: آخر تحديث
إرجاء النظر في القضية بهدف تبليغ متهم يحاكم في حالة إفراج

"إيلاف المغرب" تتابع الجلسة الأولى من محاكمة ناصر الزفزافي ومن معه

237
254
230

ما أن مثل ناصر الزفزافي، أحد متزعمي احتجاجات الحسيمة، اليوم الثلاثاء أمام القاضي في أولى جلسات محاكمته، حتى طلب من القاضي أخذ الكلمة لتقديم ملتمس. 

إيلاف من الرباط: أمام رفض القاضي، الذي أخبره بأنه سيتكلم عندما يحين وقت الكلام، أجاب الزفزافي: "إن مصلحة الوطن تسمو فوق الجميع". فسأله القاضي أن يجلس إلى جانب باقي المتهمين، وينتظر دوره في الكلام. ظل الزفزافي رافعًا يده طلبًا للكلمة طيلة الجلسة، التي استمرت زهاء 4 ساعات، قبل أن يقرر القاضي تأجيلها إلى يوم الثلاثاء المقبل.

ومع إصرار الزفزافي ودفاعه على إعطائه الكلمة، تدخل ممثل النيابة العامة، ليوضح أن القانون الجنائي المغربي يعطي الكلمة للمتهم خلال الاستنطاق، حيث يجيب عن أسئلة القاضي، في حدود السؤال، وفي نهاية المحاكمة يمنح القانون للمتهم فرصة الكلمة الأخيرة التي يمكنه خلالها أن يقول ما يشاء. واعتبر ممثل النيابة العامة أن إعطاء الكلمة للزفزافي سيكون بمثابة "إحداث بدعة".

بدأت جلسة المحاكمة متأخرة بنحو ساعة بسبب الإجراءات الأمنية الخاصة التي أحيطت بها، إذ جرى منع إدخال الهواتف المحمولة والكمبيوترات والأجهزة الالكترونية إلى القاعة. ووضعت أجهزة التفتيش عند مدخل المحكمة، وفي وسط البهو الداخلي قبل الولوج إلى القاعة. وأودع المتهمون ضمن هذه المجموعة، والبالغ عددهم 32 متهمًا، في قاعة زجاجية نصبت في الجانب الخلفي لقاعة المحكمة. 

شرع القاضي في المناداة على المتهمين واحدًا واحدًا، ليوجّه إليهم أسئلة لتحديد هويتهم، قبل أن يجلسوا في الصف الأمامي مباشرة أمام القاضي. ونودي على الزفزافي في الرتبة 26 من بين المتهمين.

في غضون ذلك، ظهرت مشكلة اكتظاظ في القاعة عند مناداة القاضي على الـ 20 متهمًا الأوائل، إذ إن الصف الأمامي المخصص لهم  امتلأ عن آخره، فطلب القاضي من المحامين الذين يملؤون الصفوف التالية التراجع إلى الوراء للسماح للمتهمين بالجلوس أمام القاضي. غير أن بعض المحامين رفضوا الاستجابة، معتبرين أن الصفوف المخصصة للمحامين بمثابة منصة للدفاع، وأنهم غير مستعدين للتخلي عنها. 

فيما انتقد آخرون طريقة تنظيم المحاكمة، مشيرين إلى أن غالبية المحامين الحاضرين الذين تجاوز عددهم 80 محاميًا إضافة إلى المحامين المتدربين، لا تجد مكانًا للجلوس. وقال المحامي عبد اللطيف وهبي إنه كان على إدارة المحكمة والنيابة العامة ونقيب المحامين أن يشكلوا لجنة تتكلف تنظيم المحاكمة، وحل كل المشاكل المتوقعة قبل انطلاق الجلسات. 

من جانبه، تدخل ممثل النيابة العامة، مشيرًا إلى أن القاعة الزجاجية الواقعة في خلفية قاعة المحكمة تضم مقاعد شاغرة، وأن بإمكان المتهمين الذين تحقق القاضي من هويتهم أن يعودوا إليها، ليفسحوا المجال لمثول باقي المتهمين أمام القاضي.

