«إيلاف» من الرباط: قدم ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، أمس في نيويورك، إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس دورة مجلس الأمن "وقائع وأدلة" تتعلق بالتحركات العسكرية لجبهة البوليساريو في المنطقة العازلة، والتي اعتبرها المغرب خرقاً لاتفاقية وقف إطلاق النار.
وأشار بوريطة في لقاء صحافي بنيورورك إلى أنه أطلع الأمين العام للأمم المتحدة على صور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية تظهر إنشاء بعض المباني. وقال إن "صورًا التقطت في 8 أغسطس أظهرت وجود أساسات في هذه المنطقة، وأخرى ملتقطة في 26 مارس أظهرت أنه تم استكمال عملية البناء، وأن الثكنات العسكرية قائمة هناك. وقد تم بناء العديد من المباني منذ شهر اغسطس وحتى الآن في هذه المنطقة".
ويأتي هذا التنقل لوزير خارجية المغرب إلى نيويورك في سياق رد المغرب على تشكيك الأمم المتحدة في اتهاماته لجبهة البوليساريو باحتلال مواقع في المنطقة العازلة شرق الجدار الدفاعي وإقامة منشآت عسكرية بها، الشيء الذي اعتبره المغرب تغييرًا في الوضع القانوني لهذه المنطقة وخرقاً لاتفاقية إطلاق النار المبرمة في 1991. وكان المغرب وجه رسالة إلى الأمين العام بشأن هذه التحركات العسكرية لـ" بوليساريو" قبل أيام، غير أن الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة نفى في تصريح صحافي وجودها، استناداً إلى تقارير لبعثة الأمم المتحدة "مينورسو" المكلفة مراقبة احترام وقف إطلاق النار بالصحراء التي أشارت في تقاريرها الى أنها "لم تلحظ" أية تحركات عسكرية لـ" بوليساريو" في المنطقة العازلة.
وأشار بوريطة في تصريحه للصحافيين إلى أنه سلم بمعية الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، رسالة خطية من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيريش ، والتي "تهم التطورات الخطيرة للغاية التي تشهدها المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية".
وأفاد الوزير بوريطة أن العاهل المغربي تباحث أيضا مع غوتيريش مضيفاً أنه "خشية تدهور الوضع في منطقتي بئر لحلو وتيفاريتي الواقعتين شرق الجدار الامني الدفاعي، أو أن لا تتم تسويته كما كان الحال بالنسبة للكركرات، حرص ملك المغرب على التعبير باسم كافة القوى الوطنية الحية بمختلف توجهاتها وانتماءاتها ، عن رفض المغرب الصريح والحازم والصارم لهذه الاستفزازات والتوغلات غير المقبولة التي تقوم بها جبهة البوليساريو في هذه المنطقة ".
وتابع بوريطة قائلا إن العاهل المغربي ذكر الأمين العام للأمم المتحدة بأن هذه الأعمال "تشكل تهديداً لوقف إطلاق النار المعلن في الصحراء منذ 6 سبتمبر 1991 ، وانتهاكاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة"، كما "تقوض بشكل جدي المسلسل السياسي الجاري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة عبر المبعوث الشخصي هورست كوهلر".
وأردف أن العاهل المغربي، ذكر أيضا الأمين العام للأمم المتحدة بأن "الجزائر تتحمل مسؤولية صارخة” في هذا النزاع الإقليمي الذي امتد لأزيد من 40 عامًا ، وذلك لأن "الجزائر هي التي تمول، والجزائر هي التي تحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي لجبهة البوليساريو". ولهذا السبب بالذات، دعا المغرب دائماً إلى أن تقدم الجزائر مساهمات مهمة في المسلسل السياسي، وأن تتحمل مسؤولياتها في البحث عن حل، وأن تضطلع بدور على قدر مسؤوليتها في نشأة وتطور هذا النزاع الاقليمي.
من جهة أخرى، عقد بوريطة اجتماعًا مع رئيس مجلس الأمن لشهر أبريل ، الممثل الدائم للبيرو، غوستافو ميزا كوادرا، لإطلاعه على مضمون الرسالة الملكية ، وكذا المباحثات مع الأمين العام للأمم المتحدة.
