واشنطن: حذّرت الولايات المتحدة من أنّ الكرملين يخطط للتحرّك عسكريًّا ضد أوكرانيا بحلول منتصف الشهر المقبل، فيما حضّت السفارة الأميركية في كييف رعاياها على "التفكير في المغادرة الآن".
في الأثناء، التقى مسؤولون من فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا في باريس الأربعاء، في اجتماع رأت فيه فرنسا بارقة أمل بشأن إمكانية تراجع حدة التوتر.
وأكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان الأربعاء أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنّ بوتين مستعدّ لاستخدام القوة ضدّ أوكرانيا بحلول منتصف شباط/فبراير رغم الضغوط الرامية لمنع ذلك.
وقالت "لا فكرة لدي بشأن إن كان اتّخذ القرار النهائي، لكننا بالتأكيد نرى أن كل مؤشر يدلّ على أنّه سيستخدم القوة العسكرية في وقت ما، ربّما (بين) الآن ومنتصف شباط/فبراير".
وأكّدت أن الولايات المتحدة "تضغط من أجل الدبلوماسية" لكنّها في الوقت ذاته "تستعدّ للأسوأ".
وأوضحت شيرمان أنّ الولايات المتحدة "تستعدّ لمختلف السيناريوهات"، من "اجتياح كامل" إلى "هجمات هجينة أو تخريب أو إكراه".
تصاعد حدة المخاوف
وفي مؤشر آخر على تصاعد حدة المخاوف، حضّت السفارة الأميركية في أوكرانيا الأربعاء رعاياها في الجمهورية السوفياتية السابقة على "التفكير في المغادرة الآن"، محذّرة من أن الوضع "قد يتدهور دون سابق إنذار يذكر".
ويتّهم الغرب روسيا بحشد حوالى 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية.
وأكّد الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أنّ أيّ هجوم عسكري روسي على أوكرانيا سيؤدي إلى "عواقب هائلة" حتى أنّه قد "يغيّر العالم".
لكنّ وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا لفت الأربعاء إلى أن عدد الجنود الروس "غير كاف لهجوم واسع النطاق" لكنه يمثّل "تهديداً مباشراً" لأوكرانيا.
في الأثناء، تواصلت الجهود الدبلوماسية في باريس حيث اجتمع نائب كبير موظفي الكرملين ديمتري كوزاك بالمستشار الرفيع للرئيس الأوكراني أندريه يرماك، في لقاء حضره أيضاً دبلوماسيون فرنسيون وألمان.
وقال مساعد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب عدم الكشف عن هويته إن "موافقة الروس على الدخول في هذه الصيغة الدبلوماسية مجدداً يعد أمراً مشجّعاً للغاية".
بدوره، كتب يرماك على تويتر أن المحادثات شكّلت "مؤشراً قوياً على الاستعداد لتسوية سلمية".
وحذّرت دول غربية عدّة روسيا من عواقب وخيمة في حال غزت أوكرانيا، وذهبت واشنطن أبعد من ذلك لتعلن الثلاثاء استعدادها فرض عقوبات تستهدف بوتين شخصياً.
وقلّل الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من شأن التهديدات الأميركية، مشيراً إلى أنّه يُمنع أساساً على كبار المسؤولين الروس امتلاك أصول في الخارج.
لكنّه شدّد مع ذلك على أنّه من شأن خطوة من هذا القبيل أن تضرّ بدرجة كبيرة بالجهود الدبلوماسية الرامية لنزع فتيل التوتر حيال أوكرانيا.
وقال بيسكوف للصحافيين "سياسيًا، هذا الأمر ليس مؤلمًا، إنه مدمّر".
وسبق للكرملين أن أشار إلى أنّ أيّ عقوبات أميركية تستهدف بوتين شخصياً ستمثّل تجاوزاً للخط الأحمر، محذراً من أنّ مثل هكذا خطوة ستؤدي إلى انقطاع العلاقات الثنائية.
عقوبات اقتصادية
وتحدّث مسؤول أميركي رفيع الثلاثاء عن عقوبات اقتصادية محتملة على روسيا "تحمل عواقب هائلة" تتجاوز تلك التي فرضت عام 2014 بعدما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
وقال المسؤول إنّ التدابير الجديدة ستشمل قيوداً على صادرات معدات التكنولوجيا الأميركية المتقدّمة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية وتكنولوجيا صناعة الطيران، وهو ما "سيضرب بشدّة طموحات بوتين الاستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".
واعتبر رئيس مجلس النوّاب الروسي فياتشيسلاف فولودين الأربعاء أن تهديد واشنطن تجاه بوتين يظهر أنّ الولايات المتحدة "ترغب برئيس روسي موال يمكنها السيطرة عليه".
في الأثناء، دعا الحزب الحاكم في روسيا الكرملين إلى تسليح الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا لمساعدتهم على الدفاع عن أنفسهم في وجه كييف.
وأفاد رئيس كتلة حزب "روسيا الموحدة" في مجلس الدوما فلاديمير فاسيلييف في بيان بثه التلفزيون الروسي الرسمي "نناشد قيادة بلدنا تقديم المساعدة لجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك على شكل إمدادات من المعدات العسكرية اللازمة لردع أيّ عدوان".
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع التشيكية الأربعاء أنّها ستقدّم لأوكرانيا خلال الأيام القليلة المقبلة هبة عسكرية قوامها 4000 قذيفة مدفعية.
لائحة المطالب الأمنية
في الأثناء، أكّدت روسيا الأربعاء أنّ السفير الأميركي في موسكو جون سالفيان سلّمها ردّ بلاده على لائحة المطالب الأمنية التي تقدّمت بها لحل الأزمة الأوكرانية وفي مقدّمتها انسحاب حلف شمال الأطلس من أوروبا الشرقية.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو في بيان إنّ السفير ساليفان "سلّم الردّ الخطّي للإدارة الأميركية على مشروع معاهدة ثنائية حول الضمانات الأمنية التي سبق للطرف الروسي أن قدّمها".
ورفعت موسكو لائحة مطالب أمنية العام الماضي ترمي للحد بشكل كبير من إمكانيات وهيمنة حلف شمال الأطلسي على شرق أوروبا والدول التي كانت منضوية في الاتحاد السوفياتي.
وقال دبلوماسي غربي رفيع لفرانس برس في وقت سابق إن "العديد من المطالب الروسية غير مقبولة ولا واقعية، لكن الرد يحدد عدداً من القضايا التي يمكن التعامل فيها مع مخاوفهم.. السؤال هو إن كان هذا ما يريده الروس".
وحذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في خطاب أمام النواب الأربعاء من أن موسكو ستتخذ "كافة الإجراءات اللازمة" ما لم تحصل على ردود بنّاءة وإذا واصل الغرب "سياسته العدوانية"..
في الأثناء، أعلنت موسكو عن سلسلة تدريبات عسكرية بما في ذلك في بيلاروس وقالت الثلاثاء إنها ستجري مناورات جديدة يشارك فيها 6000 جندي قرب أوكرانيا وفي منطقة القرم.
وأكد بيان لـ"الأسطول الشمالي" أنّ سفناً حربية روسية دخلت بحر بارينتس الأربعاء في إطار تدريبات بحرية منفصلة.
وتنبع المخاوف من غزو روسيا من ضم موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014 وسيطرة انفصاليين موالين للكرملين على منطقتين وإعلانهما تأسيس جمهوريتين من طرف واحد في شرق أوكرانيا.
وقتل أكثر من 13 ألف شخص في المعارك بين القوات الحكومية الأوكرانية والمتمرّدين الموالين لموسكو.