يتناول كتاب "العالم انقسم إلى شطرين" أربعة كتّاب هم إليوت وفرجينيا وولف وإي. أم فورستر ودي. إتش لورنس، وكيف استقبلوا يائسين وقانطين عام 1922، الذي شهد نشر يوليسيس والأرض اليباب وغرفة جاكوب.
إيلاف: شهد عام 1922، الذي كان عامًا استثنائيًا في تاريخ الحداثة الأدبية نشر رواية جيمس جويس "يوليسيس" وقصيدة تي. إس. أليوت "الأرض اليباب"، وإنجاز فرجينيا وولف روايتها "مسز دالواي"، وصدور الترجمة الانكليزية لعمل مارسيل بروست "البحث عن الزمن الضائع" (توفي بروست في العام نفسه).
قفلة الكتاب
يروي كتاب بيل غولدستين "العالم انشطر إلى قسمين" The World Broke in Tow، (منشورات دار بلومزبري) يروي قصة عام 1922 بتركيزه على أربعة كتّاب، هم أليوت وولف وإي. أم. فورستر ودي. إتش لورنس. وكانوا أربعتهم بدأوا العام محبطين أو يائسين مستائين من إنجازاتهم، غير واثقين من الاتجاه التالي.
الخبرة التي يشترك بها الأربعة هي خبرة صراع للتغلب على تعطل قريحتهم أو ما تُسمّى "قفلة الكاتب" writer’s block. ويكتب غولدستين أن كلًا من الأربعة شعر بالعجز عن إيجاد الكلمات التي يبحث عنها.
يُلاحظ أن فورستر أُلحق بجماعة بلومزبري الحداثية، رغم أنه لم يكن من المجددين الراديكاليين. لكنه هو أيضًا أُصيب بقفلة الكاتب، ولم يصدر له عمل منذ رواية "هاوردز إيند"، التي نُشرت عام 1910. على النقيض منه، فإن لورنس كان راديكاليًا، ولكن في اختيار موضوع مادته، وليس بتجريب شكل جديد في الكتابة. وإذ اختار لورنس العزلة، فإنه رفض الانتماء إلى أي حركة أو مجموعة.
أمراض عصبية وكآبة
في فصل بعد آخر يتنقل غولدستاين بين حيوات الكتاب الأربعة مسجلًا معاناتهم مع "الانهيارات العصبية والأمراض المزمنة والوحدة الموحشة والعزلة والكآبة". وكان وباء الأنفلونزا اجتاح بريطانيا وقتذاك، حاصدًا آلاف الأرواح.
إليوت أخذ أجازة لمدة ثلاثة أشهر من عمله في بنك لويدز، بعد إصابته بانهيار عصبي. يكتب أن اختصاصيًا معروفًا في لندن أخبره أنه استنزف طاقته العصبية. في البداية سافر إليوت مع زوجته فيفيان إلى مدينة مارغيت الساحلية، حيث كتب أجزاء من "الأرض اليباب" في كوخ خشبي على البحر.
يستمر إليوت ووولف وفورستر في اللقاء مع أحدهم الآخر. وذات يوم في سبتمبر التقوا في بيت وولف الريفي لمناقشة "يوليسيس". وكان إليوت على اقتناع بأنها رواية لا تقل أهمية عن أعمال تولستوي الكبيرة، في حين كان فورستر مترددًا كعهده. وكانت وولف مأسورة وناقدة في آن واحد. ينقل غولدستاين عن وولف انتقاداتها الأولى لرواية جويس الضخمة، بما في ذلك قولها "كتاب أُمي ناقص التربية"، لكنه يتجاهل تأثير "يوليسيس" الواضح في روايتها "مسز دالواي".
جولات الحرية
وفيما كان الثلاثة يلتقون في انكلترا كان لورنس يطوف أوروبا مع زوجته فريدا باحثًا عمّا سماها "حرية عارية". انتهى به المطاف في صقلية، عسى أن تكون مكانًا أفضل للكتابة بعدما لاقت روايته "نساء عاشقات" التي نُشرت عام 1921 ردود أفعال سلبية من النقاد إلى جانب قلة مبيعاتها.
ونتابعه في سري لانكا، التي شكا من رطوبتها، ثم أستراليا، حيث تقطعت به السبل في بلدة صغيرة قرب سيدني. ومن أستراليا انتقل لورنس إلى أميركا، بدعوة من أحد المعجبين الأثرياء. ومن صحراء نيو مكسيكو كتب إلى ناشره الأميركي طالبًا نسخة من "يوليسيس"، قائلًا: "سمعتُ أنها أحدث شيء في كتابة الرواية". وصلته الرواية مع نبأ سار بأن روايته "نساء عاشقات" تلاقي رواجًا واسعًا في أميركا، بعد سقوط الدعوى المقامة ضدها بتهمة "الأدب الفاحش".
في هذه الأثناء كان فورستر في أوائل الأربعينات من العمر ما زال يعيش مع والدته متذمّرًا غير منتج بسبب استمرار "القفلة". لكنه على الأقل نجح في فقدان عذريته قبل سنوات قليلة أثناء عمله في الصليب الأحمر في مدينة الأسكندرية في مصر.
حرق محفّز
لكن السنة التي قضاها في الهند بعد مصر كانت مخيّبة للآمال وهادرة لوقته. وحين عاد إلى انكلترا عن طريق مصر في ربيع 1922 أحرق كومة ممّا سماها "كتاباتي المشينة" ظنًا منه بأن عملية الحرق ستحرره للعودة أخيرًا إلى كتابة رواية. وتمكن بالفعل من كتابة قسم كبير من روايته "ممر إلى الهند" التي نُشرت عام 1924.
فورستر المتردد الحزين غير الواثق بنفسه هو الذي تبرز صورته حية بشكل متميز في هذا الكتاب النابع من اهتمام المؤلف بالأطوار الغريبة للكتّاب الأربعة، الذين اختارهم ومواطن ضعفهم. واعتمد غولدستاين على رسائلهم ويومياتهم في محاولة للوصول إلى مشاعرهم الداخلية. على سبيل المثال نرى إليوت يماطل، ويسوّف، مترددًا في نشر "الأرض اليباب"، ويختصم مع ناشره، بحيث كاد هذا العمل الكبير ألا يرى النور.
إذا كان التاريخ الأدبي يعرف ما كان هؤلاء الكتّاب يفعلونه، فإن كتاب غولدستاين يوحي أنهم بالكاد كانوا يعرفون أنفسهم.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن "الغارديان". تجدون المادة الأصل على الرابط الآتي:
https://www.theguardian.com/books/2017/dec/21/the-world-broke-in-two-bill-goldstein-review-eliot-lawrence-forster-woolf