: آخر تحديث
"دمى فارسية" مستوحاة من قصة منفيين في فرنسا

صدى أحلام الحرية في إيران يتردد على خشبة المسرح في باريس

41
44
39

باريس: عندما كتبت عائدة أصغر زاده عام 2018 مسرحية "دمى فارسية" المستوحاة من قصة والديها المنفيين في فرنسا بسبب الثورة الإيرانية، لم تكن تتخيل أن هذا العمل سيكون له صدى خاص بعد أربع سنوات.

منذ اندلاع الاحتجاجات إثر وفاة الشابة مهسا أميني منتصف أيلول/سبتمبر أثناء اعتقالها لدى الشرطة الإيرانية بتهمة مخالفة قواعد اللباس الصارمة في البلاد، لم تعد المخرجة والمؤلفة الفرنسية الإيرانية البالغة 35 عاماً، تنظر بالطريقة نفسها إلى مسرحيتها التي حققت نجاحاً في مهرجان "أوف أفينيون" الفرنسي خلال الصيف الفائت، وتُعرض حالياً على خشبة "تياتر دي بيلييه باريزيان" في العاصمة الفرنسية.

تحمل مسرحية "الدمى الفارسية" توقيع المخرج ريجيس فاليه، وهي مستوحاة من قصة والدي عائدة أصغر زاده اللذين كانا ملتزمين سياسياً ضد الشاه محمد رضا بهلوي، قبل الفرار من البلاد عقب الثورة الإسلامية.

وتشكّل المسرحية قصة فشل، لكنها أيضاً تكريم لوالدي أصغر زاده. وتقول الكاتبة المولودة في فرنسا لوكالة فرانس برس "أكبر مصدر أسف لهما هو أنهما أرادا شيئاً ولم ينجحا في الحصول عليه، أو حصلا على ما هو أسوأ. لقد عاشا شكلاً من أشكال العار لفترة طويلة".

وتضيف "عندما كنت صغيرة، أتذكر أنني لم أفهم سبب استمرار والديّ في قول (فشلنا)؛ لم يشرحا لي ذلك".

قصة مختلفة قليلاً

في المسرحية، تتخيل أصغر زاده قصة مختلفة قليلاً، عن اثنين من الأزواج الجامعيين يتوقان إلى تغيير النظام في السبعينيات. وينتهي الأمر بزوجين من هؤلاء إلى الانفصال بصورة قسرية، مع زج الرجل في السجن لسنوات، وهروب زوجته إلى فرنسا مع ابنتها وابنة صديقة تربيها على أنها ابنتها. تتوالى المشاهد الواحد تلو الآخر مع ذكريات من الماضي بين إيران في ذلك الوقت وفرنسا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وتقول المؤلفة التي يزخر سجلها بأعمال كثيرة بينها "La Main de Leila" التي شاركت في كتابتها ورُشحت لجوائز موليير، أبرز المكافآت المسرحية في فرنسا، "عندما قرأ والداي النص لأول مرة، شعرا بأنه بعيد منهما، شكّل ذلك صدمة لهما في مكان ما وكانا بحاجة إلى تلقفه".

وتضيف "ثم عندما شاهدا العمل لأول مرة على خشبة المسرح، تأثرا بشدة ... لم أر والدي يوماً من قبل يبكي بهذه الطريقة، لقد غاصا مجدداً في الذكريات".

في إيران، كان والدها مطلوباً للسلطات، وكان يغير مكان سكنه باستمرار. ونجح مع والدتها في الفرار بصعوبة عبر محافظة كردستان الإيرانية بفضل مهرّب. وتقول "لقد ترددا في اصطحاب أختي، التي كانت تبلغ آنذاك أربع سنوات، وكانا مقتنعين بأنهما سيعودان بعد بضعة أسابيع".

وتوضح أصغر زاده "عندما شاهدَت والدتي المسرحية مجدداً، أخبرتني أنها شعرت كما لو أن العمل قد نظف العار، بما يشبه التنفيس الوجداني".

تأثر وافتخار

تؤدي عائدة أصغر زاده نفسها شخصيتين، إحداهما قريبة من شخصية والدتها، وهي مدرّسة ظهرت في البداية مكشوفة الذراعين، قبل أن تضع الحجاب.

وتقول أصغر زاده "يفاجَأ الجمهور على الفور بهذا الاختلاف الذي يلخص ما يحصل اليوم: تتظاهر النساء من أجل حرية اختيار ارتداء الحجاب أو عدمه من دون أي فرض".

وتبدي تأثرها وافتخارها بهذه الفئة السكانية التي "تجازف بحياتها كل يوم"، وتؤكد، رغم "الخوف من فشل جديد"، أن لديها أملا لأنّ "هذه الثورة تأخذ أبعاداً أكبر من تلك التي سبقتها".

وتقول إنها كانت على علاقة "مضطربة" مع إيران خلال طفولتها.

وتوضح "عندما كنت في المدرسة، أردت أن أكون فرنسية، رغم أني كنت أتحدث الفارسية ؛ في ما بعد، عندما أدركت ما حدث لوالدي، شعرت بالخجل من الشعور بالخجل".

وتختم قائلة "بهذه المسرحية أشعر بأني إيرانية أكثر من أي وقت مضى، كما لو أني أخت هاتيك النساء" المتظاهرات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات