصقيع. نرى ارتفاعًا في درجات الحرارة أقوى كثيرًا من متوسطها العالمي".
التقدير الأميركي هو أن التوغل الروسي سيكون أسهل إذا انخفضت الحرارة. قال الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحفي الشهر الماضي: "سيضطر [الرئيس الروسي فلاديمير بوتين] إلى الانتظار قليلًا حتى تتجمد الأرض ليتمكن من العبور". وفي إحاطة إعلامية للبنتاغون في نهاية يناير، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، إنه عندما يتجمد "منسوب المياه المرتفع" في أوكرانيا، فإنه يوفر الظروف المثلى لمسار عبر البلاد. وقال مسؤولون أميلاكيون أن بوتين يفهم أنه بحاجة إلى التحرك بحلول نهاية مارس.
لكن دارا ماسيكوت، كبير باحثي السياسات في مؤسسة راند، يقول: "بينما سيكون تجميد الأرض أمرًا رائعًا للقوات الروسية، إلا أنه ليس عاملًا حاسمًا. مهم أن تضع في اعتبارك أن الصواريخ الموجهة بدقة والضربات الجوية لا تتاثر بهذا العامل". يضيف: "تحسن أداء القوات الروسية بشكل كبير خلال العقد الماضي. اكتسبت القوات الجوية عمليات استهداف واتصالات أفضل، واكتسب العديد من طياريها خبرة قتالية في سوريا. كما أن الجيش الروسي يتدرب على مدار السنة، لذلك لديهم خبرة في ظروف جوية مختلفة".
لا تعيقها كثيرًا
الدبابات الروسية - ويوجد المئات منها الآن على الحدود الأوكرانية - لا تعيقها الأرض الناعمة كثيرًا، على الرغم من أنها تحقق تقدمًا أسرع على الأرض المتجمدة. مع ذلك، فإن الدروع تتحرك بنفس سرعة ذيلها اللوجستي، وهي المركبات التي يمكن أن تتباطأ بسبب سوء الأحوال الجوية "إذا كان عليها السير على الطرق الوعرة لسبب ما"، كما يقول ماسيكوت. وروسيا تملك معدات لوجستية للمساعدة في التغلب على مثل هذه المشاكل، بما في ذلك مركبات الإنقاذ ومواد الجسور.
هناك بعض الثلوج على الأرض في ماريوبول، ولكن ليس بنفس القدر الذي كان عليه الحال منذ عقود. كما تم رصد الجسور العائمة على قوافل السكك الحديدية التي تسافر إلى بيلاروسيا منذ أواخر يناير. قد تكون ظروف الأرض أكثر أهمية في بعض الأماكن من غيرها. أوكرانيا الشرقية أرض زراعية متدحرجة، وهي بلد مثالي للدبابات. لكن الحدود الشمالية مع بيلاروسيا تضم آلاف الأميال المربعة من المستنقعات التي من شأنها أن تعرقل تقدم القوة المهاجمة، كما حصل مع النازيين في عام 1941 أثناء عملية "بربروسا".
وفقًا لمعهد دراسة الحرب، "قد يكون من الصعب، وفي بعض الأماكن على الأرجح من المستحيل، على القوات الآلية اجتيازها عندما تكون مبللة". ويعتمد الكثير على نوع وحجم العملية العسكرية التي قد تفكر فيها روسيا. في المراحل الأولى من الصراع، ستكون الهجمات الجوية والصاروخية أكثر أهمية من زيادة عدد الوحدات الآلية.
