كثيراً ما دفعت "داعش" المرأة في الرّقة، عاصمة الدولة الإسلامية في حينها عندما احتلتها، إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء بحقها، ومعاملتها المعاملة السيئة التي لا ترقى إلى كونها، قبل هذا وذاك، على أنها أنثى من لحم ودم، ومن حقها العيش في الحياة مثل غيرها من المخلوقات.
في أثناء حكم "داعش" لمدينة الرّقة وقعت العديد من المفارقات التي أكثر ما كانت تثير الضحك ويشيب لها الولدان، وتحملتها المرأة على مضض، وصبرت كثيراً وتجاوزتها، بالرغم من أنها حالات فيها كثير من الظلم والتعدي على حريتها الشخصية، والهدف هو إذلالها، والإيقاع بها لمجرد أنها امرأة.
ومن أهمها ما نقله لي بعض الأصدقاء الذي سبق أن عاش الفترة التي حكمت بها "داعش" في الرّقة، وما زالت تؤثر فيه، بالرغم من أنه مضى عليها سنوات.
أول هذه الحادثة المضحكة هو ما جرى مع إحدى النساء اللاتي كانت تحاول السفر من مدينة الرّقة، شرقي حلب بنحو 185 كم، إلى مدينة اللاذقية التي كانت تعرف بالنسبة إلى "داعش" ببلاد الكفر، وكانت المرأة سبق لها أن دفعت بأمتعتها إلى داخل حافلة البولمان المتجه إلى مدينة اللاذقية بهدف اللحاق بزوجها وأسرتها التي تعيش هناك، وبعد إيداع أمتعتها ومحاولتها ركوب البولمان صرخ بها أحد جنود "داعش" بالتوقف والنزول من البولمان.
تراجعت المرأة خائفة، واستغربت على إثر ذلك تصرفه الغريب، وهي المرأة المحتشمة، والتي تتستر تماماً بحسب تعليماتهم. استغربت مستفسرة عن الخطأ الذي ارتكبته، وحسب ما فهمت منه أنها كانت قد أمسكت بطرف ثوبها وهي تصعد إلى داخل البولمان، وهذا بعرفهم ـ وحسب تعليماتهم ـ فيه مخالفة، ما استدعى منه منعها من السفر!
إقرأ أيضاً: عشق صحافي خالص
صدمت المرأة المسكينة من رد ذلك الداعشي، فاضطرت مكرهة إلى الامتثال إلى كلامه، وما كان منها إلا الاتصال بزوجها، وأعلمته ما حدث معها، وأكدت عليه ضرورة استلام الأمتعة التي سبق لها أن أرسلتها إلى حيث يقيم زوجها وأولادها.
الصورة الأخرى التي تشابه إلى حد بعيد ما قام به داعش في تلك الفترة من حكم الدولة الإسلامية التي لا تمت للإسلام بصلة، بقيام أحد دعاتها بملاحقة طالبتين في الصف الأول الثانوي بالتعدي عليهن وضربهن، بالرغم من أنهما ترتديان اللباس الشرعي المقرر في تلك الفترة من حكم الرقة، والسبب هو أن الطالبتين كانتا تمسكان بطرف عباءتهما لعدم التعثر بها في الطريق، فضلاً عن أن جزءاً من البنطال الذي كانتا ترتديانه تحت العباءة بان للعلن، وهذا ما يعني خلافاً لتعليماتهم ما يعرض الطالبتين للضرب.. فما كان منهما إلا الإسراع في الجري والهرب من وجه ذاك الداعشي الذي يحاول الامساك بهما والاقتصاص منهما.
إقرأ أيضاً: إلى صديقي الغائب
هذان انموذجان سقناهما للقارئ؛ مما كان تتعرض له المرأة في الرّقة في ظل حكم "داعش" الشيطاني. فكيف لو حكم "داعش" البلاد الأوروبية، ماذا كان بوسعه أن يفعل؟
إنَّها مجرد "خزعبلات" أراد من خلالها داعش الضغط على المرأة دون مبرر بهدف الاقتصاص منها والإساءة إليها. المرأة التي يقوم على كاهلها بنيان كبير، ودورها أكبر في حياة الأسرة والمجتمع.
فأيّ عدالة، وأيّ أحكام شرعية ظالمة تلك التي كان يعمل على تطبيقها عناصر "داعش" المغرّر بهم، وكل هدفه انتهاك حقوق امرأة والعمل جاهداً على إهانتها وإذلالها، وزجها في المعتقلات، على الرغم من أن الحياة لا يمكن بحال أن تستمر بدونها!