الرباط: منذ أن أعلن في المغرب على ما اصطلح عليه في وسائل الإعلام بـ "تعويم الدرهم"، كنظام جديد للصرف في سوق العملات، والجدل يدور وسط مختلف الأوساط والطبقات الاجتماعية خوفاً من انعكاسه سلباً على الاقتصاد الوطني، بصفة عامة، وعلى الأوضاع المعيشية للمواطنين، بصفة خاصة.
وبعيدا عن تحليلات الخبراء الاقتصاديين، انبرى رسامو الكاريكاتير في الصحف اليومية والمواقع الالكترونية، للسخرية من هذا "التعويم"، بحسهم النقدي الذي تعكسه ريشاتهم اللاذعة في تناولهم لهذا الملف، للتعبير عن الهواجس التي تنتاب الجميع، محذرين من انزلاقه نحو المجهول.
ولأن الدكتور سعد الدين العثماني، هو الذي يتولى حاليا تدبير الشأن العام من خلال رئاسته للحكومة، فقد كان في مقدمة المسؤولين الذين تعرضوا لـ"القصف" الشديد، باعتباره هو المسؤول الأول عن هذا "القرار السياسي"، مادام قد استجاب لبنك المغرب الذي قاد الجانب التقني لهذا الموضوع الشائك.
واستهدفت أغلب الانتقادات العثماني، وانصبت حول سياسته الاقتصادية، التي يرى بعض الرسامين، وضمنهم الفنان عبد الغني الدهدوه، أنها تراهن دائما على القدرة الشرائية للمواطن، المنهكة أصلا، وتضع يد الحكومة في جيبه لمواجهة كل الاختلالات، قصد ضبط التوازنات المالية، وما تعانيه الدولة من عجز وغيره.
ورغم أن بنك المغرب، أصدر عدة شرائط فيديو توضيحية، في محاولة منه لبعث الاطمئنان في النفوس، إزاء عملية انتقال الدرهم من نظام الصرف الثابت إلي نظام الصرف المرن، فإن الرسام خالد الشرادي، وضع رسما يبدو فيه المواطن، وقد أصبح عاريا تماما، ونزعت عنه "ورقة التوت" بعد تعويم الدرهم.
ولم يكتفِ الشرادي بالرسم، بل كتب كلمة على جداره عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بأسلوبه الساخر، اتسمت مفرداتها بالحدة، منتقدا بشكل مباشر، ما تقوم به الحكومة، هذه الأيام، من إجراءات، استعرض بعضها، وضمنها تعويم الدرهم، وفرض رسوم جديدة، و"زيادات ماكرة وحقيرة"، على حد تعبيره، الأمر الذي يشدد الخناق على الطبقة الوسطى.
وبدوره، سارع العوني الشعوبي، كفنان منحاز للتعبير عما في صدور الناس من مشاغل وهموم ترتبط بالقفة اليومية ومتطلبات المعيشة في المغرب، إلى التفاعل مع هذه القضية من خلال رسم تحت عنوان " مخاوف شعبية من تحرير الحكومة للدرهم".
وكغيره من الرسامين، وجريًا على عادته في رصد نبض المجتمع، أنجز عبد الله درقاوي لوحة كاريكاتيرية للدرهم المغربي، وقد تم دفعه لكي "يعوم بحره" في رحلة محفوفة بالمخاطر، وسط الأمواج المتلاطمة.
ولم يترك الفنان عماد السنوني الفرصة تفوته، فتطرق بريشته المغموسة في مداد الوجع الاجتماعي، إلى إشكالية تعويم الدرهم، انطلاقا من رؤيته الساخرة للموضوع، حيث يبدو الدرهم وهو يتأهب للقفز في المسبح، وعلامة الاندهاش بادية على ملامح بعض العملات الأجنبية، التي استغربت لعدم ارتدائه لـ "المايو" أي لباس السباحة.
وفي تعليق له بالمناسبة، على "فيسبوك "، كتب السنوني عن زيارة له إلى مستشفى ابن رشد العمومي، مستعرضًا بعض المشاهد الصادمة،التي تجسد معاناة المواطنين في المراكز الصحية التابعة للدولة، ختمها بخلاصة تطفح بالسخرية:" لقد تأكدت أننا بخير، والحمد لله، ولا ينقصنا أي شيء سوى تعويم الدرهم".