: آخر تحديث

إيفا اللوز: الشعبوية تقود إلى الفاشية

49
47
35

في كتابها الجديد تقدّم عالمة الاجتماع الفرنسية-الإسرائيلية ايفا اللوز( Eva Illouz)، قراءة عميقة ومثيرة للجدل حول الشعبوية التي أصبحت ظاهرة تهيمن على الحياة السياسية في جل بلدان العالم الفقيرة منها والغنية. 

وفي كتابها الذي حمل عنوان: "مشاعر وأحاسيس ضد الديمقراطية"، هي تسعى للعثور على جواب واضح ومقنع عن السؤال المُحيّر التالي: كيف يمكن لحكومات لا تتردد في تعميق الفروقات الاجتماعية أن تحظى بتأييد من أولئك الذين سيكونون من أكبر الخاسرين؟ 

ومتطرقة للأزمة الحادة التي تعيشها إسرائيل راهنا بسبب مشروع الإصلاح القضائي، قالت ايفا اللوز: "لنوضّح أولا أن الأمر لا يتعلق بإصلاح، وإنما بتغيير للنظام. وما تتمناه حكومة نتنياهو هو أن تكون الكلمة الأخيرة للبرلمان أمام المحكمة العليا. ويكون الجهاز التنفيذي مسيطرًا على كل السلطات. 

ضد هذا المشروع، نزلت الطبقات المتوسطة والغنية إلى الشارع للدفاع عن الديمقراطية لأن لها فهم عميق وصحيح للأمر التالي: وهو أن بقاء إسرائيل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بشرعية نظامها السياسي". 
وهي تشعر بالإعجاب بهذا الاحتجاج الجماهيري. لكنها في نفس الوقت، متخوفة من عدم قدرة المعارضة على اسقاط مشروع حكومة نتنياهو التي تواصل إقامة المزيد من المستوطنات، موفرة ميزانية ضخمة لليمين المتطرف لإنجاز هذه المهمة(...) والقرى العربية التي أحرقها المستوطنون مؤخرا دليل واضح على أن الأوضاع سوف تزداد تعفنا واحتقانا. 

وتعتقد ايفا اللوز أن الشعبوية تحولت إلى ظاهرة عالمية مع ترامب في الولايات المتحدة الأميركية، وفيكتور أوربان في المجر، ونتنياهو في إسرائيل، ومودي في الهند، وميلوني في إيطاليا. وقد قادتها هذه الظاهرة إلى الفكرة الماركسية القائمة على نقد الأيديولوجيا والتي تقول إن أصحاب السلطة لهم القدرة على فرض نوعية الأفكار التي يتوجب على المحكومين الاقتداء بها. 

وفي محاضرة بعنوان: "التطرف اليميني الجديد"، ألقاها سنة 1967، أشار أدورنو إلى أن الفاشية تجد جذورها في عدم القدرة على الإمساك بسلسلة الأسباب المحددة للوضع الاجتماعي. انطلاقا من هذه الفكرة، حاولت أن تفهم الدوافع التي قادت بعض المجموعات إلى التخلي عن اليسار مختارة نظامًا تسلطيًا معاديًا لمصالحها.

وترى ايفا اللوز أن الشعبوية تنتعش حين تطرح قضايا تتعلق بالهوية التي تختزن مشاعر لها تأثير كبير على الجماهير. وفي وضع كهذا، تنسى هذه الجماهير مصالحها الحقيقية لتركز كل اهتماماتها على مسائل تتعارض وتتناقض مع هذه المصالح مثل الهوية والقومية الشوفينية التي تتغذى من المشاعر الدينية بالخصوص. 

ورغم أن هناك نقاطًا تجمع بين الشعبوية والفاشية إلاّ ان الشعبويين يعلمون جيدا أنه يتوجب عليهم الانخراط في اللعبة الديمقراطية للوصول إلى السلطة.
والحقيقة أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية في مفهومها الصحيح، بل هم يستغلون ضعفها، والفساد المتفشي في مؤسساتها لضربها من الداخل، وإفراغها من مبادئها وقيمها لتكون في النهاية مجرد سيرك بلا مدلول ولا معنى. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات