: آخر تحديث
اليسار سيجري انتخابات تمهيدية لإختيار مرشحه للرئاسيات

هولاند أمام مشقة رص صفوف الحزب الإشتراكي خلفه

197
206
187

إيلاف من باريس: في آخر استطلاع للرأي نشرت صحيفة لو فيغارو نتائجه، أيّد 72 بالمئة من الفرنسيين إجراء انتخابات تمهيدية لإختيار مرشح اليسار مقابل 86 بالمئة من مناصري اليسار و87 بالمئة من مناصري الحزب الإشتراكي.
 
وستكون الإنتخابات محصورة في ما يعرف بتكتل اليسار الشعبوي، ويضم الحزب الإشتراكي واليسار الراديكالي أو ما يعرف بجبهة اليسار وحزب الخضر، وستجري في  يناير القادم أي بعد ديسمبر، وهو التاريخ الذي سيحدد خلاله الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن كان سيترشح لولاية رئاسية ثانية. 

وجاء اختيار موعد إجراء الإنتخابات التمهيدية ليتناسب مع الأجندة السياسية للرئيس الفرنسي، حيث سيتم عرضُ مشروع قانون العمل الجديد في يوليو.

ويقول أحد المقربين من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لصحيفة لو فيغارو بأنه لن يكون بإمكان "الساخطين" من اليساريين، أي المعارضين لسياسة هولاند، طرح مذكرة حجب ثقة جديدة في البرلمان، لأنه آنذاك سيتم فصلهم نهائيًا من الحزب، ولن يتمكنوا من الترشح للإنتخابات التمهيدية على غرار وزير النهوض الإقتصادي السابق أرنو مونتبورغ، هو من وقّع سابقًا على مذكرة حجب الثقة عن الحكومة الإشتراكية في الجمعية الوطنية، وفشلت آنذاك لإفتقارها صوتين من النصاب المطلوب لطرحها.
 
هل هي دليلُ ضعف؟
 
 تعتبر الإنتخابات التمهيدية لليسار سابقة من نوعها في تاريخ الجمهورية الخامسة، حيث جرت العادة بأن يكون الرئيس الفرنسي عند انتهاء ولايته الأولى المرشح الوحيد عن حزبه لإنتزاع ولاية ثانية، وهي قطعت الطريق على من يُعرفون بـ "اليساريين الساخطين" المعارضين لسياسة الحكومة الإشتراكية في إمكانية الترشح للرئاسيات مستقلين، كأرنو مونتبورغ، دون تغييب وزير الإقتصاد الحالي أيمانويل ماكرون الذي يُمكن ان يخسر الكثير من رصيده السياسي إن غامر بخوض انتخابات اليسار التمهيدية ضد هولاند، فهو عضو في حكومة مانويل فالس الإشتراكية، ومؤسس حزب "سائرون"، وهي حركة سياسية ليست يمينية ولا يسارية.
 
ألان فراشون كاتب في صحيفة لو موند يجزم في حديثه لـ"إيلاف" بأن الإنتخابات التمهيدية هي مؤشر ضعف، لأنه لو كان هولاند واثقًا من نفسه في نهاية ولايته الأولى ومع شعبية ليست موضع جدل في صفوف اليسار لما كان أقدم على الموافقة على انتخابات تمهيدية، وهذه الإنتخابات ستساعد هولاند على استعادة شرعيته داخل حزبه الإشتراكي، وفي صفوف تكتل اليسار الذي لديه اليوم مرشح، وهو جان لوك ميلانشون زعيم جبهة اليسار الراديكالي، وبالتالي هذه الإنتخابات التمهيدية هي وسيلة لإعادة البريق للرئيس الفرنسي كمرشح لولاية ثانية.
 
وجرت العادة بأن تجري الإنتخابات التمهيدية لإختيار مرشح الحزب الأقوى الذي يمكن أن يفوز في السباق الرئاسي، ولم يسبق وأن كان بين المرشحين رئيسٌ حالي ما زال في ولايته الأولى، وتأتي اليوم في وقت يعاني فيه الحزب الإشتراكي من انقسامات عمودية، حيث أصبح اليسار يسارين، يسار موالٍ لهولاند ويسار معارض، وقد اتهم عدد من النواب اليساريين، بينهم اشتراكيون، حكومة مانويل فالس بالميل نحو سياسة يمينية، بدءًا بمشروع قانون العمل الجديد الذي يعطي صلاحيات اكثر لرؤساء الشركات وأصحاب الأموال على حساب العمال والموظفين، وهو ما واظب عليه اليمين في سنوات حكمه والسياسة الأمنية منها مشروع قانون سحب الجنسية من المتورطين في جرائم إرهابية، وأُجبر هولاند على التراجع عنه بعدما تأكد انه لن يحصل على موافقة المجلس بغرفتيه ودفع بوزيرة العدل آنذالك كريستيان طوبيرا للإستقالة.

