: آخر تحديث

رقصُ «الحوثي» على جثث اليمنيين

71
73
75
مواضيع ذات صلة

ما الذي يحدث في اليمن؟ وما هذه المشاهد الوحشية القاسية التي تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؟ إنها ليست قضية إعدامات فقط، بل هي قضية تتجاوز المفاهيم الإنسانية والدينية.. فأن تعدم متهمين شيء، وأن تشهر بهم وتهينهم وتعذبهم قبل وبعد إعدامهم شيء آخر.

لقد تم نقل عملية إعدام أولئك اليمنيين بشكل علني وحضور إعلامي وعلى شاشات العرض المباشر، كأنه حفل فني أو خطاب سياسي لإحدى الشخصيات العامة، بحضور ذلك الحشد الذي احتفل مع منفذي الإعدام بالرقص فوق الجثث، بعد أن قام الجلادون بتعذيب وقتل أبناء جلدتهم بطريقة وحشية عبر إطلاق الرصاص الحي على مناطق متفرقة من أجسادهم، على الكتفين ثم على العمود الفقري قبل أن يتم الإجهاز عليهم، وفق ما شاهدنا من خلال الفيديوهات التي انتشرت بشكل كبير، وتمت إدانتها من كافة الجهات العربية والدولية، لأنها منافية للإنسانية وللدين ولكل ما يمت للبشرية بصلة. لقد قامت مليشيا الحوثي، كما شاهد معظمنا، بإعدام 9 أشخاص بينهم قاصر، بتهم تتعلق بقتل رئيس المجلس السياسي صالح الصماد، حيث حشدت قيادات من جماعة الحوثي ومؤيدين لها في ساحة التحرير في صنعاء، وتم جمع الحشود وتنظيم الإعدام ليكون بمثابة انتقام علني من اليمنيين وتهديد مستقبلي للخصوم السياسيين وكل مَن يعارض حكم الحوثيين.

ولن نتحدث هنا عن عدم شرعية جماعة الحوثي وعدم أهليتها لإقامة محاكمات شكلية وسرية، ومن ثم إعدامات علنية، لن نتحدث عن استيلائها على مقار السلطة وأخذ الشعب اليمني رهينةً لسلاحها التابع لأسيادها الخارجيين الذين تأتمر بأمرهم، لكننا سنتحدث هنا عن الجانب الإنساني المفقود. وأيضاً لا نتكلم عن إنسانية مطلقة، ولكن عن أقل معايير الإنسانية والفطرة السليمة للبشر.

وإذا تم إنكار هذه المعايير، فماذا عن تعاليم الدين الإسلامي الواضحة؟ وكيف يمكن قتل النفس البشرية بطريقة وحشية وسط الهتافات والرقص؟ لا نريد عقد مقارنات مع دول غربية، وكيف تعاملت تلك الدول مع قتلة مجرمين كما حدث في نيوزيلاندا وقبلها النرويج، في تلك الحوادث المتعلقة بقيام مجرمين متطرفين بارتكاب جريمة قتل جماعي، وكيف تم إعطاء القاتل كامل حقوقه ثم انتهى الأمر بالحكم عليه بالسجن مدى الحياة، أي ما يعادل 25 سنة حبس فقط. فلا مجال للمقارنة هنا، فمن تم أُدعموا في اليمن مؤخراً، وبتلك الطريقة الوحشية، تمت محاكمتهم بطريقة غير شرعية وفي محاكمات غير شفافة، وتم التعامل معهم كالقطعان ليتم سوقهم وقتلهم بشكل علني ثم التمثيل بهم، دون مراعاة أي حقوق إنسانية.. فما أشبه تلك الصور التي شاهدناه من اليمن مع ما تقوم به الجماعات المتطرفة الأخرى مثل «القاعدة» و«داعش» وغيرهما، حيث يتم توثيق القتل الوحشي بالكاميرات وأمام الحشود ثم يتم التمثيل بالجثث. إلى متى يعيش اليمن في هذا الوضع المأساوي؟

ومتى تعود لليمن بسمته ويعود له لقب «اليمن السعيد»؟ ما يعاني منه اليمن غير مقبول، فشعبه يستحق العيش بكرامة، لكن الواقع مؤلم للغاية حيث يعاني ملايين الأشخاص من عدم توفر مقومات الحياة البسيطة، وهناك 20 مليون يمني (أي ثلث العدد الإجمالي لليمنيين) يحتاجون المساعدة الفورية. إن خطر المجاعة والعطش قريب للغاية. وهذا علاوة على الانتهاكات الإنسانية بحق الشعب والممارسات الممنهجة من قبل الجماعة الحوثية التي لا تكتفي بالإعدامات الجماعية وممارسة التعذيب بحق المدنيين، فيما تجند الأطفال وتستغلهم في الحروب والقتل، كما ترهن اليمن بأكمله لمصالحها الضيقة، وهي لا تمثل البلد ولا أهله. إلى متى؟ لا ندري، لكننا نتمنى أن تزول هذه الغُمَّة ويستقر اليمن قريباً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.