بعد إصدار بيان السلام التاريخي في شرم الشيخ، والذي جاء بمبادرة من الرئيس الأميركي وبحضور قادة دول المنطقة وبعض الدول الإسلامية، وطالب بإنهاء الحروب والتطرف واحترام الكرامة الإنسانية، كان رد فعل النظام الإيراني على هذا المؤتمر، الذي قوبل بترحيب عالمي، مروعاً ومفزعاً للغاية: تصعيد غير مسبوق في الإعدامات داخلياً وتصعيد للتوتر في المنطقة.
بينما رحّب العالم بافتتاح فصل جديد للسلام والأمن، وجد نظام خامنئي نفسه في زاوية من العزلة، لأن البيان أشار مباشرة إلى أن التطرف الديني والإرهاب الدولي هما السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة؛ وهو وصف ينطبق بدقة على نظام ولاية الفقيه.
تصاعد الإعدامات المفزع
وفقاً لتقرير قناة فوكس نيوز بتاريخ 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2025، أعدم النظام الإيراني هذا العام أكثر من 100 شخص، أي بمعدل 9 أشخاص يومياً. وفي أحدث تقرير صادر عن أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، يتم إعدام سجين واحد في إيران كل ثلاث ساعات. ووصفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة هذه الموجة بأنها "غير مسبوقة ومتفلتة".
وفي الوقت الراهن، يخوض 1500 سجين محكوم عليهم بالإعدام إضراباً عن الطعام في سجن قزل حصار منذ 13 تشرين الأول (أكتوبر) لإيصال صوتهم إلى العالم. من بين المحكوم عليهم بالإعدام، هناك 17 شخصاً من مؤيدي أو أعضاء منظمة مجاهدي خلق، وهم على وشك الإعدام لمجرد معتقداتهم وأنشطتهم السياسية.
وطالب السجناء المضربون في سجن قزل حصار، في بيان لهم بتاريخ 15 تشرين الأول (أكتوبر)، بالدعم لإضرابهم. جاء في جزء من بيانهم: "يجب إزالة بساط الإعدامات وأعواد المشانق من إيران. ارفعوا أصواتكم وتجمّعوا أمام السجون. نطلب من جميع الناس وكل من يسمع صوتنا أن يدعمنا، نحن السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، بكل الوسائل الممكنة. أنتم أيها الناس الأعزاء ملاذنا نحن السجناء".
كما صرّحت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في بيان صدر عن أمانة المجلس الوطني للمقاومة بتاريخ 15 تشرين الأول (أكتوبر): "نطالب باتخاذ إجراء فوري من قِبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي لوقف هذه المجزرة. يجب وقف الإعدامات فوراً".
رد خامنئي على السلام: الإعدام
يقول المراقبون إن موجة الإعدامات هذه، بالتزامن مع بيان شرم الشيخ، تمثل رداً سياسياً من خامنئي على المجتمع الدولي؛ هي محاولة لاستعراض القوة بينما تتهاوى أركان نظامه.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه قادة العالم عن السلام والعدالة، يردّ خامنئي بحبل المشنقة.
وقالت السيدة دولت نوروزي، ممثلة المجلس الوطني للمقاومة في بريطانيا، في المؤتمر الدولي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في لندن: "النظام يدرك أن عهده قد انتهى، ولذلك يسعى إلى إخافة الناس بالإعدامات الجماعية والتعذيب. هذه الأحكام ليست قضائية، بل هي سياسية؛ ويتم تنفيذها بأمر من خامنئي لنشر الرعب في المجتمع ومنع انتفاضة الشعب".
المنفّذ لأوامر خامنئي هو غلام حسين إجئي، رئيس السلطة القضائية المعيّن من قِبل خامنئي. هذا الشخص لديه عداء جنوني لمؤيدي وأعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. إن السلطة القضائية ليست إحدى السلطات الثلاث الموجودة في جميع البلدان، بل هي ذراع تحت تصرف الولي الفقيه لتثبيت أركان الاستبداد.
خامنئي في مأزق داخلي وعزلة دولية
وصل نظام خامنئي إلى طريق مسدود في جبهات متعددة:
داخلياً يواجه موجة من الاستياء والفقر والبطالة.
دولياً يخضع لضغوط سياسية واقتصادية وحقوقية.
إقليمياً فقد هيمنته وأصبح ضعيفاً للغاية في المنطقة التي كان يصول فيها عبر وكلائه في لبنان وسوريا واليمن والعراق.
وفي هذه الأيام، كان مؤتمر لندن الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام هو صوت حليف العدالة في مواجهة شرم الشيخ. حدثان في دولتين، ولكن يحملان رسالة واحدة: السلام لا يمكن أن يتحقق دون عدالة، والعدالة لا تتحقق دون إنهاء الإعدامات في إيران.
كلمة أخيرة
أي مبادرة للسلام في الشرق الأوسط تنكسر أمام جدار طهران. فنظام ولاية الفقيه ليس عدواً للشعب الإيراني فحسب، بل هو العقبة الرئيسية أمام السلام والأمن العالميين.
السلام الذي تحدث عنه العالم في شرم الشيخ لن يصبح حقيقة إلا عندما يُحاسب خامنئي وجلادوه على جرائمهم، ويعترف العالم بحق المقاومة للشعب الإيراني من أجل الحرية.
وكما قالت السيدة مريم رجوي: "السلام لا يمكن أن يتحقق في ظل حبل المشنقة؛ السلام الحقيقي يبدأ من إيران حرة وخالية من ولاية الفقيه".