إيلاف من لندن: أعلن العراق الخميس اتجاهه لعقد اتفاق تاريخي مع ايران لحل الخلاف المستحكم بينهما حول شط العرب الذي تسبب في اثارة الكثير من النزاعات بين البلدين.
وأكد مستشار وزارة الموارد المائية العراقية عون ذياب ان بلاده جادة في مناقشة تنفيذ اتفاقية الجزائر لعام 1975 بين البلدين وبروتوكالاتها .. منوها الى ان ذلك قد يمكن من الوصل الى حلول لحسم موضوع الحدود النهرية بين البلدين وترسيمها ومنها الانطلاق الى موضوع إدارة شط العرب مع إيران ضمن مكتب مشترك".. موضحا أن " شط العرب يهدد البيئة سنوياً بسبب صعود الأملاح بشكل خطير ولذلك يجب التفاهم للوصول الى اتفاق مع ايران خاصة وان السنة الحالية حادة الجفاف مع التوقع أن تكون المقبلة جافة ايضاً مما يوجب العمل على التوصل لتفاهمات بين البلدين.
واضاف انه "مع الأسف فان الانتخابات الاخيرة في إيران سببت تعطل المباحثات مع أن وزير الموارد العراق التقى المعنيين في وزارة الطاقة الإيرانية أثناء زيارته إلى إيران مؤخرا لغرض حل المشاكل لكنها لم تحل حتى الآن والعراق انشغل أيضاً بالانتخابات معرباً عن أمله بـ"تدخل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لحل هذا الأمر".
تبريرات إيرانية
وقال المستشار العراقي في تصريحات لوكالة الانباء العراقية الرسمية تابعتها "ايلاف" أن "هناك تحجج من قبل الايرانيين بشأن اتفاقية عام 1975 بين البلدين لكونها المرجعية للدخول في التفاوض معهم إذ انها تضم بروتوكولا ملحقا يحدد هذا الموضوع ويصنفه ايضاًاوهناك الكثير من المعايير المعتمده التي تخدم العراق في ذلك".
وتابع ذياب أن الاتفاقية بقيت تراوح بسبب الحرب ويجب أن يتم تفعيلها خاصة ان العراق يعاني من مشكلة المياه ومن جفاف حاد في هور الحويزة الجنوبي لأن المغذي الرئيس له هو نهر الكرخة في إيران والتي قطعته ايران بالكامل "بعد أن شهدنا تدفقه الكبير في عام 2019 وكاد ان يسبب الغرق لحقل مجنون النفطي الجنوبي".
وكانت كل مياه شط العرب حتى عام 1975 جزءا من العراق الا انه بموجب اتفاقية الجزائر عام 1975 المثيرة للجدل فقد تنازل العراق على الشاطئ الشرقي المطل على الحدود مع ايران لها وأصبحت الملاحة مشتركة.بين البلدين.
تدويل قضية المياه مع إيران
ولفت ذياب إلى أنه "نتيجة عدم وجود رد فعل إيجابي من ايران فقد طلبنا اللجوء لتدويل القضية والذهاب لمحكمة العدل الدولية كونها هي التي تعتمد على هذه المعطيات التي لدينا وتدفعنا لكسب الدعوة".. داعياً إلى "إنضاج الأمر دبلوماسياً من قبل الحكومة".
وكان العراق وايران قد اتفقا خلال زيارة الرئيس الايراني السابق حسن روحاني الى العراق في مارس عام 2019 على تنفيذ اتفاقية الحدود بين العراق وايران المعروفة باتفاقية الجزائر والموقعة بين البلدين في 13 حزيران (يونيو) 1975 والبروتوكولات والاتفاقات الملحقة بها بحسن نية وبدقة وكذلك البدء بعمليات مشتركة لتنظيف وكري شط العرب بهدف اعادة قناة الملاحة الرئيسية (التالوك) وفق الاتفاقية والبروتوكول المعني بذلك في اسرع وقت.
ورصد متخصصون تراجعا لمنسوب المياه في نهري دجلة والفرات في العراق بسبب بناء سدود في كل من تركيا وإيران ما يهدد العراق بعجز في المياه قد يصل إلى أكثر من 10 مليارات متر مكعب سنويا بحلول عام 2035.
اتفاقاتٌ تاريخية
وكان العراق طالب في وقت سابق بتعديل اتفاقية الجزائر خاصة وان الحدود بين البلدين ظلت احدى القضايا التي تسببت في اثارة الكثير من النزاعات بينهما. وسبق للجانب الايرانى ان شدد عام 2007 على ان التسوية الحدودية المتفق عليها بين ايران والعراق المعروفة باتفاقية الجزائر اتفاق رسمى ووثيقة دولية لا يمكن تغييرها.
ووقعت اتفاقية الجزائر عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه ايران محمد رضا بهلوي وباشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين.
وكان قد تم عام 1937 عندما كان العراق تحت الاحتلال البريطاني توقيع اتفاقية تعتبر ان نقطة معينة في شط العرب غير خط القعر هي الحدود البحرية بين العراق وايران لكن الحكومات المتلاحقة في ايران رفضت هذا الترسيم الحدودي واعتبرته صنيعة امبريالية.
وفي عام 1969 ابلغ العراق الحكومة الايرانية ان شط العرب كاملا هو مياه عراقية ولم يعترف بفكرة خط القعر لكنه في عام 1975 ولاخماد الصراع المسلح للاكراد العراقيين بقيادة مصطفى بارزاني الذي كان مدعوما من شاه ايران قام العراق بتوقيع اتفاقية الجزائر مع ايران وتم الاتفاق على اعتبار منتصف النهر في شط العرب هو خط الحدود بين إيران والعراق وتضمن الاتفاق كذلك وقف دعم الشاه للحركات الكردية المسلحة في شمال العراق.
لكنه بعد الثورة الايرانية عام 1979 ووصول خميني الى قيادة البلاد وتولي صدام حسين رئاسة العراق والذي مزق الاتفاقية فقد بدأت في عام 1980 الحرب العراقية الايرانية التي استمرت 8 سنوات.
تكوين شط العرب
يشار الى ان شط العرب يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات حيث يلتقي نهر دجلة مع المجرى الأعلى للفرات بمدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد ويلتقي دجلة والفرات الأسفل في كرمة علي. ويبلغ طول الشط حوالي 190 كم ويصب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو التي تعتبر أقصى نقطة في جنوب العراق . ويصل عرض شط العرب في بعض مناطقه إلى كيلو مترين أما بالنسبة لضفافهِ فكانت كلها مزروعة بأشجار النخيل قبل الحرب ولكنها تعرضت للقطع والإهمال بعد عام 2003.
ويتفرع من نهر شط العرب الكثير من الأهوار التي تشق المدن والأحياء البصرية فتشكل إحدى أجمل المناظر في محافظة البصرة وقد طوّرت الحكومة المحلية هناك كورنيش السياب الذي سمي على اسم شاعر البصرة بدر شاكر السياب وكورنيش القصر على ضفاف شط العرب حيث يشهد حضور العديد من السياح في المناسبات.