من أسوأ الحروب وأصعبها مراساً هي حرب العصابات، حتى وإن كانت هذه العصابات بمثابة جيوش نظامية، ناهيكم عن عصابات همجية مدعومة من قوى خارجية دججت بأعتى الأسلحة العسكرية، لا ترضخ لأي قوانين دولية ولا ترنو لأي رادع أخلاقي أو إنساني وتنطلق من عقائدية ميليشياوية إرهابية لاتؤطر بحدود وطن أو انتماء لأرض، بل بواعثها الانتماء المذهبي والطائفية المقيتة والممارسات اللاإنسانية.
تواجه قوات التحالف ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة -على وجه الخصوص- عدواً مشتركاً في اليمن وهي ميليشيات «الحوثي» المدعومة بالسلاح والعتاد والصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة، التي اعتاد العدو إطلاقها على المملكة لتتجاوزها في يومي 17 و24 من هذا الشهر (يناير الجاري) إلى أرض الإمارات في محاولة فاشلة لتهديد أمن الإمارات ونشر الذعر في المنطقة وترويع المدنيين الآمنين، في حين أن هذا الحدث كان بمثابة استنفار دولي وإدانة عالمية لهذا العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف المدنيين في مدينة أبوظبي الآمنة، فصدرت إدانة بالإجماع من مجلس الأمن الذي يعمل تحت مظلة الأمم المتحدة واعتراف فوري بخطورة هذه الميليشيات الإرهابية التي أصبحت مهددة للأمن والسلم الدوليين ومصدر قلق على أمن واستقرار منطقة الخليج بل والعالم أجمع.
وبعد الاعتداء طالب مجلس الأمن في جلسته الطارئة باتخاذ موقف صارم ضد ميليشيات «الحوثي»، والعمل بميثاق الأمم المتحدة في فصله السابع فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان على المدنيين، والذي يحدد الإطار الذي يجوز فيه لمجلس الأمن الإنفاذ، ويسمح للمجلس أن يقرر ما إذا كان ما وقع تهديداً للسلم أو إخلالاً به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، وأن يقدم توصيات أو يلجأ إلى القيام بعمل غير عسكري أو عسكري لحفظ السلم والأمن الدوليين، واتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان بكافة أشكاله.
ميليشيات «الحوثي» جماعة إرهابية لاتفرق بين منشأة مدنية أو عسكرية، ولا تفرق بين تجمع بشري مدني أو ثكنة عسكرية، ولاتنطلق في حربها إلى أهداف شرعية أو أخلاقية، وهي تشكل خطراً على المنطقة بأكملها حيث تحتمي بتضاريس جغرافية معقدة وتتخذ المدنيين في اليمن دروعاً بشرية وتفتك بحياتهم وأمنهم وإنسانيتهم.
والمراقب للشأن الداخلي اليمني يعي تماماً مايحدث من مآسٍ إنسانية هناك جراء الصواريخ التي اعتدت الميليشيات «الحوثية» إطلاقها ضد المدنيين من أطفال ونساء وكبار وقطع خطوط الإمدادات الغذائية والإنسانية عنهم، ومايحدث هذه الأيام في مأرب خير دليل على شناعة التنكيل من قبل جماعة «الحوثي» بأبناء المنطقة وسلسلة القتل اليومية والانتهاكات للأعراف الإنسانية التي تمارس في عدة مناطق يمنية.
تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حق الرد بحزم وحسب القانون الدولي على الاعتداءات المتكررة من ميليشيات الحوثي على أراضيهما كون هذه الميليشيات تعترف جهراً بهذه الاعتداءات، وتفاخر بها أمام العالم، وهذا ما دعا الإمارات إلى طلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن بغرض توثيق الإدانة الدولية للهجمات السافرة على أرضها وأمنها والتعامل بمسؤولية دولية لوقف هذا العبث الإرهابي ضد المبادئ الإنسانية، سواء على الأراضي الإماراتية والسعودية، أو بحق اليمنيين أنفسهم والجرائم التي ترتكب ضدهم على أراضيهم من هذه العصابة المارقة.
ومن هذا المنطلق فإن المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن مُطالب باتخاذ موقف صارم وعاجل (وفعلي) ضد ميليشيات «الحوثي» الإرهابية، وتفعيل مواد الفصل السابع من الميثاق الدولي للأمم المتحدة ضدهم، لكونها هددت السلم وأخلت به وأوقعت العدوان على أجزاء مدنية متفرقة من دولتين في المنطقة وهما السعودية والإمارات.
السعودية والإمارات لم تدخرا جهداً ومالاً من أجل أبناء اليمن، كل ذلك من أجل أن يعم السلام على أرض اليمن ويستعيد صفة (اليمن السعيد) كي يرفل بالهدوء والاستقرار والاقتصاد المزدهر، ويعاد الأمل لأرض اليمن وشعبها التواق للسلام والاستقرار. وهذه التضحيات لم تأتِ إلا من خلال شعور عالٍ بالمسؤولية من السعودية والإمارات.
وهذه التضحيات هدفها منع العبث بأمننا وسلامة أراضينا. والهدف أسمى من مجرد اجتثاث عصابة مارقة تحركها طائفية متطرفة، والرسالة هي أمن المنطقة ضد أي جماعة أو دخلاء حتى وإن طالت المدة!