الرباط: تحاول الشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس في كتاباتها الشعرية استحضار ماردها العاصي، الذي لا يحضر، في طقس من طقوس الجنون الكامل، ولا يظل الصمت بطلًا للمشهد، إذ تتشكل الحروف من تلقاء ذاتها خارج المعنى المألوف لتكسر صمت عالم يحكمه الذكور.
اختيرت كرئيسة للملتقى الدولي السنوي لكاتبات المغرب كما ترومفي السنة المقبلة2018 من طرف بعض الجمعيات في المغرب والخارج.
تقول بنيس ان الشعر سلوك يومي وأنها تستوحي قصائدها من الإحساس بالغربة و مما تراه في المجتمع من ظلم و من تمييز وكذا من الحب كقيمة إنسانية ايلاقادرة على المستحيل وكذلك من أسفارها المتعددة، ففي كل سفر لا بد ان بدايتك تعود بنص أو نصين.
"ايلاف المغرب" التقت الشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس ،على هامش الملتقى الشعري "بحور الشعر" ببلدة وادي لو الساحلية شمال المغرب،وكان معها الحوار التالي:
كيف كانت بدايتك الشعرية ، ومن هم أهم الشعراء الذين تأثرت بهم؟
يقال عني شاعرة! هل أنا شاعرة أم لا؟ ليس عندي جواب ربما أكون شاعرة، البداية كانت في منتصف التسعينيات في القرن الماضي، حيث نشرت أولى محاولاتي الشعرية في المجلات والصحف اليومية آنذاك، تأثرت كثيراً بمحمود درويش في مرحلة المراهقة وبقصائد غارسيا لوركا المترجمة الى العربية. ففي الوقت الذي كنت أرى فيه زميلاتي ينشغلن في مرحلة المراهقة بأشياء أخرى كنت أنا انعزل من أجل القراءة والإلقاء الشعري ،وكنت أنشد بعض القصائد بفخر واعتزاز كأني انا من كتبتها، وبحكم أني أنثى في مجتمع يحكمه النظام الذكوري كان لابد لي ان أخضع لمسيرته التقليدية وهي الزواج المبكر والإنجاب لكني أؤمن أن من يحمل النور في أعماقه لا يمكن للجدران أن تسجنه وانطلاقاً من إيماني أني ما خلقت لأسير على هذا الصراط بقيت وفية لموهبتي الشعرية بقيت أتأرجح لسنوات مابين صوتي الداخلي وما بين قواعد المجتمع الذكوري إلى أن أصدرت ديواني الأول وهو بعنوان "لوعة الهروب" سنة 2004 ، هذا الديوان رغم بساطته إلا أنني أعتز به لأنه كان الخطوة الصحيحة من عالم يحكمه الصمت إلى عالم البوح.
حدثينا أكثر عن باكورتك الأولى؟
أذكر أنه كان عبارة عن تصفية حسابات مع كل من يهدر حقوق المرأة في البوح واتخاذالقرار لكن بعد ذلك اكتشفت ان الكتابة الشعرية أكبر من ذلك فهي بقوة الأشياء تكرمنا من الداخل تحفظنا على نسيان كل ما يحفز الذات ولهذا شيئاً فشيئا وجدتني ارتفع على هذا العالم وأبدع عالمي الخاص عبر الكتابة وبالتالي أصدرت دواوين أخرى الديوان الثاني "بين ذراعي قمر" صدر بالقاهرة سنة 2008 ،والديوان الثالث "طيف نبي" صدر ببيروت سنة 2011 رفقة ترجمة أنيقة قام بها الدكتور عبدر الرحمن طنكول، انتهاء بالديوان الأخير الذي صدر في تونس بعنوان " على حافة عمر هارب" .وكان هذا الديوان محظوظاً حيث تمت ترجمته إلى اللغة الاسبانية، وعرض في معرض بنما الدولي للنشر والكتاب في اغسطس 2016.
ألا ترين أن كتاباتك الشعرية تحمل بعضاً من التشاؤم؟
الكتابة الأدبية عموماً لها قراءات متعددة وهنا تكمن قيمة الأدب بتعدد قراءاته.
من أين تستلهمين كتاباتك الشعرية؟
استوحي قصائدي من الإحساس بالغربة مما أراه في مجتمعي من ظلم من تمييز. ايضاً استوحي قصائدي من الحب كقيمة إنسانية قادرة على المستحيل .ايضاً استوحي قصائدي من اسفاري المتعددة ففي كل سفر لا بد ان اعود بنص او نصين. ايضاً الإحساس بالنواة وهنا أعود إلى الشاعرة اليونانية التي عاشت قبل الميلاد وكان إحساسها القوي بالنواة قادها إلى الشعر، أرى أن هناك تشابه بيني وبين هذه الشاعرة من هذا الجانب كما أني أرى أن الشعر لا يختصر فقط على صناعة الكلمات على البياض وَلَكِن الشعر سلوك يومي، قد أرتشف فنجان قهوة الصباح وأشعر بكتابة قصيدة أو أشعر أن الشعر يناديني بمعنى الشعر ليس فقط على الورق ولكن في أمور عديدة نعيشها بشكل يومي . وفي اعتقادي أن أصدق الشعراء من استطاع أن يقرب حياته اليومية من الشعر ومن القصيدة.
تم اختيارك رئيسة للملتقى الدولي السنوي لكاتبات المغرب في 2018 من طرف بعض الجمعيات في المغرب والخارج.الى ماذا تطمحين من خلال هذه المهمة؟ وما هي أنشطة الملتقى المستقبلية؟
أحلم أن ينجح الملتقى بجهود الجميع، كما اشتغل على ديوان شعري جَديد، مضمونه الخروج من الحياة والدخول في عوالم الخيال، وهنا أقصد الواقع اليومي والدخول في عوالم الشعر بشكل قطعي ، عوالم النقاء والصفاء والطهرانية الداخلية، و أن أعيش ما أشعر به.
الملتقى سيحمل اسم فاطمة المرنيسي ،وتأسس في البيرو على يد الكاتبة البيروفية إليزابيث الطاميرانو ،وانتقل بعد ذلك إلى مجموعة من دول أميركا اللاتينية( البرازيل والتشيلي )،وأيضاً انتقل الى أميركا وإسبانيا ولأول مرة ينتقل الى العالم العربي وافريقيا لهذا سيكون بمثابة حدث ثقافي كبير سيعيشه المغرب ، وستشارك فيه أزيد من مائة شاعرة.