: آخر تحديث

الشرع في البيت الأبيض... لا شيء مجانياً

2
2
3

مع دخول الرئيس السوري أحمد الشرع البيت الأبيض يوم الاثنين، يتوقع على نطاق واسع أن تكون دمشق قد دخلت نادي الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل.
لا شيء مجانياً في زمن الرئيس دونالد ترامب.

لعقود مضت كان نظام الأسدين يقوم على استثمار التناقضات: القيام بمهام شرطي الحدود لإسرائيل، وفتح سوريا ومدنها ومؤسساتها أمام إيران وبقية فصائل المحور.

أدرك الشرع من أين يؤكل كتف الصمود الإقليمي، فكان أن أعاد تصويب بوصلة العلاقة مع إسرائيل. قطع شعرة معاوية مع إيران، وكرر مراراً عبارته الشهيرة: "سوريا لا تشكل خطراً على إسرائيل"، وذهب سريعاً إلى حيث الغرف التي لم تعد مغلقة ليعلن عن التوصل إلى ترتيبات أمنية مع تل أبيب.

ما تحتاجه واشنطن من سوريا الجديدة في مراحله الأخيرة هو ممراً سورياً لمشروع الشرق الأوسط الجديد مدعّماً بقواعد عسكرية. أما ما تحتاجه دمشق أحمد الشرع من الولايات المتحدة فيكاد لم يتبلور بعد. هضبة الجولان أصبحت خارج إطار التفاوض، والجنوب السوري في حالة انفصال، وشرق وشمال شرق البلاد لا يزال في حمى دويلة "قسد"، والساحل السوري على فوهة بركان غضب انفصالي. أما المعضلة الكبرى فتكمن في معركة قائد "هيئة تحرير الشام" مع رفاق درب الجهاد والتحرير الذين قدموا من كافة أصقاع الأرض وينتشرون مدججين بأفكار تكفيرية في معظم المناطق والأقاليم السورية.

بدخوله نادي الاتفاقات الإبراهيمية يضمن الرئيس الشرع صلابة ومركزية القرار السيادي لسوريا الجديدة، لكنه بالتأكيد لا يضمن الآتي على جنح المتغيرات الداخلية.

في الثاني والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ظهر أول تصدع بين قوات الأمن العام السورية والمقاتلين الأجانب في بلدة حارم شمالي إدلب، واندلعت اشتباكات مع ما يعرف بـ"فرقة الغرباء" التي ينتمي إليها مئات المقاتلين الفرنسيين من أصول إفريقية. ويقول سلطان كنج، الكاتب السوري المتخصص بشؤون الفصائل (صحيفة الشرق الأوسط)، إن المعركة انتهت بعقد لقاء مصالحة بوساطة من قادة الفصائل من الأوزبك والطاجيك والتركستان.

يتمسك مقاتلو الفصائل غير السوريين بلقب "المهاجرين"، فيما تصفهم السلطة بـ"الأجانب"، والمصطلح الأخير ينتزع عنهم الشرعية التي خوّلتهم للاندماج وتولي المسؤوليات الأمنية الرسمية. ولم يعد سراً أن ثمة خلافاً أيديولوجياً عميقاً حول عملية بناء الدولة الجديدة وهويتها، حتى إن البعض يرى أن أي اتفاق مع إسرائيل قد يكسر عصا الطاعة.

مع حلول الاثنين، موعد القمة الأميركية السورية، يتوقع أن يكون الشرع قد دفع فاتورة الدخول إلى المكتب البيضاوي. ومن حقه وحق السوريين وحق دول الجوار أن يستوضحوا: أي سوريا بانتظارنا؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.