عندما اندلعت المظاهرات في شوارع الغرب تضامناً مع أهلنا في غزة، استبشر المتفاؤلون من العرب خيراً ظناً منهم أن الغرب يجسد احترامه لحقوق الانسان ويعبر عن رأيه بصراحة، ومع استمرار تدمير غزة وتهجير أهلها اقتنع العقلاء منهم أن السياسات الغربية لا تعطي للرأي العام أي ثقل في معادلاتها السياسية، وإنما كل المظاهرات هي في الشارع وستبقى هناك، ولايدخل رأيها وصوتها الى بهو الحكومات الغربية.
تلك المظاهرات ظاهرة صوتية لاتقدم ولاتؤخر وتخضع لارادة من يمولها ويحركها ويحدد نقطة انطلاقها. تلك المظاهرات لم توقف الحرب على غزة، ولن توقف اسرائيل عن ضرب لبنان. وان استمرت لاتعدو كونها شكلاً من اشكال الحراك السياسي فقط.
الدعم الغربي لحكومة اسرائيل وجيشها مستمر. واسرائيل رغم كل ماقيل حولها لن تخرج عن كونها مشروع غربي استعماري ألبسوه عباءة اليهودية لربط المشروع بفلسطين، وليعطوه المد التاريخي المطلوب. يجب أن تعي الشعوب أن زوال اسرائيل مرتبط بتبدل العقلية الاستعمارية والمشروع الغربي. وردود الفعل الغربية تكشف حقيقة هذه العقيدة الغربية.
جاء السؤال بعد أن قرأت مقالا لاحد جهابذة الاعلام خاض وفاض في فهم السياسة، ومع الاحترام لرأيه ولكن الحقيقة تقول: من خاض في غير فنّه أتى بالعجائب.
فهم الاعلام لا يعني فهم السياسة. وتحليل الشارع الغربي واتجاهاته لا تحتاج الى اعلامي ضليع بل الى محلل متخصص يعلم كيف تصاغ السياسات وكيف ترسم الدول اتجاهاتها. والشارع الغربي يهتم لمصالحه نعم ولايهمه العالم، فالذي يدير السياسة ويرسمها ليس الشارع ولاحتى ظاهر المصالح، بل القوى العميقة المحركة للسياسيات البعيدة والراسمة لمستقبل الدول. فالشارع الغربي مع أي قضية او ضدها لا يغير شيىا في المعادلة. فلا يجب أن نشغل القارئ بنفي أو تأكيد تأثير المظاهرات على الناخب، لأن هذه ادوات للاستهلاك الاعلامي فقط، ولاتغير شيئا لو ارادت القوى الغربية العميقة ان تتجه في منحى اخر. وكما يعلم القارئ أن السياسة هي من يقود الإعلام وهي من تعيد توجيه الرأي العام، وهي من ترسم المصالح وتدير الدول.
كم تمنيت لو ينشغل كل متميز في فنه. يفيد المجتمع من حوله بما ينفع الناس افضل من ان يركب جوادا ليس بجواده. وسيبقى السؤال المطروح ليس لأنه يبحث عن جواب، ولكن لأنه يبحث عن متأمل للأحداث، وليس قارئ لها.
هل ضرب لبنان بات وشيكاً؟
مواضيع ذات صلة