واوضح بوريطة أن الرسالة الواضحة التي أبلغها المغرب اليوم إلى كل من رئاسة مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة "هي رسالة تنبيه. فالوضع خطير، وما يقع في هذه المنطقة ليس من قبيل (التحركات المعتادة) نحن أمام تغيير للوضع القانوني والتاريخي للمنطقة الواقعة شرق منظومة الدفاع".
وأشار إلى أن المغرب قدم إلى الأمين العام "وقائع وأدلة تتعلق بهذه الأفعال غير المقبولة". وكانت هذه اللقاءات فرصة للتذكير بأن الممثل الخاص للأمين العام، كولن ستيوارت، رئيس بعثة " مينورسو ، "لم يتم استقباله بعد من قبل جبهة البوليساريو، لأنها وضعت أمامه شرطًا: أن يتم استقباله في تيفاريتي أو في بير لحلو وليس في تندوف، بالجزائر، كما كان الحال منذ إحداث ( مينورسو) ".
وأعرب بوريطة عن استيائه حيال "هذا المعطى الجديد، والسابقة الخطيرة"، مسجلاً أن "جبهة البوليساريو تمارس الابتزاز مع ( مينورسو) ومع الممثل الخاص للأمين العام من خلال محاولة فرض مكان للاجتماع، يوجد داخل هذه المنطقة، وهو ما لم يسبق أن حدث من قبل".
وأضاف بوريطة أن الواقعة الثانية التي تقاسمها الجانب المغربي مع الأمين العام، "هي رسالة من جبهة البوليساريو إلى قائد القوة العسكرية، في 24 مارس، أبلغت فيها الجبهة بعثة " مينورسو" نيتها إنشاء مواقع عسكرية ثابتة في هذه المنطقة شرق الجدار الأمني الدفاعي".
أما المعطى الثالث فيتمثل في التصريحات العلنية لجبهة البوليساريو، بتشجيع من الجزائر، بشأن "نقل بعض بنيات الجبهة بتندوف الى هذه المنطقة العازلة. مشيرًا إلى "الحديث عما يسمى بوزارة الدفاع ، وما يسمى برئاسة الجمهورية المزعومة، والأمانة الوطنية للبوليساريو التي قد يتم نقلها من تندوف إلى تيفاريتي وبير لحلو شرق الجدار الأمني الدفاعي.
وأبرز بوريطة أن كل هذا يدل على "سعي جبهة البوليساريو، وبتشجيع من الجزائر، إلى تغيير طبيعة هذه المنطقة". وقال إن "المغرب، ومن خلال تقاسم هذه المعلومات، أكد بأوضح الطرق أنه لن يسمح بتغيير من هذا القبيل "، مضيفاً أنه "إذا لم يتحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن والامم المتحدة مسؤولياتهم، فإن المغرب سيتحمل مسؤولياته لمنع مثل هذا التغيير، وهذا التحدي للشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة، وهذا التهديد للسلام والاستقرار في هذه المنطقة".
وذكر بوريطة أنه وبتعليمات من العاهل المغربي، كان الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة قد خاطب مجلس الأمن نهاية الأسبوع الماضي، موضحا أنه "إذا لم يتم القيام بأي شيء، فإن المغرب سيعتبر أن الأمر يتعلق بعمل يؤدي إلى الحرب".
وأضاف أن "المغرب لن يسمح بحدوث هذا التغيير، وبأن تكون هذه المنطقة، التي أوكلت إلى الأمم المتحدة، في أيدي حركة عسكرية ذات ارتباطات مشبوهة".
وخلص إلى أن المغرب، الذي طالما جنح الى السلم سواء في وطنه أو بالخارج ، من خلال كافة مساهماته في عمليات حفظ السلام، "يدق ناقوس الخطر بأن ما يحدث هو أمر غير مقبول، وسيستدعي ردًا من المغرب، إذا لم يتحمل مجلس الأمن والأمم المتحدة مسؤوليتهما".