هذا الأسبوع، تُقفل عملية "طوفان الأقصى" وارتداداتها الكارثية عامها الأول. غزة، المدينة الحالمة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، خلفت 150 ألفاً بين قتيل وجريح، وأكواماً من الدمار، وبقايا شعب يعتاش على عربات المساعدات.
ترى، هل يلتقط يحيى السنوار، وهو يجول في أقبية تحت الأرض، ما يجول في خاطر الفلسطينيين واللبنانيين والعالم: ماذا فعلت بنا يا سنوار؟
وإذا كانت خطة "اليوم التالي" لما بعد دمار غزة ترتسم ملامحها بعدما استقر غبار الدمار فوق المقابر الجماعية، فإن هذا "اليوم التالي" بالنسبة للبنان ليس مجهولاً. فقد قررت إسرائيل إعادة عقارب الاجتياحات الثلاثة السابقة وتغيير، بل نسف، قواعد المواجهة والاشتباك المستمرة منذ نحو عشرين عاماً.
في المعلومات، أن إسرائيل، مدعومة بموقف أميركي أوروبي صلب، قررت تغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط. فكان القرار القضاء على قيادات حزب الله، وملاحقة أي خطوط إمداد لاستمرار صموده. وبالتالي، فإن المعلومات تتحدث عن توسع التوغل العسكري الإسرائيلي ليشمل شرق لبنان بهدف ملاحقة قيادات حزب الله وعناصره داخل لبنان وسوريا أيضاً. فالعملية العسكرية الإسرائيلية، وفقاً للمعلومات، تحددها النتائج على الأرض!
في المقابل، تبرز مواقف سياسية تصب في خانة الإسراع بانتخاب رئيس. ولم يكن مفاجئاً اللقاء الثلاثي الذي جمع رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ووليد جنبلاط في محاولة لترميم دولة المؤسسات. لكن أوساطاً مطلعة على دقائق الأمور لا ترى حلولاً في الأفق القريب، إذ إن اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله نسف خريطة التحالفات والولاءات من مختلف الطوائف، وبالتالي فإن "حسبة" التصويت في معركة الرئاسة داخل البرلمان تبعثرت ولم تعد واضحة المعالم!
وبالتبعية، تتساءل الأوساط: هل ستبقى المكتسبات السياسية لقوى معينة، وتوزيعات المناصب الوزارية والعسكرية على حالها؟
هذه الأسئلة تخفي في طياتها تداعيات منطق "الربح والخسارة" على الأمن الاجتماعي، وهو الأمر الذي يلقي عبئاً إضافياً على مؤسسة الجيش المترقبة للقيام بدور محوري في تطبيق القرار 1701 بعد تعزيز عديدها وعتادها.
ما تفرزه وسائل التواصل الاجتماعي من تخندق هنا وتمترس هناك خلف غايات طائفية مناطقية وعنصرية لا يُطمئن، ويقترب من إعلان الحرب الأهلية عبر الأثير.
إنَّ الخطر الذي يحدق بالوحدة الوطنية في لبنان لا يقل خطورة عن التوغل الإسرائيلي، وفي مكان ما ثمة من يرى رابطاً بين خطر التوغل وخطر ضرب الوحدة.
من هذا المنطلق، أدركت الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها، خطر تفكك لبنان على الإقليم. فكان الموقف الخليجي الداعي إلى الحفاظ على وحدة لبنان وسيادته ودعم الجيش في تطبيق القرارات الدولية.
ولم تُخفِ الأوساط أن المواقف الخليجية الداعمة للبنان وإحياء جسور المساعدات يعني أن الفراغ الذي نشأ في السابق وملأته إيران بشكل أو بآخر لن يسمح بتكراره. فدول الخليج والعرب ستكون حاضرة في الحقبة الجديدة التي تنتظر اللبنانيين.