اشتهرت الأميركية من أصول روسية آين راند المولودة عام 1905والمتوفية عام 1982 كفيلسوفة مدافعة عن الليبيرالية، وعن الملكية الخاصة، وعن العدالة الاجتماعية وذلك من خلال كتابها: "فضيلة الأنانية". كما اشتهرت أيضا كروائية قديرة ذات أسلوب بديع، وخيال جامح. وبفضل روايتها التي حملت عنوان: Atlas shrugged، أصبحت أيقونة في الولايات المتحدة الأميركية.
وفي التسعينات من القرن الماضي، صُنِّفَت هذه الرواية الأكثر قراءة بعد الانجيل. وتروي هذه الرواية قصة عالم يتوقف فيه المنتجون عن الإنتاج، ويُضربون عن العمل لتنتشر الفوضى في كل مكان، ويفقد الناس الصواب. وقد أثارت هذه الرواية اعجاب القراء من كل الفئات الاجتماعية، الأغنياء كما الفقراء، المحافظون الرجعيون كما اليساريون التقدميون. وخلال هذا الربيع احتفت الصحف الفرنسية بترجمة روايتها الأولى: "نحن الأحياء" إلى الفرنسية"، معتبرة ذلك حدثًا ثقافيًا في غاية الأهمية.
وقد ولدت آين راند في مدينة سانت-بطرسبورغ عام1905. وهي تنتمي إلى عائلة يهودية من البورجوازية الصغيرة. وكانت في الثانية عشرة من عمرها لما اندلعت الثورة البلشفية التي أطاحت بالنظام القيصري. إلاّ أن الفتاة الصغيرة عاشت تلك الثورة التي اهتز لها العالم بأسره كما لو أنها كابوس مريع. وباسم صراع الطبقات، قام البلاشفة بغلق الصيدلية التي كانت على ملك والدها لتعيش العائلة الفقر والخصاصة. وفي عام1921 انتسبت إلى جامعة بيتروغراد إلاّ انها سرعان ما فصلت منها باعتبارها "عنصرا اجتماعيا غير مرغوب فيه". وفي عام1924، تمكنت من الحصول على جواز سفر، وانطلقت إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة السينما إلاّ أنها لم تعد منها أبدا.
و"نحن الأحياء" هي أول رواية لها. وقد صدرت عام1935 في زمن الرئيس روزفلت والأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة التي كانت سببا في انتشار الأفكار الاشتراكية والشيوعية بين الطبقات الفقيرة. لذلك واجهت آين راند صعوبات في نشر روايتها التي لم تحصل على قبول القراء في البداية. وكان عليها أن تنتظر حلول عقد الخمسينات، وظهور الحرب الباردة لتحصل روايتها المذكورة على شهرة واسعة حيث بيع منها ثلاث ملايين نسخة.
وتروي الرواية قصة ثلاثة من الشبان الروس في العشرينات من القرن الماضي، أي فترة الغليان الثوري، واشتداد الصراع بين البيض والبلاشفة. وهؤلاء الشبان هم: كيرا، الشابة البورجوازية الطموحة التي يقوم البلاشفة بمصادرة المصنع الذي تملكه عائلتها، وليو، وهو ابن أرستقراطي مسكون بالعدمية والقلق الوجودي، وأندري، وهو شاب بروليتاري، متحمس للثورة، وبارد المشاعر، لكنه يتراجع عن قناعاته الثورية تحت تأثير الحب.
من خلال هؤلاء الشبان الثلاثة، نحن نتعرف على أوضاع سانت -بطرسبورغ التي ستصبح بيتروغراد بعد الثورة البلشفية، ثم لينينغراد بعد موت لينين. وبدقة تصف لنا آين راد صراع الناس من أجل البقاء على قيد الحياة. ويوميا هم يتقاتلون للحصول على الخبز، أو على القهوة، أو على الزيت. كما تدين الرواية عنف البلاشفة، وطرقهم السيئة في التعامل مع الشعب، بمن في ذلك الفقراء الذين يزعمون أنهم يدافعون عنهم. وفي الرواية أفكار فلسفية تخص صراع الفرد ضد نظام شمولي يرغب في ابتلاعه، ونفي فردانيته ليكون ضمن القطيع المطيع الذي ينقاد إلى المجزرة الكبيرة من دون أن يُبدي أيّ اعتراض على ذلك.