يقول ماسيكوت، وكان سابقًا محللاً بارزًا في البنتاغون: "السماء لن تكون عاملًا في صواريخ كروز أو الصواريخ الباليستية الروسية الموجهة بدقة، أو حتى بعض أنظمة المدفعية بعيدة المدى الأكثر دقة. الغطاء السحابي بشكل خاص ليس عاملًا للمواقع الثابتة مثل المنشآت العسكرية أو القيادة والسيطرة حيث تُعرف الإحداثيات". وقد نقلت روسيا عددًا كبيرًا من صواريخ "إسكندر" الباليستية التي يبلغ مداها 450 كيلومترًا، ونصبتها بالقرب من أوكرانيا في الشهر الماضي. في الشرق، لم تتحرك مواقع الخطوط الأمامية الأوكرانية منذ سنوات. يمكن الصواريخ والمدفعية بعيدة المدى استهدافها بغض النظر عن أحوال المناخ، وربما توفر نقطة اختراق للدروع الروسية.
يريدون سماء صافية
ستحتاج الطائرات الهجومية إلى سماء صافية نسبيًا. وكذلك الأمر بالنسبة للطائرات التي تقوم بإسقاط القوات الهجومية الجوية في منطقة الصراع. وفقًا لمحللي الدفاع غينيس، "تم تحديد العديد من وحدات القوات المحمولة جوًا (VDV) وهي تنتشر في بيلاروسيا". تعيق القاعدة السحابية المنخفضة العمليات الجوية وكذلك الاستطلاع عبر الأقمار الصناعية، وقد يضعف هذا الأمر التفوق الجوي الروسي الكبير، ما يجعل ما أسماه أحد المحللين العسكريين المعركة "أكثر عدلًا".
لكنه سيف ذو حدين. الغطاء السحابي الكثيف (والليل) سيسمح للروس بتحريك القوات للأمام إلى خطوط البداية من دون الكشف عنها. إذا قرر الكرملين الهجوم، فإن فترة من سوء الأحوال الجوية تليها سماء صافية بمجرد بدء العمليات ستكون مثالية. والسماء مهمة للأوكرانيين أيضًا. إذا اختاروا دفاعًا عالي القدرة على المناورة، فسيحتاجون إلى معلومات استخباراتية محمولة جوًا توفرها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لتركيز الموارد المحدودة على النقاط الرئيسية لإعاقة التقدم الروسي.
بالطبع، ليست الأحوال الجوية هي الاعتبار الوحيد - ولا الاعتبار الرئيسي - للكرملين. من المرجح أن يكون التقدم (أو عدمه) في المفاوضات بشأن المطالب الروسية المنشورة المرسلة إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هو العامل الحاسم. أن ابتكار بعض التبريرات - سبب الحرب - لخوض الحرب من شأنه أن يوفر رسائل مهمة للجمهور الروسي المتشكك. يشكل تشكيل حرب المعلومات جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الروسية.
مناخ متغير
هناك صلة واضحة بين تغير المناخ وفصول الشتاء المتغيرة في أوكرانيا. هذا واضح بشكل خاص في شرق أوكرانيا، حيث تكون درجات الحرارة في الشتاء أكثر دفئًا بنحو 3 درجات مئوية في المتوسط مما كانت عليه في الستينيات.
اعتاد بوتين أن يكون متناقضًا بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري. في عام 2003، قال إنه "ربما لم يكن تغير المناخ بهذا السوء في بلد بارد مثل بلدنا؟ لن يضر 2-3 درجات". وفي الآونة الأخيرة، اعترف بالضرر الذي تسببه البيئة الروسية. الآن قد يؤثر ذلك على حسابات جنرالاته.
يمكن أن يكون الطقس الشتوي في أوكرانيا متقلبًا، لكن التوقعات لبقية فبراير في كييف هي أكثر اعتدالًا من المتوسط ، كما يقول خبراء الأرصاد الجوية المحليون، حيث تكون معظم درجات الحرارة في النهار أعلى كثيرًا من درجة التجمد مع القليل من أشعة الشمس في بعض الأحيان.
يبدو أن تيمكو، جرذ الأرض الأوكراني، يعتقد أن طين راسبوتيتسا قد يكون مبكرًا في هذا العام. لم ير ظله عندما خرج من السبات الأسبوع الماضي.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن شبكة "سي أن أن"