فخ! 

وفراشون من داعمي نظرية أن هولاند سحب البساط من تحت أقدام اليسار المعارض، ويقول: "إن موافقة هولاند على خوض انتخابات تمهيدية ازعجت اليساريين عامة وخاصة الساخطين في الحزب الإشتراكي الذين رأوا أن المبادرة ليست إلا فخًا، في وقت بات فيه مؤكدًا أن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين يمكن أن تصل إلى الدورة الثانية في الإنتخابات الرئاسية، وبالتالي فإن خطة السكرتير الأول للحزب الإشتراكي جان كريستوف كامباديليس هي وضع كل قيادات اليسار أمام مسؤولياتهم، إما تدعمون هولاند أو تُعتبرون متواطئين مع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين. واليسار مقسوم وسيبقى مقسومًا حتى الإنتخابات الرئاسية القادمة وما بعدها، لأن هناك اختلافات جوهرية وعميقة بين قياداته الحزبية وعقائدية فهم ليسوا متفقين على الأساسيات".
 
ويراهن هولاند على الإنتخابات التمهيدية لإستعادة قسط من شعبيته المنهارة، التي ناهزت 13 بالمئة، في سابقة من نوعها في تاريخ الجمهورية الخامسة.
 
تحسن أداء الإقتصاد الفرنسي
 
وتعهد الرئيس الفرنسي سابقًا بعدم الترشح إن لم تتراجع نسبة البطالة في فرنسا، وهو ما بدأ يتحقق جزئيًا، بحسب آخر نتائج رسمية، حيث انخفضت إلى ما دون 10 بالمئة، وزاد النمو الإقتصادي ليصل إلى 0.6 بالمئة بعد ان كان 0.2 بالمئة، وهي نتائج يُمكن أن تصب إيجابًا في حصيلة هولاند الرئاسية الأولى.
 
يرى فراشون أن هولاند يلعب اللعبة السياسية كرئيس ليس مدعومًا بمجلس نواب، إذ فقد اليسار الغالبية فيه، وهو يأمل أن تتحسن الأوضاع وأن يزداد النمو العام، وأن تؤدي سياسته الإقتصادية إلى زيادة فرص العمل، وهو ما بدأنا نشهده اليوم ويعول على ذلك لإسكات معارضيه داخل الحزب الإشتراكي في  يناير القادم، وأن ينعكس ذلك إيجابًا على شعبيته.
 
تابع: "هولاند يسوق نفسه اليوم كالضامن الأساسي الوحيد المتبقي لإستمرارية الحزب الإشتراكي بحكم الأمر الواقع، فهو رئيس الجمهورية، وكما تعلمون في السياسة لا يجب قولُ "لا" أبدًا ولا التنبؤ بإنتهاء المسار السياسي لشخصية ما".

شعبية هولاند إلى تدهور جديد
 
وأظهر آخر استطلاع للرأي أجراه معهد أودوكسا في 21 من يونيو، تدهورًا جديدًا في شعبية الرئيس الفرنسي، حيث رأى 16 من الفرنسيين أن هولاند رئيسٌ جيد مقابل 84 بالمئة قالوا العكس، وهي نتائج مكملة لإستطلاعات أخرى أظهرت أن هولاند لن يتأهل للدورة الثانية في الإنتخابات الرئاسية القادمة.
 
ويقول فراشون: "إنه لمن الصعب جدًا التنبؤ بخيارات الناخبين الفرنسيين فهي قابلة للتغيير، خاصة وأننا ما زلنا على بعد عام من موعد إجراء الإنتخابات الرئاسية، ويظهر في استطلاعات الرأي التي أُجريت حتى الان إنه من الصعب بل بات مستحيلاً تأهل مرشح الحزب الإشتراكي إن كان هولاند أو أي مرشح يساري آخر إلى الدورة الثانية، إذ يغلب الظن أن الدورة الثانية ستكون يمينية صرفة ومحصورة بين زعيمة جبهة اليمين المتطرف مارين لوبين ومرشح اليمين الوسط إن كان نيكولا ساركوزي أو ألان جوبيه، ولكن أؤكد أن خيارات الناخبين قابلة للتبدل في أي لحظة، وإن الوقت في السياسة مطاط، خاصة اننا ما زلنا بعيدين عن موعد إجراء الإنتخابات الرئاسية في ربيع العام القادم، ويمكن للأمور أن تتغيّر وتتبدل".
 
ما هو عليه وضع حزب " الجمهوريين"، اليمين التقليدي المعارض؟
 
يبدو حزب اليمين التقليدي أفضل حالاً لخوض الإنتخابات الرئاسية اولاً، لأنه في المعارضة وليست لديه مسؤوليات حكومية، وأعطت جميع استطلاعات الرأي حتى الآن تقدم ألان جوبيه على جميع منافسيه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار