: آخر تحديث
الديون عائق كبير أمام النمو العالمي

خبراء: هكذا سيؤثر المتحور "دلتا" على الأسواق الناشئة

95
83
56

إيلاف من بيروت: تساؤل يثير العديد من المخاوف بشأن أداء هذه الأسواق، وتأثيره على النمو العالمي مع بطء وتيرة برامج التطعيم فيها ضد فيروس كورونا، وسط مستويات مرتفعة من الإصابات بالموجة الخامسة من الجائحة في هذه البلدان.

مؤخّرًا أفصح مستثمرو الأسواق الناشئة عن قلقهم المتزايد بشأن توقّعات النمو في الدول النامية، مع تأكيدهم على عدم وجود خطط لديهم لضخّ استثمارات خلال الربع الأخير من العام، بحسب استطلاع أجراه "إتش إس بي سي".

كما أنّ صندوق النقد خفض توقّعاته لنمو تلك الأسواق بواقع 0.4 نقطة مئوية إلى 6.3 بالمئة، وأرجع ذلك إلى بطء وتيرة برامج التطعيم.

ويخالف ذلك توقّعات سابقة لبنك "جي بي مورغان" الإستثماري، الذي توقّع في وقت سابق أن تُظهر أسواق الأسهم في الإقتصادات الناشئة أداء أفضل في النصف الثاني من العام الجاري، مع إنحسار المخاطر التي تحيط بتأخّر حملات التطعيم والقلق إزاء التباطؤ الإقتصادي في الصين، وأيضًا قوّة الدولار الأميركي.

 


مشهد لشارع تجاري مقفل بسبب إجراءات الوقاية من المتحورة دلتا

تحوّل توقعات المستثمرين

بحسب رئيس قسم الإقتصاد بأكاديميّة السادات إيهاب الدسوقي، فإنّ تطورات المتحور دلتا التي بدأت تظهر في بعض تلك الأسواق تعتبر من أهم العناصر الحاكمة على أيّ توقّعات بشأن النمو الإقتصادي، سواء في الأسواق الناشئة أو المتقدّمة، لافتًا إلى أنّه "في ظلّ الجائحة شهدت تلك الأسواق إنخفاضًا في الإستثمار المباشر وغير المباشر (الأسهم)".

وأوضح الدسوقي أنّه "إذا سارت وتيرة التطعيم بالشكل المطلوب وانخفض معدّل الإصابات بالفيروس خلال الربع الرابع من العام 2021، فإنّه يمكن أن نتوقّع إنتعاشة في الأسواق الناشئة، خاصة مع تحرّك رؤوس الأموال التي توقّفت لفترة طويلة وتحتاج إلى إعادة نشاطها الإستثماري لتحقيق مكاسب"، مضيفًا أنّ "العكس أيضًا يمكن أن نتوقّعه إذا لم تسر منظومة التطعيم وحجم الإصابات بالشكل الإيجابي، الذي نتوقعه مع انتشار التطعيمات بتلك الأسواق".

وتابع المصدر أنّ "ما تشهده الأسواق من ركود تضخّمي هو ظاهرة إقتصاديّة طبيعيّة، خاصة مع عودة إجراءات الإغلاق في بعض الدول وتوقّف بعض الأنشطة الإقتصادية، وهو ما يسبب هذا النوع من التضخّم خاصة في الإقتصادات التي تستوعب صدمة هذه الإجراءات".

وتخوّف الدسوقي من عدم مواكبة إجراءات مواجهة الجائحة والتطعيمات في الأسواق الناشئة للموجة الجديدة من الفيروس، لكنّه يرى أنّ تأثير هذه الموجة سيكون محدودًا على النمو والنشاط الإقتصادي في بلد مثل مصر، وهي من الإقتصادات الناشئة، رغم أنّ معدّلات التطعيم أقل من الدول المتقدّمة، لأن مستويات الإصابة بها منخفضة.

 


 (مسافر يسجل إجراءات الوصول عند مكتب KLM في مطار شيفول بأمستردام)

سيناريو متحفظ

أما أستاذ الإقتصاد الدولي بكلية الإقتصاد والعلوم السياسيّة في جامعة القاهرة أمنية حلمي، فأكّدت أنّها تميل لعدم تحقيق الأسواق الناشئة لمستويات نمو ملموسة خلال ما تبقى من العام الجاري، لافتة إلى أنّ "ما يشهده الفيروس من تحوّرات سريعة ومخاوف من عودة الإغلاقات يهدّد أي نمو ملموس خلال الربع الأخير من 2021".

وأوضحت حلمي أنّ "خطرين بارزين" ينتقلان إلى الربع الرابع من 2021، أولًا من الممكن حدوث عمليات إغلاق إقتصادي أو اضطرابات مرتبطة بظهور الفيروس، خاصة مع ارتفاع الحالات مؤخّرًا في البرازيل وإندونيسيا وروسيا وجنوب أفريقيا وتايلاند".

وتابعت: "الخطر الثاني هو التغيير المفاجئ في ظروف التمويل الخارجي، وهو أمر لا نتوقّعه لكن لا يمكننا استبعاده".

وقالت الأكاديميّة أنّ "مستويات التطعيم ليست العامل الوحيد الذي يؤثّر على الأسواق الناشئة. الأداء الإقتصادي العالمي وما تشهده أفغانستان والدور الأميركي في هذه الأزمة يؤثّر بشكل أو بآخر على أداء الإقتصادات الناشئة خلال الفترة المقبلة"، لافتة إلى أنّ عدم استفادة هذه الأسواق أيضًا من الإتفاقات التجارية مع التجمّعات الدولية يؤثّر على أدائها خلال فترة الجائحة وما بعدها، وهو ما يؤثّر على سياسة سعر الصرف وبالتالي حركة الإستثمارات من وإلى تلك الأسواق.
 


(أشخاص يقفون في طابور خارج مركز التحصين والاختبار المؤقت لفيروس كورونا COVID-19 الذي أقيم في ساحة الشهداء في طرابلس/ ليبيا. 24 تموز/ يوليو 2021)

مسار الإقتصاد العربي

وبحسب تقرير معهد التمويل الدولي العالمي لمراقبة الديون في حزيران/ يونيو الماضي، فقد بلغ إجمالي ديون الأسواق الناشئة اعتبارًا من الربع الأول من العام الجاري 11 تريليون دولار، وهو أعلى ممّا كان عليه في نهاية عام 2019، أو 246 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي.

وأشار التقرير إلى أنّه "مع ارتفاع مستويات الدين الحكومي في الأسواق الناشئة بنسبة 15 بالمئة منذ نهاية عام 2019، إلى جانب تضرّر الإيرادات الناجمة عن الوباء، فإنّ خدمة الديون تمثّل تحديًا للكثيرين من تلك الأسواق"، وبالإضافة إلى ذلك "يمكن أن يؤدّي تركيز المستثمرين المتزايد على مقاومة المناخ إلى زيادة الضغط على تكاليف الإقتراض للأسواق الناشئة الضعيفة".

ورغم ذلك، ترى حلمي أنّه "لا تزال الأسواق الناشئة محرّك النمو، ونموذج نموّها يعتمد بشكل أساسي على الديون"، قائلة أنّ "أي تباطؤ في نمو الأسواق الناشئة التي تشكّل 55 بالمئة من الإقتصاد العالمي، وسط ضغوط محتملة على ديون الأسواق الناشئة، سيكون بمثابة عائق كبير أمام النمو العالمي".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد