إيلاف من واشنطن: بعد ضغوط من منتقدين لتقديم المزيد من الشرح لقرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، أدلى الرئيس الأميركي جو بايدن بتصريحات مفصلة، معربا عن ثقته في الجيش الأفغاني لمواجهة عودة حركة طالبان، وهي وجهة نظر لا تزال محل خلاف داخل السلطة التنفيذية، وفقًا لتقرير نشره موقع "الحرة".
فقد أثارت المكاسب الكبرى التي حققتها الحركة في الأسابيع الماضية مخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
لكن إصرار بايدن على الانسحاب لا يتوقف على الاستعداد الأفغاني، فقد وجه حديثه للداعين لتمديد العملية العسكرية الأميركية في أفغانستان، متسائلا "كم من المزيد ... كم من المزيد من آلاف البنات والأبناء الأميركيين أنتم على استعداد للمخاطرة بهم؟".
وفي تصريحات أدلى بها في البيت الأبيض، أضاف بايدن "لن أرسل جيلا آخر من الأميركيين إلى الحرب في أفغانستان، ليس هناك توقع منطقي بتحقيق نتيجة مختلفة"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
يقول بايدن إن بلاده حققت منذ فترة طويلة هدفها الأصلي من غزو أفغانستان في 2001 وهو استئصال تنظيم القاعدة ومنع شن أي هجوم آخر مثل هجمات 11 سبتمبر.
وتمكن فريق عسكري أميركي من قتل أسامة بن لادن في 2011 الذي اعتبر العقل المدبر للهجمات.
وأضاف: "حققنا تلك الأهداف.. التي ذهبنا من أجلها. لم نذهب لأفغانستان لنبني أمة... هذه مسؤولية الشعب الأفغاني وحده وحقه في أن يقرر مستقبله وكيفية رغبته في إدارة بلاده".
وقال بايدن إن الجيش الأفغاني لديه القدرة على التصدي لطالبان. واعتبر أن سيطرة حركة طالبان على البلاد ليست حتمية.
وقال إن طالبان "في أقوى حالاتها عسكريا منذ عام 2001". ولكن فيما يتعلق بتدريب وقدرات قوات الأمن الوطني الأفغانية والشرطة الفيدرالية، فإن طالبان "ليست قريبة حتى" من هذه القدرات.
وأضاف قائلا: "لقد قمنا بتدريب وتجهيز ما يقرب من 300 ألف من المنخرطين الحاليين" في الجيش الأفغاني. "لقد زودت الولايات المتحدة شركائنا الأفغان بجميع الأدوات -اسمحوا لي أن أؤكد- كل الأدوات والتدريب والمعدات لأي جيش حديث"، بما في ذلك "الأسلحة المتقدمة".
وأشار إلى أن "تريليون دولار" أنفقت على تدريب وتجهيز مئات الآلاف من القوات الأفغانية.
وتابع "القوات الأفغانية لديها 300 ألف شخص مجهز جيدت وقوة جوية ضد ما يقرب من 75 ألف عنصر من طالبان".
لكن مسألة قدرة الحكومة الأفغانية على مواجهة التهديدات التي تلوح في الأفق بمكاسب طالبان، والتي تصاعدت منذ بدء الانسحاب الأميركي، إلى جانب شبح الحرب الأهلية، لا تزال تلوح في الأفق.
وتقول "واشنطن بوست" إن التوتر يخيم على الإدارة الأميركية بشأن كيفية تقييم القوات الأفغانية في مواجهة الفوضى المتزايدة.
ففي 30 أبريل حذر تقرير صدر عن مكتب المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) المرتبط بالكونغرس، وهو هيئة رقابة أميركية لإعادة الإعمار في أفغانستان، من أن قوات الأمن الأفغانية "تواجه ثغرات حرجة في القدرات"، بما في ذلك صيانة الطائرات، مما يتطلب دعم دولي طويل المدى.
وفي 16 مارس وأمام اللجنة الفرعية للرقابة على الأمن القومي في مجلس النواب، أكد المفتش العام جون إف سوبكو "اعتماد الحكومة الأفغانية الشديد على المساعدات الخارجية، وحقيقة أن قوات الأمن الأفغانية ليست في مكان قريب من الاكتفاء الذاتي"، وفقًا للتقرير.
وقال سوبكو في تصريحاته إنه على الرغم من بعض التحسن، لا تزال القوة تواجه "تحديات طويلة المدى في القدرة والاستدامة تتطلب أشكالًا مختلفة من الدعم العسكري الأميركي المستمر".
وأضاف: "على الرغم من تحسن بعض قدرات قوات الجيش والأمن الأفغانية، فإن القوة لا تزال تواجه تحديات على المدى الطويل في القدرة والاستدامة، مما يتطلب أشكالًا مختلفة من الدعم العسكري الأميركي المستمر".
وبحسب سوبكو، فإنه بدون القوات الأميركية لتقديم الدعم لمكافحة الإرهاب أو تقديم المشورة والمساعدة للمؤسسات الأمنية الأفغانية، سيزداد التمرد وانعدام الأمن.
والأسبوع الماضي، حذر قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الجنرال أوستن ميلر من أن البلاد ربما تكون في طريقها للانزلاق إلى أتون حرب أهلية.
ومنذ ثلاثة أسابيع، قتل العقيد سهراب عظيمي، القائد الميداني في القوات الأفغانية الخاصة، وفريقه المؤلف من 22 رجلاً على يد قوات طالبان أثناء دفاعهم عن قاعدة في ولاية فارياب الشمالية.
ومع تقدم طالبان في شمال أفغانستان، تراجع مئات من أفراد قوات الأمن الأفغانية وعبروا الحدود بين أفغانستان وطاجيكستان هذا الشهر، فيما يشير ضمنا إلى تدهور الأوضاع مع اقتراب القوات الأجنبية من استكمال انسحابها بعد حرب دامت نحو 20 عاما ومحادثات سلام متعثرة.