قال 17 في المئة من قراء "إيلاف" إن تونس تنزلق نحو نزاع أهلي، فيما أكد 83 في المئة بأن لا حرب أهلية في تونس.
إيلاف من بيروت: كل عربي معني اليوم بما يجري في تونس الخضراء. فهي التي أشعلت أول شرارة التغيير في العالم العربي بثورة الياسمين، وكانت أول دولة عربية تلفظ ديكتاتورها.
اليوم، ثمة من يقول إن الرئيس التونسي قيس سعيد يعيد التونسيين إلى عهود الظلام القمعي، فيما تقف أغلبية وراء قراراته التي وجهها ضد حركة النهضة الإسلامية، المعروفة بأنها ذات توجه "إخواني".
في خضم الغليان التونسي، سألت "إيلاف" القارئ العربي: "بعد التطورات المستجدة، هل تنزلق تونس إلى نزاع أهلي؟". قال 17 في المئة من المستجيبين للاستفتاء "نعم"، فيما أجاب 83 في المئة بـ "لا"، مؤكدين أن لا حرب أهلية في تونس.
وكان سعيد قد أعلن مساء الأحد 25 يوليو، تزامنًا مع ذكرى الاحتفال بعيد الجمهورية، عن اتخاذ إجراءات استثنائية عملًا بالفصل 80 من الدستور، تتمثل في تجميد عمل البرلمان مدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام مشيشي.
وقد تباينت ردات فعل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بين أطراف داعمة لقرارات رئيس الدولة بالنظر الى تدهور الأوضاع وتفشي الفساد، وأخرى معارضة لها خشية مما اعتبرته محاولة للانقلاب على الدستور والانزلاق نحو الديكتاتورية.
يبدو فعليًا أن خيار الانزلاق إلى حرب أهلية طفيفًا جدًا، إن لم يكن معدومًا، وذلك جلي في أمرين: الأول، وقوف الأغلبية التونسية في صف الرئيس؛ والثاني، التصدعات في حركة النهضة بعد دعوات الغنوشي لتجييش الشارع.
استطلاع وتصدعات
فقد أظهر استطلاع رأي نشرته وسائل إعلام تونسية، أعدّته شركة "إمرهود"، أن تسعة من كل عشرة تونسيين يؤيدون إجراءات سعيد، موضحاً أن الناس تريد أن ترى نتائج عوض الاكتفاء بمجرد أقوال.
إلى ذلك، تسببت قرارات سعيد، وفي مقدمتها إسقاط الحكومة وتعليق عمل البرلمان، في أزمات سياسية غير مسبوقة داخل حركة النهضة، بزعامة راشد الغنوشي، كان آخرها الإعلان عن فتح تحقيق مع أربعة من أعضاء حزب النهضة، بينهم الحارس الشخصي للغنوشي، بتهمة محاولة القيام بأعمال عنف أمام البرلمان.
كما توالت الاستقالات والانتقادات لأداء حزب النهضة والغنوشي الذي لوح في تصريحات لوسائل إعلام إيطالية وفرنسية وعربية بـ "تحريك الشارع"، في ما يبدو تهديدًا بحرب أهلية، إذا لم تتراجع رئاسة الجمهورية عن قراراتها، وبينها تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه. كما حذر الغنوشي في تلك التصريحات عواصم الغرب من مغبة انتشار الفوضى والعنف في تونس، ومن انعكاسات ذلك على بلدان الجوار، وعلى تدفق أفواج المهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، مثلما حصل عندما مرت تونس وليبيا باضطرابات أمنية واسعة مطلع 2011.
وخرجت انتقادات كثيرة من قيادات حزب النهضة ونشطائه مجدداً إلى العلن، وتعاقبت الاستقالات، إذ أعلن خليل البرعومي، مسؤول ملف الإعلام في قيادة النهضة، عن استقالته من المكتب التنفيذي للحركة ومن رئاسة مكتب الإعلام، احتجاجاً على "عدم استيعاب قيادات حركة النهضة للرسائل التي وجهها لها الشعب في التظاهرات، عندما داهمت مجموعات من الشبان مقرات الحزب وقامت بحرقها، واتهمتها بالتحالف مع لوبيات الفساد".
كما وجه البرلماني والقيادي في حزب النهضة، محمد القوماني، نقداً حاداً لسياسات قيادة حركته، ودعاها إلى فهم الغليان الشبابي والشعبي ضدها خلال التظاهرات، وحمل لطفي زيتون، الوزير السابق ومدير مكتب الغنوشي سابقاً، قيادة النهضة مسؤولية تعثر مسار الإصلاح والتغيير خلال الأعوام الماضية، وحذرها من سيناريو تجييش الشارع.
تطمين رئاسي
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد قال إن الأوضاع في البلاد بلغت حدا لم يعد مقبولا، وإن صبره نفد على الرغم من التحذيرات التي أطلقها، مشيرًا إلى أن الأخلاق ضعفت والاحترام ضعف والتعفف نوع من الخوف.
أضاف سعيد في كلمة متلفزة: "ثمة من يسعى إلى تفجير الدولة من الداخل، فالمرافق العمومية لم تعد تعمل، وقد استشرى الفساد، وصارت اللقاءات تتم مع مطلوبين للعدالة، ومع ناهبي ثروات الشعب التونسي"، لكنه طمأن التونسيين إلى أن الدولة قائمة، وهي معنية بالحفاظ على السلم والأمن، ودعاهم إلى عدم الرد على الاستفزازات، قائلًا: "لا أهمية للشائعات التي احترفها البعض، لا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة، وهناك القانون وهو يطبق على الجميع".
وتعجب سعيد ممن يستعملون تعبير "انقلاب" لوصف القرارات التي اتخذها، قائلا:" من يتحدث عن انقلاب عليه مراجعة دروسه في القانون، فقد راعيت كل الإجراءات القانونية وفق الدستور والمادة 80 منه التي تقول إنه في حال وجود خطر داهم، على الرئيس اتخاذ ما يلزم من تدابير استثنائية، وتونس اليوم في حالة خطر داهم، وقد اتخذت تدابير تقتضيها المسؤولية أمام الشعب والله والتاريخ".