غير أن اقتراح النيابة العامة أثار غضب هيئة الدفاع، التي اعتبر أعضاؤها أن وجود المتهمين في "القفص الزجاجي" مخالف للقانون، الذي ينص على مثول المتهمين بكامل الحرية، ومن دون قيود، أمام القاضي، مرافقين بحراس لضمان عدم فرارهم. واعتبر المحامون في تدخلاتهم أن وضع المتهمين في "القفص الزجاجي" يجعلهم في "وضعية مهينة". وطالب العديد من المحامين بجلب مقاعد إضافية من القاعات المجاورة لتمكين المتهمين من المثول أمام القاضي.

ولوّح القاضي بأنه سيضطر إلى اتخاذ قرار بإفراغ القاعة في حال لم يستجب المحامون لطلبه بالتراجع إلى الوراء وعدم حجب المتهمين عن هيئة الحكم. ومع ارتفاع حدة الجدل قرر القاضي رفع الجلسة.

بعد خروج هيئة الحكم، تدخل أمن القاعة، لإعادة تنظيم الحضور، حيث طلبوا من الجمهور الحاضر الرجوع إلى الوراء، وإخلاء صفين إضافيين للمحامين، كما جلبوا مقاعد إضافية إلى القاعة. وبعد حوالى 40 دقيقة عاد القضاة لتنطلق أشغال الجلسة من جديد. وشرع القاضي في النداء على المجموعة الثانية من المتهمين ضمنهم الزفزافي، ليسألهم عن الاسم والعنوان والمهنة، وإن كانت لديهم سوابق.

في سياق ذلك، طلب أحد المتهمين إحضار مترجم، بحجةأنه لا يتكلم العربية، وأن اللغة الوحيدة التي يتقنها هي اللهجة الريفية، وهي إحدى لهجات الأمازيغية. فتدخلت محامية لتسهيل تواصله مع القاضي.

بعد عرض كل المتهمين أمام القاضي، طلب هذا الأخير من المحامين تقديم إناباتهم. غير أن النقيب عبد الرحيم الجامعي أشار إلى أن المتهمين الذين مثلوا أمام القاضي في الدفعة الأولى قبل رفع الجلسة، أخرجوا من القاعة، ولم يعودوا إليها. وقال إن المحامين يطالبون بعودة المتهمين بعدما توافرت لهم مقاعد للجلوس أمام القاضي، وأن الدفاع لا يمكنه أن يعلن عن إنابته إلا في وجود المتهم. 
فرد عليه ممثل النيابة العامة بأن المتهمين موجودون في القاعة الزجاجية، وأنهم يتابعون أشغال الجلسة، ويصلهم كل ما يروج فيها بالصورة والصوت عبر الشاشة الكبيرة ومكبرات الصوت، وأن وجودهم في تلك القاعة لا يخالف مقتضيات القانون الجنائي في ما يخص شروط مثول المتهم أمام القاضي. إلا أن المحامين اعتبروا أن تلك القاعة الزجاجية "قفص زجاجي"، وتوجد خارج قاعة المحكمة. وتمسكوا بضرورة إدخال المتهمين.

آنذاك التفت القاضي إلى مستشاريه، ليعلن بعد ذلك أنه قرر مواصلة الجلسة من دون الحاجة إلى إدخال المتهمين. فارتفعت احتجاجات المحامين، الذين قالوا إن القاضي تجاوز اختصاصاته بهذا القرار، الذي اعتبروا أنه "ضد النظام العام"، فيما اعتبره ممثل النيابة العامة "قرارًا قضائيًا أصدره القاضي باسم الملك بعد التشاور مع مستشاريه"، داعيًا المحامين إلى احترام المحكمة و"عدم إحراجها".

مرة أخرى، وأمام سخونة النقاش، قرر القاضي رفع الجلسة. ومباشرة بعد خروخ القضاة لوحظت تحركات غير عادية وسط المحامين، ثم لوحظ صعود أربعة محامين، وهم عبد اللطيف وهبي ومحمد أغناج وعبد الرحيم الجامعي وعبد العزيز النويضي، إلى منصة القضاة، ودخلوا من الباب الخلفي المؤدي إليها، حيث يدخل القضاة. وبعد نحو نصف ساعة عاد المحامون الأربعة إلى القاعة، ليعلن بعد ذلك عن دخول القضاة. فأمر القاضي بإخراج جميع المتهمين من الغرفة الزجاجية ليأخذون مكانهم أمامه لتستمر الجلسة بعد نحو ساعة من التوقف.

فطلب القاضي من المحامين تسجيل نيابتهم. وقدم الجامعي لائحة تتكون من 64 محاميًا، مشيرًا إلى أن بعض المحامين ينوبون عن بعض المتهمين، فيما ينوب جل المحامين عن جميع المتهمين. ثم تقدمت لائحة أخرى تضم 6 محامين. وأعلن محمد زيان أنه ينوب عن الزفزافي وحده. بعد ذلك قدم المحامي عبد الكبير طبيح لائحة تضم أربع محامين يدافعون عن الدولة كطرف مدني في هذه القضية، مشيرًا إلى أن موكلهم هو "الوكيل القضائي للمملكة" التابع لرئاسة الحكومة.

بعد ذلك، سأل القاضي عن سبب تخلف أحد المتهمين، وهو المتابع الوحيد في حالة سراح ضمن هذه المجموعة، عن حضور الجلسة. وعندما أخبر القاضي من طرف النيابة العامة بأن المتهم لم يتم تبليغه بالجلسة، قرر القاضي تأجيل المحاكمة إلى غاية يوم الثلاثاء المقبل من أجل تبليغ المتهم وتمكينه من الحضور.

غير أن الدفاع اعتبر هذه المدة غير كافية لإعداد مرافعاته، وطالب المحامون في تدخلاتهم بمنحهم ثلاثة أسابيع على الأقل، وهو ما عارضه ممثل النيابة العامة، معتبرًا أن مدة ثمانية أيام كافية، خصوصًا وأن المحامين آزروا المتهمين خلال مراحل التحقيق. كما أشار إلى أن إطالة مدة المحاكمة ليست في مصلحة المتهمين المتابعين في حالة اعتقال، خصوصًا وأن جلهم متابعين بالجنح، وليس بجنايات.

أثار بعض المحامين مسألة ضم الملفات الثلاثة للمتابعين على خلفية أحداث الحسيمة، وهي ملف الزفزافي ومن معه (32 متهمًا)، وملف أحمجيق ومن معه (23 متهمًا) وملف الصحافي عبد الحميد المهداوي. وأشار الدفاع إلى أن ممثل النيابة العامة كان قد طالب سابقًا بضم الملفات في جلسة لمحاكمة المهداوي في الأسبوع الماضي، غير أنه لم يقدم ملتمسًا مكتوبًا بهذا الطلب، كما ينص القانون بالنسبة إلى الطلبات التي يقدمها ممثل النيابة العامة. وتدخل ممثل النيابة العامة للدفاع عن طلبه، مشيرًا إلى أن المتهمين في هذه الملفات يتابعون في القضية نفسها، وأنها غير قابلة للتجزئة.

وقرر القاضي تأجيل المداولة في هذا الطلب إلى يوم الخميس المقبل، كما أكد قراره تأجيل جلسة محاكمة الزفزافي ومن معه إلى يوم الثلاثاء المقبل.

وعند رفع الجلسة رفع الزفزافي وباقي المتهمين وبعض الجمهور الحاضر شعارات داخل قاعات المحكمة. وقال الزفزافي قبل أن يخرج من القاعة "رفضتم الإستماع إلى كلمتي لأنكم تعرفون أنها كلمة حق".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار