: آخر تحديث
مرتبطة بالاقتصاد الدائري إلى جانب كونها "مسألة موضة"

الملابس المستعملة تفتح أفقاً تجارياً جديداً في اليابان

14
15
17

طوكيو: كان خبر وجود متجر ملابس مستعملة في قلب طوكيو ليمر مرور الكرام لو لم يكن ثمرة أول تجربة عالمية في هذا المجال لشركة "فاست ريتيلينغ" ("يونيكلو") اليابانية العملاقة للملابس الجاهزة.

وتباع منتجات "يونيكلو" بثلث أسعارها الأصلية ويعاد صبغها أحياناً لإعادة طابعها "القديم"، في هذا المتجر الموقت الذي أقيم لمدة عشرة أيام في تشرين الأول/أكتوبر قرب أحد الفروع الرئيسية للمجموعة في حي هاراجوكو العصري.

وتقول آية هنادا، المديرة العالمية لشركة "ري.يونيكلو" RE.Uniqlo المشرفة على المشاريع المختلفة للعلامة التجارية حول الملابس المستعملة، لوكالة فرانس برس إن هذه المبادرة متواضعة، لكنها "خطوة مهمة" في تحديد الاستراتيجية المستقبلية للعلامة التجارية في قطاع يشهد ازدهاراً متزايداً.

وتضيف المرأة البالغة 45 عاماً "أعتقد أن شعور المقاومة تجاه الملابس المستعملة قد اختفى في اليابان، خصوصاً لدى جيل الشباب"، لأن الوصول إلى هذا النوع من المنتجات "أصبح أسهل"، ولا سيما بفضل التجارة عبر الإنترنت.

ويشير مايكل كاوستون، المؤسس المشارك لشركة الأبحاث "جابان كونسيومينغ" JapanConsuming، أن ظهور يونيكلو "يُعدّ علامة على أن إعادة استخدام الملابس أصبحت اتجاها سائداً تماماً" في اليابان.

وتقدّر شركته حصة الملابس المستعملة بأقل من 6% من إجمالي قيمة سوق الألبسة في البلاد البالغة 75 مليار دولار.

ولا تزال حصة السوق هذه منخفضة نسبياً، لكنها حققت نمواً "يقرب من 40% في عشر سنوات"، مع تسارع قوي خلال السنوات الخمس الماضية، وفق ما يشير كاوستون في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

يشكل قطاع النسيج أحد أكثر القطاعات تلويثاً في العالم، إذ يعاد تدوير 13% فقط من مواده بطريقة أو بأخرى، وفق تقرير نشرته مؤسسة إلين ماك آرثر عام 2017 ولا يزال مرجعياً في هذا المجال.

اقتصاد دائري
في اليابان، يعاد تدوير أو إعادة استخدام 34% من الملابس المهملة، بحسب وزارة البيئة اليابانية. ولكن هذا يشمل الصادرات إلى البلدان النامية، حيث تنتهي هذه المخلفات في كثير من الأحيان في مطامر للنفايات أو يتم حرقها.

ويلفت باحثون إلى أن شراء الملابس المستعملة يمكن أن يساعد في تقليل هذا الأثر البيئي، بشرط تجنب الاستهلاك المفرط.

وتلقى الملابس المستعملة رواجاً في اليابان منذ أكثر من عقدين، لكنّ هذا الاتجاه ظل لفترة طويلة مقتصراً على فئة محددة من محبي الثقافات البديلة في البلاد.

ويشير كاوستون إلى أن الأمر "في اليابان كان مسألة موضة" قبل أن يصبح أيضا مرتبطاً بالاقتصاد الدائري، "على عكس بلدان أخرى مثل فرنسا أو المملكة المتحدة".

وتقول ياماتو أوغاوا (28 عاما) التي التقتها وكالة فرانس برس في متجر يونيكلو الموقت "أنا على دراية بالجانب المستدام (في الملابس المستعملة)، لكنني غالبا ما أشتريها لمجرد أنها أنيقة".

وقد دخلت بالفعل علامات تجارية يابانية أخرى هذه السوق. وشهدت سلسلة "سيكند ستريت" 2nd Street، المتخصصة في هذا المجال، تطوراً سريعاً في الأرخبيل في السنوات الأخيرة.

وكان المحفز الآخر هو الازدياد الكبير في المبيعات عبر الإنترنت بين الأفراد، مدفوعاً بشكل رئيسي بالمنصة اليابانية ميركاري التي تشهد ما يقرب من ثلث المعاملات (من حيث القيمة) على صعيد منتجات الموضة.

تُعتبر النظافة "مصدر قلق ثقافي كبير" في اليابان، وكانت "حاجزاً حقيقياً" يحول دون شراء المستهلكين العاديين للملابس المستعملة، وفق كاوستون الذي يوضح أن "الأمر تغير مع شركة ميركاري"، التي جعلت البيع بين الأفراد "جديرا بالثقة، لأن الدفع لا يتم إلا بعد استلام المنتج".

ومن شأن التضخم، الذي يؤثر على القوة الشرائية لليابانيين منذ عام 2022، أن يشجعهم أيضاً على التحول إلى الملابس المستعملة.

ويوضح ناطق باسم منصة "ميركاري" لوكالة فرانس برس "في استطلاع أجريناه العام الماضي، احتلت الملابس المرتبة الأولى في المشتريات" على الموقع "كإجراء مضاد لارتفاع الأسعار".

شعبية كبيرة
وتحظى الملابس المستعملة في اليابان بشعبية كبيرة في الخارج أيضاً، "لأن الناس يعرفون أن اليابانيين يعتنون بأشيائهم"، وفق كاوستون.

وتقول شارلوت شو، وهي سائحة أسترالية تبلغ 18 عاماً، أثناء تجولها في متجر للمواد المستعملة في هاراجوكو، "لدي انطباع بأن الملابس المستعملة في اليابان ذات نوعية جيدة (...) وإذا كان هناك عيب يتم الإشارة إليه بوضوح".

وتضيف "في بلدي، تكون (الملابس المستعملة) مكدسة بعضها فوق بعض، ويجب أن نبحث فيها بأنفسنا. أما هنا فكل شيء جميل وأنيق، ويمكنك العثور على ما تريد".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد