إيلاف من لندن: بعد الفشل الذريع، الذي منيت به مؤسسات الاستطلاع، في أعقاب الانتخابات البرلمانية في عام 2015، بدأ الكثير من المعلقين السياسيين والمتابعين يفقدون الثقة بما تتوصل إليه هذه الاستطلاعات من نتائج.
تكرر فشل مؤسسات الاستطلاع عشية الاستفتاء هذا العام حين أعلنت أن المنافسة متقاربة بين مؤيدي الخروج ومؤيدي البقاء، بحيث لا يمكن التنبؤ بالنتيجة، ولو أنها تميل بهامش طفيف إلى مصلحة معسكر البقاء. لكن حتى هذا التخمين الحذر كان خاطئًا. فمؤيدو الخروج فازوا بفارق 4 في المئة من الأصوات، وأخطأت مؤسسات الاستطلاع مرة أخرى.
أسباب الفشل
استخدمت صحيفة دايلي تلغراف، المؤيدة للخروج، استطلاعات العالم السياسي المعروف البروفيسور جون كرتيس، الذي كان الوحيد الذي أصابت توقعاته بشأن الانتخابات البرلمانية في العام الماضي.
إذ توقع البروفيسور كرتيس عشية الاستفتاء أن يفوز معسكر البقاء، بهامش ضيق هو 51 في المئة، مقابل 49 في المئة لمصلحة الخروج. لكن هذه النسبة جاءت معكوسة.
وقالت مؤسسة يوغوف إن صعوبة التنبؤ بالنتيجة، رغم الاستطلاعات الكثيرة التي أجريت قبل الاستفتاء، ناجمة من حقيقة أن ربع البريطانيين لم يعرفوا إلى من سيمنحون أصواتهم حتى وقت قريب من موعد الاستفتاء.
حاولت مؤسسات استطلاع أخرى تبرير فشلها بالقول إن صعوبة تحديد المعسكر الذي سيفوز في الاستفتاء تكمن في عدم وجود سابقة تاريخية يمكن الاهتداء بها في حالة مماثلة. وللأسباب نفسها كان من الصعب التنبؤ بنسبة المشاركين في الاستفتاء، التي تعتبر عاملًا لا يقلّ أهمية عن آراء الناخبين ومواقفهم.
دور جونسون
اتضح أن نسبة المشاركة كانت 72 في المئة من الناخبين المسجلين، وهي أعلى نسبة منذ عام 1977، لكنها ما زالت أقل من نسبة المشاركين في الاستفتاء الإسكتلندي على الاستقلال عام 2014.
وكان أحد الأسباب الرئيسة لفشل الاستطلاعات نجاح عمدة لندن السابق بوريس جونسون، الذي قاد حملة الخروج، في إقناع تلك النسبة التي لم تحسم موقفها بالتصويت لمصلحة الخروج في الأيام الأخيرة قبل الاستفتاء.
مستترة خلف الخوف
ما ضلل مؤسسات الاستطلاع أيضًا الاعتقاد بأن الناخبين، الذين لم يحسموا موقفهم، سيصوّتون في الغالب لمصلحة البقاء من أجل الأمن الاقتصادي، الذي يوفره الحفاظ على الوضع القائم. من جهة أخرى امتنع آخرون عن إعلان موقفهم إلى جانب الخروج، خشية أن يُعدّ ذلك موقفًا معاديًا للأجانب والمهاجرين، ولهذا كانوا يفضّلون القول إنهم مع البقاء.
كما كان هناك اعتقاد يستند إلى دراسات أكاديمية عن الاستفتاءات والانتخابات، وحتى خيارات المستهلكين بأن الجمهور العام يتوخى الحذر عادة، ويختار في الغالب التصويت لمصلحة الوضع القائم على "المجهول" وإمكانية حدوث اضطراب.
وكان البعض ممن فقدوا الثقة بمؤسسات الاستطلاعات أشاروا إلى أن مكاتب الرهان أدق في معرفة ميول الناخبين. وعلى امتداد الحملة كانت مكاتب الرهان ترجّح كفة معسكر البقاء، رغم أن الاستطلاعات أخذت تبيّن أن معسكر الخروج يضيّق الفارق في الأسابيع الأخيرة قبل الاستفتاء. هكذا أظهرت النتيجة أن مكاتب الرهان والمراهنين أيضًا سيندمون على ثقتهم بفوز معسكر البقاء.
أعدت "إيلاف" المادة نقلًا عن صحيفة دايلي تلغراف البريطانية
المادة الأصل موجودة على الرابط الآتي:
http://www.telegraph.co.uk/news/2016/06/24/eu-referendum-how-right-or-wrong-were-the-polls/