: آخر تحديث

زوجات الأسرى الفلسطينيين بين الأمل واليأس

6
6
6

عام كامل من الحصار والحروب، ولا تزال غزة تصارع من أجل البقاء، ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف إنسانية مزرية، يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والكهرباء، ويعانون سوء التغذية والأمراض. فقد دمرت الحرب البنية التحتية لوطنهم، وشردت الآلاف من أهاليهم، وأُسر الآخرون منهم في سجون الاحتلال وحرموا حق العيش بكرامة، ولم يتم حتى الآن التوصل إلى تسوية سياسية تضمد جراح الأهالي وتنقذهم من شبح المجاعة والتشريد والمعاناة المتزايدة في مخيمات الإيواء.

ومع تفاقم هذه المعاناة يومًا بعد يوم، تزداد التساؤلات حول إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية. فهل تقبل حركة حماس بالشروط الإسرائيلية، حتى لو تضمنت تنازلات قد تؤثر على مصالحها؟ وماذا لو أفرجت حماس عن الأسرى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في صفقة تبادل عادلة؟

هذه الصفقة هي حديث الساعة بل وكل ساعة منذ بداية الحرب، فما زالت تشغل عقول الأهالي، وخاصة زوجات الأسرى في الضفة الغربية اللواتي يملؤهن الأمل في أن تتخذ حماس وقياداتها خيارات حكيمة لتسهيل الإفراج السريع عن أحباء في السجون الإسرائيلية. إذ يعانين ويعيشن قصصًا مؤلمة بسبب اعتقال أزواجهن وصعوبة الحياة، في مشهد يعكس ألم الاحتلال وقوة الإرادة، وفي الوقت الذي يتجاهل فيه المجتمع الدولي هذه الجرائم ويستمر في الصمت إزاء معاناة الفلسطينيين.

وقد شهدت السجون الإسرائيلية تصعيدًا مأساويًا في الانتهاكات منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث شنت سلطات الاحتلال حملة قمع واسعة ضد الأسرى، أسفرت عن استشهاد 42 أسيراً، واعتقال أكثر من 5500 فلسطيني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. هذه الجرائم البشعة، التي خلفت جروحًا عميقة في نفوس الأسرى وعائلاتهم، تضاف إلى سجل إسرائيل الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان.

إقرأ أيضاً: العين على لبنان.. لكن لا تنسوا غزة!

وتتجاوز معاناة الأسرى الفلسطينيين مجرد الحرمان من الحرية، فهم يتعرضون لانتهاكات جسيمة، تشمل التعذيب النفسي والجسدي، حيث يتعرضون للضرب المبرح، والحرمان من النوم، والعزل الانفرادي لفترات طويلة. كما يواجهون ظروفًا معيشية صعبة للغاية، تتمثل في نقص التغذية، والحرمان من الرعاية الطبية اللازمة، والتعذيب وممارسة أساليب قمعية لا إنسانية، كالتعرض للضرب والصعق الكهربائي وصب الماء الساخن على الرؤوس والتهديد بالقتل. ويضاف إلى ذلك، سياسة الاعتقال الإداري التي تمارسها سلطات الاحتلال، والتي تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، حيث يتم اعتقال الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة، وتجديد فترات اعتقالهم بشكل تعسفي.

أما عن قصص زوجات الأسرى وتضحياتهم، فحدث ولا حرج. الكفاح مستمر ليعكس صمود نساء فلسطين ضد الاحتلال، فكثيرات لا يعرفن أين أزواجهن أو مصيرهم. كما يفقدون كل وسائل التواصل معهم، وكأنهم تبخروا في سجون إسرائيل.

ومن بين القصص المؤلمة التي لا تُنسى، قصة زوجة أسير في سجن جلبوع، حرمت من رؤية زوجها لسنوات طويلة، وحين سمحت لها الزيارة كانت عبر زجاج سميك يفصل بينهما، وكأنها تزور روحًا حبيسة.

إقرأ أيضاً: عشاء القيادات الفاخر على حساب الشعب المسكين

إنَّ عودة التفكير في صفقة تبادل أسرى سواء من جانب إسرائيل أو حماس، مهم وضروري في هذا التوقيت، وقد يغلق صفحة الحرب ويطويها إلى صفحة جديدة مفعمة بالتهدئة والتسوية السياسية، كما أنها تحرر أسرى الطرفين وتضمد الجراح، وبالتالي يمكن تحقيق أي تسوية سياسية ممكنة.

فالآن نجد أنه من الواجب على قيادات حماس أن تعيد التودد للوسطاء، وأن ترتضي بالحلول الواقعية حتى تصل لاتفاق، وتنجح في تحرير الأسرى الفلسطينيين وتنهي مأساة ذويهم وأبنائهم، خاصة بعدما أعلنت إسرائيل مؤخرًا أن هناك أسرى قد قتلوا، وهناك أسرى أحياء نقلوا من مكان إلى آخر وفق تقديرات ميدانية، وفي ظروف معقدة للغاية، ومن يأسرونهم قطعوا الاتصال بأي جهة حتى لا يتم تتبعهم من خلال الاتصالات.

إقرأ أيضاً: صيدنايا وسجون غزة.. وجهان لعملة واحدة

وختامًا، فإنَّ قضية الأسرى الفلسطينيين هي قضية إنسانية، تتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد حل عادل ودائم. وعلى المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل للإفراج عنهم في أسرع وقت، وعلى حركة حماس أن تبذل قصارى جهدها لإبرام الصفقة لضمان عودة الأسرى في سلام، وأن تضع مصلحتهم فوق كل اعتبار. فبكل تأكيد تحرير الأسرى هو انتصار للإنسانية، وخطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. فهل ستنجح المفاوضات في كسر قيود الأسر، أم ستبقى زوجات الأسرى يائسات من تحقيق العدالة؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف